ازدهار عمل المدونين في مجال الموضة

أهمية المدون تأتي من استقلاله وعدم ارتباطه بجهة معينة

ستيفاني دولغوف صاحبة مدونة «فورمرلي هوت» تستعد لإصدار كتاب حول عملها («نيويورك تايمز»)
TT

كانت كالا ليندسي، صاحبة مدونة عن الموضة تحمل اسم «سوسي جلوسي» وتبلغ من العمر 27 عاما، تجلس بعد الظهيرة في مقهى «ميدتاون» حين قالت: «يجب على المرء أن يعمل ويجني المال». ربما تكون هذه العبارة في غاية البساطة بالنسبة لأي صاحب مهنة أخرى، ولكن الأمر يختلف بالنسبة للمدونين في مجال الموضة والأزياء من أمثال كالا، لأنه ليس بالضرورة أن تحصل على مقابل لعملك في هذا المجال.

بدأت كالا مدونتها منذ عامين وقامت بعرض بعض الصور لها وهي ترتدي ملابس من ماركات رخيصة الثمن أو ما وصفتها هي بأنها «إبداع يناسب ميزانية بنت على أرض الواقع»، وبعد ذلك طلبت عدة ماركات شهيرة من كالا أن تقوم بعرض الأزياء لها أو تصميم بعض الأعمال أو استضافة بعض الأحداث، ولكن من دون أجر.

وقالت كالا: «أي شخص يقدم خدمة يجب أن يحصل على مقابل. ولكنني كنت خائفة للغاية من أن أتحدث عن المال لأنني لم أكن أريد تدمير أي علاقات».

وخلال الوقت الحالي، وجدت كالا من يتحدث بالنيابة عنها. وفي العام الماضي، قامت كالا بتوقيع عقد مع وكالة جديدة في نيويورك باسم «وكالة مصممي العلامات التجارية الرقمية» التي تمثل مدوني الأزياء والموضة وتعقد صفقات سمسرة مع بيوت الأزياء وتوقع عقودا مع المعلنين، وتقوم في بعض الحالات بحجز إعلانات تلفزيونية مربحة. وقالت كالا: «لو قام شخص آخر بالدخول في المفاوضات، فسوف يتفرغ المرء للقيام بأشياء رائعة».

إن ظهور الوكلاء المتخصصين في مدوني الأزياء يدل على التأثير الكبير الذي حققته المدونات. وبمجرد أن ينضج مدونو الموضة ويتحولوا من مجرد هواة مهووسين بالأزياء إلى مصممي أزياء أو مسوقين أذكياء يمكنهم الحصول على مقابل يصل إلى آلاف أو عشرات الآلاف من الجنيهات. وخلال فصل الربيع الحالي، وقعت مدونة «بريانبوي» الشهيرة عقدا مع «وكالة الفنانين المبدعين»، وهي شركة تتخذ من هوليوود مقرا لها وتشتهر بأنها تقدم تصميمات الموضة لممثلين كبار مثل جورج كلوني.

ومن جانبها، تحاول «وكالة مصممي العلامات التجارية الرقمية» وضع المدونين في نفس فئة المصممين وفناني الماكياج والمصورين. وقالت كارين روبينوفيتش، التي أنشأت الوكالة في شهر أغسطس (آب) 2010 مع كيندرا براكين فيرغسون وهي المدير السابق لمؤسسة رالف لورين لوسائل الإعلام الرقمية: «المدونون ليسوا مجرد أناس يجلسون في غرفة وينكبّون على البيانات الصحافية. سوف يكون لهم تأثير كبير على هذه الصناعة في المستقبل».

وتعمل هذه الوكالة، التي تمثل نحو 50 مدونا يقومون بنشر مواقع مثل «غلاموراي» و«باج سنوب»، من مكتب صغير في حي تشيلسي في مانهاتن. ومثلها مثل أي وكالة موهوبة، تستقطع جزءا من أرباح عملائها، وتصل هذه النسبة في هذه الحالة إلى 15 في المائة.

وقبل إنشاء هذه الوكالة، لم تكن روبينوفيتش (39عاما) تملك أي خبرة في هذا المجال، حيث كانت تعمل ككاتبة مستقلة لسنوات عديدة (عملت لفترة وجيزة لصحيفة «نيويورك تايمز»)، وهي صاحبة كتاب «كيف تصبح مشهورا في أسبوعين أو أقل».

ومع ذلك، يقول عملاؤها، ومعظمهم من الشباب والنساء، إنها مطلعة بشكل جيد على وسائل الإعلام الاجتماعية. وقالت كيلي فراميل (28 عاما)، تعيش في منطقة وليامزبرغ في بروكلين، وأنشأت مدونة خاصة بها باسم «ذي غلاموراي» قبل 3 سنوات أثناء عملها كمصممة أزياء مع المصمم الهندي الشهير نعيم خان: «تتمتع كارين بقدرة كبيرة على إقامة علاقات مع شركات الموضة والعلامات التجارية التي تحبها».

في الواقع، تعرض المدونة نمط شخصية كارين ومظهرها الرائع وحياتها التي تبحث عن كل ما هو جديد في عالم الموضة والأزياء. ومنذ توقيعها على عقد مع الوكالة، تم تعيينها من قبل مؤسسة «لوريال» الشهيرة لكي تقوم بتصميم منتجات مستوحاة من عطر رالف لورين، كما قامت بتصميم شفرة حلاقة لشركة «شيك» وسوف تطرح في الأسواق العام المقبل.

وقالت كالا: «كنت أجلس مع كارين قبل عام تقريبا، ولم أرها منذ ذلك الحين، وقالت لي: ما هو مشروع أحلامك؟ وقلت لها: أريد أن أعمل في البرنامج التجاري لمتاجر (تي كيه ماكس)». وبالفعل، تقوم كالا حاليا ببطولة إعلان تلفزيوني لمتاجر «تي كيه ماكس»، وتقوم فيه بتجسيد شخصية «ماكسينيستا»، وتظهر كالا في الإعلان وهي تقدم نصائح عن التسوق على المدونة الخاصة بها. ورفضت كالا الإفصاح عن المقابل المادي الذي حصلت عليه من هذا الإعلان، ولكنها أضافت: «إنه على الأرجح نفس المقابل الذي يحصل عليه أي شخص يقوم بعمل إعلان. أنا لا أعتقد أنهم قالوا لأنفسهم: أوه، سوف نتعاقد مع مدون بثمن بخس».

وحتى وقت قريب، كان المدونون يتقاضون أجورهم بأن يحصلوا على منتجات مجانية، في حالة حصولهم على أجر من الأساس، ولكن بدأ هذا يتغير بعد تزايد تأثيرهم. والآن أصبح مدونو الموضة لهم دور في تحديد شكل المنتج الذي سوف يشتريه المستهلك، على حد قول ألكسيس بورخيس، وهو مدير وكالة «نكست موديل ماندجمنت».

ويذكر أن وكالة «نكست» قد وقعت عقودا مع 11 مدونا، بما في ذلك رومي نيلي، وهي صاحبة مدونة «فاشونتوست»، بالإضافة إلى عارضات الأزياء التقليديات الموجودات من الأساس. وقال بورخيس: «إننا نتعامل مع المدونين على أنهم هم الجيل القادم من الناس الذين سيتم الاعتماد عليهم في الإعلانات». وفي واقع الأمر، لن يقتصر دور مدوني الموضة على الإعلانات فحسب، حيث يمكنهم كسب المال عن طريق كتابة التدوينات وبيع مساحات إعلانية على مواقعهم، كما يمكنهم العمل كسفراء للعلامات التجارية.

وفي الواقع، يبدو أن كافة العلامات التجارية في عالم الموضة قد أصبحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمدونين هذه الأيام، بما في ذلك العلامات التجارية الشهيرة مثل «جاب» و«دي كيه إن واي» (التي استعانت بالمدون جيمي بيك للدعاية لمنتجاتها)، و«صانغلاس هوت» (التي نظمت مسابقة لإحدى المدونين وروجت لها بقوة).

ومع ذلك، لا تزال عملية اختيار الفرص تمثل مشكلة كبيرة للمدونين الذين من الممكن أن يتعرضوا للاستهلاك بسرعة كبيرة نتيجة ظهورهم بشكل مكثف، مع الوضع في الاعتبار أن أهمية المدون تأتي من استقلاله وعدم ارتباطه بجهة معينة. وعن ذلك تقول فراميل التي صرحت بأنها قد رفضت «عقدا مغريا» لأن الشركة مقدمة العقد أرادت أن تملي عليها ما ستكتبه على مدونتها: «لدي مسؤولية تجاه قرائي وهي أن كل ما أقوم بنشره، حتى عندما أعمل مع شركة معينة، هو حقيقي ويعبر عما أشعر به».

وفي ضوء هذا المشهد الجديد، يتعين على المدونين الاستعانة بوكلاء حتى يتجنبوا الوقوع في تلك المشكلات. ومع ذلك، يمكن للمدونين تسويق أنفسهم من خلال التوقيع لإحدى الوكالات مثل «وكالة مصممي العلامات التجارية الرقمية». وعلى الجانب الآخر، يفضل بعض المدونين أن يعملوا من دون الاستعانة بوكلاء. وتقول ريبيكا ستايس (24 عاما)، وهي صاحبة مدونة «كلوث هورس» التي تقوم من خلالها بعرض صور لها وهي في أماكن خاصة بالرعاة في ولاية فيرجينيا، إنها تفضل الاستقلال في العمل وأن تعمل بمفردها. وقالت إنها تعرف المدونين الذين يتم تمثيلهم من قبل وكيل واحد أو شبكة واحدة لأنهم يقومون جميعا «بنشر إعلان عن جوائز مالية في الوقت نفسه تقريبا».

وقال يولي زيف، الذي أسس شبكة «ستايل كوليكشن» التي تضم المدونين الذين وقعوا لعمل إعلانات لمجلة «إيلي»، إن المدون يتعلم عندما يقوم هو بتمثيل نفسه بدلا من أن يستعين بوكيل، وأضاف: «بصراحة، أعتقد أن هناك عددا قليلا من الناس في هذه المرحلة يمكنهم الاستعانة بوكيل، لأن هذه الصناعة لا تزال في مهدها». ومن الجدير بالذكر أن زيف قام في الآونة الأخيرة بنشر كتاب يوجه نصائح للمدونين بعنوان «انتقل بمدونتك إلى الصف الأمامي». في الواقع، تفضل بعض شركات الأزياء التعامل مع المدونين مباشرة وليس من خلال وكلائهم. وقالت براكن فيرغسون: «من وجهة نظر شركات الأزياء، يكون الأمر مقلقا للغاية عندما يطلب المدون الحصول على مقابل». وعلى الطرف الآخر، يرى المدونون أنهم يستحقون هذا المقابل. وفي شهر فبراير (شباط) الماضي، قالت ماتشالا رايت، وهي خبيرة استشارية في التسويق الرقمي في لوس أنجليس، إنها قد دعت العديد من المدونين للظهور في برنامج تجاري للموضة في لاس فيغاس يسمى «ماجيك». وقالت رايت إن الشركة الراعية كانت تقدم بدل سفر متواضعا، ولكن أحد المدونين المتعاقدين مع إحدى الوكالات كان يريد «تذكرة سفر من الدرجة الأولى، والإقامة في أحد الفنادق، و5 آلاف جنيه يوميا لمدة 3 أيام، ويوما إضافيا حتى يتعافى من الرحلة».