محتالون يستغلون اسمي «مخلوعي» الربيع العربي للنصب على المواطنين

أبرز الشخصيات سوزان مبارك وصفية فركاش القذافي.. وتحذيرات من خطورة التعامل مع تلك النوعية من الرسائل

TT

لم تقتصر ثمرات الربيع العربي على الأمور الاقتصادية والسياسية للدول التي عاصرت هذا الربيع أو الدول المعنية بالنظر إلى مستقبل هذه الدول.. ولكن تلك المكاسب تجاوزت الحدود القانونية، إذ فتحت أبوابا جديدة للرزق أمام المحتالين الدوليين الذين وجدوا ضالتهم في استغلال أسماء الشخصيات التي سقطت من فوق كراسي الحكم في تلك الدول من أجل النصب على المواطنين البسطاء.

ورغم ذيوع أساليب النصب الإلكتروني منذ مدة طويلة، فإن الكثيرين لا يزالون يقعون يوميا في أفخاخ المحتالين. وأشهر تلك الأساليب يكون عبر إرسال رسائل استغاثة أو استمالة إلى مواطنين في مختلف دول العالم تنشد مساعدتهم في تهريب مبالغ مالية ضخمة مقابل الحصول على عمولة مجزية.. وهو الأمر الذي يسيل له لعاب المتطلعين إلى الثراء السريع، غير واعين إلى الفخ المنصوب لهم، والذي يسفر عن تحويلهم لمبالغ مالية لقاء الحصول على العمولة التي لا تأتي أبدا بطبيعة الحال، بل قد تسفر العملية عن استنزاف الحساب الشخصي للضحية.

وبينما كان المحتالون يستغلون أسماء وهمية فيما مضى، وفر الربيع العربي لهم أرضية خصبة للنصب على المواطنين.. إذ إن الكثير من الشخصيات التي اعتلت سدة الحكم والمسؤولين في تلك الدول متهمين، من قبل مواطنيهم على أقل تقدير، بالتربح والحصول على أموال طائلة بغير حق طوال أعوام حكمهم، ويحاكم بعضهم بالفعل في مثل تلك الجرائم حاليا مثل عائلة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي أو عائلة الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

واستنادا على تلك الحقائق، يرسل المحتالون رسائل تحت ادعاء كونهم أحد أفراد تلك العائلات، مناشدين المتلقي مساعدتهم في تحويل أموالهم من الخارج باعتباره وسيط أمن بعيدا عن أعين الرقباء في مقابل اقتطاع مبالغ متفق عليها.

وبعد ما يتعرض إليه الرئيس السابق حسني مبارك ونجلاه من محاكمة فيما يتعلق بالتربح غير المشروع، وإخلاء سبيل زوجته سوزان ثابت سابقا فيما يتعلق باتهامها بالحصول على قصر بطريق غير مشروع، استغل أحد المحتالين اسم سوزان مبارك وأرسل رسائل باسمها إلى الملايين ممن تقع نطاقاتهم الإلكترونية بداخل العالم العربي.

ويقول المحتال على لسان سوزان: «أعاني حالة عداء وارتباك وإحباط وإذلال ويأس من جانب القيادة العسكرية المصرية الحالية».. مضيفا في محاولة لكسب مزيد من التعاطف: «كامرأة أشعر بالصدمة فلقد فقدت الثقة في الجميع في هذا البلد في هذه اللحظة». وتشير الرسالة في متنها إلى بحث سوزان (الزائفة) عن مساعدة المتلقي لإيداع أكثر من مليون دولار بأحد البنوك الخارجية.

وفي رسالة أخرى تدعي محتالة أنها زوجة العقيد الليبي الهارب معمر القذافي، وتقول إنها تمكنت من الفرار إلى تونس وتبحث يائسة عن «شريك موثوق به» من أجل تحويل 25 مليون دولار من أموال القذافي إلى الخارج. وتوضح الزوجة (المزعومة) «لقد سئمت من هذه الحروب. يموت الناس كل يوم.. أعرض 35 في المائة، وستساعدني أيضا في استثمار حصتي البالغة 65 في المائة في أي عمل تجاري مربح في بلدك. لكن إذا لم يتسن ذلك فأرجو أن تحافظ على الأموال حتى تهدأ الأوضاع».

وفي حين قال تشستر ويسنيوسكي، كبير مستشاري الأمن في شركة «سوفوس»، والتي تستخدم مرشحات معقدة للرسائل الإلكترونية غير المرغوب فيها لتحديد رسائل الاحتيال الإلكترونية: «كم الهجمات التي رصدناها من هذا النوع هائل». أشار أفي توريل، أحد العاملين بشركة «كومتاتش» لأمن الإنترنت، إلى أن «قصة حاكم مخلوع يحاول نقل الأموال خارج البلاد تبدو معقولة جدا، بالإضافة إلى ما يتعلق بالأحداث الجارية، مما يعطيها المزيد من المصداقية». وأضاف، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء، أن «هذا يتيح للمحتالين أن يقولوا شيئا جديدا، على عكس الحيل التقليدية التي ربما ألفها الناس».

من جانبه، يوضح أحمد علي، خبير الشبكات الإلكترونية، أن تلك الرسائل ربما تكون معتادة للبعض، إلا أنها لم تفقد بريقها تماما بالنسبة لكل الطامعين في الثراء السريع، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «كثيرا من أجهزة الأمن الدولية تقوم بتعقب مثل هذه الرسائل». وأضاف محذرا: «وأحيانا ما يكون مجرد التعامل الإيجابي مع تلك الرسائل نوعا من المجازفة، إذ قد تعتبره بعض الدول نوعا من الضلوع في محاولات غسيل الأموال حتى وإن لم تتم تلك الصفقات».