رانييري يستلهم روح المدرب الساحر هيريرا

لويجي جارلاندو

TT

إن الحرباء هي المرجعية الأولى لجميع مدربي كرة القدم الجيدين. فهم يواجهون العديد من المشكلات إذا لم يتمكنوا من التأقلم سريعا مع ألوان وروح البيئة التي يوجدون فيها. ويعتبر كلاوديو رانييري مدرب الإنتر أستاذا في فن التأقلم. وقد صرح رانييري عند تقديمه لجماهير اليوفي عام 2007 قائلا «سنجعل من اليوفي عروس إيطاليا من خلال الأسلوب القديم». وكان من الممكن أن يتعرض رانييري للإقالة بسبب هذه التصريحات، لكنه نجح في التواؤم والتأقلم مع اليوفي؛ وقد قطع الآن شوطا جيدا أيضا مع الإنتر. وظهر لنا ذلك بوضوح شديد خلال حديثنا معه قبل أيام في مقر جريدة «لاغازيتا». لقد حاول رافا بينيتيز أن يعلم الإنتر امتلاك الكرة على الطريقة الإسبانية واللعب بخط دفاع متقدم؛ وحاول غاسبريني تجديد الفريق بصورة أكبر، لكن كليهما باء بالفشل الذريع.

وحكى لنا رانييري بفخر كبير عن ذلك الموسم الرائع في إسبانيا الذي تمكن خلاله فريقه فالنسيا من الفوز على برشلونة 3 مرات في 3 مباريات لعبها ضده. وكان برشلونة يقوم بتمريرات وتسديدات وامتلاك الكرة بصورة أفضل. وكان هو الأفضل في كل شيء باستثناء التهديف. لكن ما جدوى امتلاك الكرة إذا كان الفريق المنافس يسجل أهدافا من الهجمات المرتدة؟ وروى لنا رانييري أيضا عن تلك المرة التي هنأ فيها غوارديولا مدرب برشلونة على قدرة فريقه على استعادة الكرة من المنافس، وأوضح له غوارديولا قائلا «إن السر يكمن في تفوقنا عند الهجوم، ولذلك فإننا نكون بالفعل أكثر عددا عندما نفقد الكرة وننجح في استعادتها». ورد عليه رانييري «جميل، لكن كم من الفرق تستطيع فعل ذلك؟». وأوضح رانييري بعد ذلك لنا الفارق التاريخي والآيديولوجي بين كرة القدم الإسبانية التي وصلت للمتعة الخالصة، وكرة القدم الإيطالية التي تهتم أكثر بالنتائج. واشتكى رانييري من إهدار الرقابة الفردية بسبب التفسير الخاطئ لطريقة دفاع المنطقة.

وعلى هذا النحو نجحنا تدريجيا في توقع شكل الإنتر الذي سيقوم رانييري ببنائه من الأنقاض في الفترة القادمة. فالفريق سوف يستعيد قوته الدفاعية من خلال تطبيق فردي أفضل وتنظيم أكثر فاعلية لخط الدفاع. ولعل ذلك ظهر بوضوح في تصريحات رانييري عندما قال «يدخل مرمانا الكثير من الأهداف». والمؤكد أن رانييري لن يلعب أبدا بخط دفاع متقدم، ولن يجعل لاعبي خط الوسط يبحثون عن الكرة بعيدا عن مراكزهم الأصلية. إن من العبث إهدار طاقة الفريق في استعراض امتلاك الكرة. وسيحاول رانييري بناء فريق متماسك وقوي يجيد الانطلاق وبناء الهجمات عن طريق انطلاقات مايكون وتوغلات شنايدر المهمة. وسيكون فريقا يعرف أنه يمتلك إمكانيات محدودة وسيستغلها في هجمات أفقية شرسة في اللحظة المناسبة. ولن يلعب رانييري بالضبط بالطريقة السلسلة الدفاعية (كاتيناتشو) والهجمات المرتدة، لكنه بتلون الحرباء سيعيد الاتصال بروح الإنتر القديمة وبتعاليم المدرب الفذ هيلينو هيريرا الذي كان تلميذا له في السابق.

وكان الساحر هيريرا قد قام أثناء قيادته لفريق روما بتحويل المهاجم رانييري إلى مدافع لعب في دوري الدرجة الأولى. وتعلم رانييري جيدا أن التقدم للأمام يحتاج دائما إلى الرجوع للخلف. وسيكون هذا هو حال الإنتر مع رانييري، فريقا متقارب الخطوط يحمي دفاعاته جيدا ثم ينطلق فجأة كزنبرك معدني. وقد تعلم رانييري من الساحر هيريرا أيضا فن الكلمة، وأصبح أستاذا في إحياء الحماس والأمل داخل النفوس. وهو يقوم في الوقت الحالي بإقناع ألفاريز المكتئب الذي سيصبح يوما ما نجما رائعا، مثلما كان يفعل هيريرا الذي كان يردد دائما للاعبه بيتشيكيلي «أنت أفضل من غارينشا». وكان ألبرتو سبيلتا زميل رانييري السابق في فريق كاتانزارو موجودا هو الآخر في مقر جريدة «لاغازيتا». وقام رانييري بتقديمه قائلا «سبيلتا، النور الأبيض». أرأيتم؟ إن كل شيء يعود إلى هناك، إلى نادي الإنتر العظيم، الآن عندما يحاول الإنتر الصغير أن يعود عظيما.