المتحدث باسم حزب طالباني: الكرد لن يغامروا بإعلان الدولة

قيادي لـ «الشرق الأوسط»: الدولة تتشكل لأسباب موضوعية وليست عاطفية

TT

في وقت تتكاثر فيه التصريحات حول تشكيل دولة كردية بإقليم كردستان العراق، ويتداول الحديث بقوة في الأوساط الشعبية بهذا الاتجاه، اعتبر قيادي كردي هذه المسألة بأنها «لا تعدو سوى محاولة من القيادة الكردية لتسويق أزماتها الداخلية، وإشغال الرأي العام الداخلي بهذه الأمور، في وقت تعرف هذه القيادة جيدا استحالة تحقيق هذا الحلم الكردي، في ظل الظروف الراهنة»، في حين اعتبر مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بكردستان من ناحيته أن «الدول تتشكل على أساس الظروف الموضوعية، وليست لأسباب عاطفية».

ويرى فريد أسسرد، وهو عضو قيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ومدير مركزه للدراسات الاستراتيجية، أن العامل الإقليمي من أهم مقومات تشكيل الدولة الكردية، مؤكدا أن «الظروف الدولية والإقليمية لا تساعد حاليا على تحقيق هذا الحلم الكردي». وقال أسسرد في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن كردستان محكومة بدول جوار تعادي بمجملها التطلعات الكردية، وإن الدعوة التي أطلقها المفكر العراقي حسن العلوي سبق أن طرحها مرة أخرى قبل خمس سنوات في أربيل أيضا، وهذه دعوة مخلصة نابعة من إيمان هذا المفكر بحق الشعب الكردي في تشكيل دولته القومية، ولكن الظروف الإقليمية والدولية لا تساعد على تحقيق هذا الحلم في الظرف الراهن، وأن ظروف كردستان تختلف تماما عن ظروف جنوب السودان وبقية الدول التي تمكنت من تشكيل كيانها المستقل، ومن دون الدعم الدولي والجوار الإقليمي لا يمكن لكردستان أن تعلن دولتها المستقلة.

واعتبر قيادي كردي، طلب عدم ذكر اسمه، أن تزايد التصريحات من مسؤولي الإقليم حول تشكيل الدولة الكردية مجرد تصريحات للاستهلاك المحلي، والهدف من إطلاقها هو إشغال الرأي العام الداخلي، وتسويق الأزمات الداخلية للإقليم إلى الخارج، وإلا فإن القيادات الكردية تدرك جميعها استحالة تحقيق هذا الحلم في ظل الظروف الراهنة.

وشارك القيادي في الاتحاد الوطني، آزاد جندياني، المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، رأي زميله في القيادة فريد أسسرد، في مقال نشره بجريدة «كورستانى نوى» اليومية الصادرة في السليمانية في عددها أمس، في حين يعتقد بأنه جاء ردا على دعوة نائب الأمين العام لحزبه كوسرت رسول علي، الذي أكد على حق الشعب الكردي في تشكيل دولته المستقلة، وقال جندياني في مقاله: «منذ إعلان البرلمان الكردستاني عام 1992 تبني النظام الفيدرالي للعراق، كان الحديث يدور دائما في الأعوام السابقة حول هذا المكسب الكبير الذي تحقق للشعب الكردي عبر برلمانه، وفي العقد الأخير كان الحديث يدور دائما حول مزايا هذا النظام، الذي اختاره الشعب الكردي لتنظيم علاقته بالحكومة المركزية والخروج من قالب الحكم الذاتي، الذي لم يكن ملبيا لحقوق الشعب الكردي كاملة، ولكن اليوم ونحن نستعيد الذكرى السنوية التاسعة عشرة لإعلان الفيدرالية، نرى أن هذه المناسبة تمر مرور الكرام في الأوساط الرسمية والشعبية، وهذا يثير الكثير من التساؤلات، فهل الكرد فقدوا إيمانهم بالنظام الفيدرالي كعقد سياسي بين كردستان وبغداد، وما البديل لذلك العقد، والأهم من ذلك؛ ألا يتحمل القادة العراقيون مسؤولية دفع الشعب الكردي إلى اليأس من تحقيق النظام الفيدرالي الحقيقي في العراق». ويشير جندياني إلى أن «الشعب الكردي المقسم على أربع دول في المنطقة يحلم منذ زمن بعيد بتشكيل دولته المستقلة، ولكن دائما كانت الأحداث متعاكسة وتقف بالمرصاد أمام تحقيق هذا الحلم، واليوم حان الوقت لنواجه القوى العراقية بعيدا عن المجاملات والوقوف أمام الكاميرات التلفزيونية، ونصارحهم القول عن أسباب تنامي هذا الشعور القومي لدى الأكراد».

ويختم القيادي في حزب طالباني مقاله بالقول: «إن الأكراد في كردستان العراق لن يغامروا بإعلان دولتهم المستقلة والانفصال عن العراق، على الرغم من أن هذا ما يحبذه الكثير من الأطراف العراقية حاليا لكي تبرر عداءها للشعب الكردي، ويفترض بالقيادات العراقية السنية والشيعية أن تنظر إلى ما يجري على ساحة المنطقة من تطورات مهمة، وأن يتفهموا هذا الوضع المستجد، وأنه لم يعد بإمكان أي منهم أن يواصل سياسات القمع ضد الشعب الكردي، لأن تعداد هذا الشعب يربو اليوم على أربعين مليون شخص».