الضرائب البريطانية لـ«الشرق الأوسط»: نحقق مع 500 حساب سويسري متهم بالتهرب الضريبي

أرسلت خطابات لأصحاب 6000 حساب آخر.. منحتهم مهلة شهر للتسوية قبل التحقيق

TT

أطلعت مصلحة الضرائب البريطانية «الشرق الأوسط» أنها بدأت تحقيقات جنائية مع أكثر من 500 شخص ومؤسسة بريطانية تتهمهم بتفادي دفع الضرائب البريطانية، مستغلين في ذلك الحسابات السرية السويسرية. وقال باتريك أوبراين كبير المتحدثين باسم مصلحة الضرائب لـ«الشرق الأوسط» إن مصلحة الضرائب البريطانية بعثت بخطابات إلى 6000 شخص من أصحاب الحسابات السويسرية لمعرفة ما إذا كانوا أفصحوا عن أرباحهم ودخلهم من هذه الحسابات إلى مصلحة الضرائب أو دفعوا عنها الضرائب.

وقال إن مصلحة الضرائب منحت أصحاب الحسابات مهلة 30 يوما للرد على التساؤلات الضريبية التي وردت في الخطابات، وإنها ستقوم بعد هذه المهلة بالتحقيق مع أصحابها. وتمنح مصلحة الضرائب بذلك الفرصة لأصحاب الحسابات السويسرية تسوية أوضاعهم الضريبية قبل توجيه الاتهام وإجراء التحقيقات. وتشمل الحسابات السويسرية المواطنين والمقيمين في بريطانيا لأغراض ضريبية من رجال الأعمال الأجانب الذين لا يحملون الجنسية البريطانية ولكنهم يخضعون للضريبة البريطانية على الدخول والأرباح.

وقال أوبراين إن مصلحة الضرائب منحت أصحاب الحسابات السويسرية المشتبه في تهربها من الضرائب ثلاثة خيارات، وهي: أولا تأكيد أن لديهم حسابات سويسرية مستحقة عليها ضرائب للحكومة البريطانية. وثانيا الإفصاح عن دخلهم وأرباحهم من هذه الحسابات الخاضعة للضرائب. وثالثا التوجه إلى مصلحة الضرائب وتسوية الضرائب المتعلقة بهذه الحسابات. وقال: «إذا تجاهل أصحاب الحسابات هذه الخطابات فقد يتعرضون للتحقيق الجنائي». وأشار في هذا الصدد إلى أن الذين يتخلفون عن الإجابة على هذه الخطابات سيتعرضون لغرامات جزائية تصل إلى ضعف المبالغ الضريبية التي كانوا سيدفعونها لمصلحة الضرائب.

وكانت الحكومة البريطانية قد وقعت اتفاقية مع الحكومة السويسرية في أغسطس (آب) الماضي لتسوية الضرائب على الحسابات البريطانية في البنوك السويسرية التي لا يدفع أصحابها ضرائب عنها لمصلحة الضرائب. ولكن الاتفاقية التي حافظت على نظام «السرية المصرفية» في سويسرا لم تنص على الكشف عن أسماء وتفاصيل أصحاب الحسابات السويسرية. وبناء على نصوص الاتفاقية تقوم الحكومة السويسرية بجمع الضرائب من البنوك السويسرية وتسليمها للحكومة البريطانية.

وسألت «الشرق الأوسط» المتحدث باسم مصلحة الضرائب أوبراين حول الكيفية التي ستعرف بها المصلحة أسماء الأشخاص أصحاب السويسرية، حيث إن الاتفاقية التي وقعتها بريطانيا مع الحكومة السويسرية لا تنص على الكشف عن الأسماء وتفاصيل أصحاب الحسابات، فقال أوبراين إن مصلحة الضرائب لديها مصادرها الخاصة في كشف أصحاب الحسابات المشتبه بتهربها عن الضرائب. وقال إن الحكومة البريطانية وفرت لمصلحة الضرائب موارد مالية قدرها 917 مليون جنيه إسترليني لملاحقة المتهربين عن دفع الضرائب، «وسيكون من الغباء لأصحاب هذه الحسابات الاعتقاد أن الضرائب لن تتعرف عليهم».

وكانت تفاصيل 24 ألف حساب سويسري قد سرقت من فرع مصرف «إتش إس بي سي» في سويسرا. وقد تسربت المعلومات التفصيلية لهذه الحسابات إلى سلطات الضرائب الأوروبية والبريطانية. وتقتصر التحقيقات التي تجريها سلطات الضرائب البريطانية على الأفراد والمؤسسات أصحاب الحسابات السويسرية ولا تشمل بنك «إتش إس بي سي» الذي أعلن تقيده بقوانين وتشريعات الضرائب في بريطانيا. وكان المتحدث باسم بنك «إتش إس بي سي» قال إن بنك «إتش إس بي سي» لا يقر عمليات تفادي الضرائب، «وإن عملاء البنك عليهم تحمل مسؤولياتهم الضريبية».

ومن المتوقع أن تجلب هذه الاتفاقية الضريبية مع سويسرا للخزينة البريطانية دخلا قدره 5 مليارات جنيه إسترليني (نحو 8 مليارات دولار) للخزينة البريطانية. ومن المتوقع أن تدفع هذه المبالغ للحكومة البريطانية في عام 2013.

وينص الاتفاق على قيام الحكومة السويسرية بجباية مبالغ الضرائب على الحسابات البريطانية في البنوك السويسرية ودفعها للحكومة البريطانية. وتبلغ نسبة الضرائب على الحسابات 34% في المتوسط من الدخل. وتبلغ نسبة الجباية التي اتفقت عليها الحكومة البريطانية نسبة 48% على أرباح الاستثمارات و27% على أرباح الدخل. وكانت الحكومة السويسرية قد منحت بريطانيا نصف مليار فرنك سويسري (384 مليون جنيه إسترليني) كمقدمة دفع وبادرة حسن نية. وسيكون مبلغ الـ5 مليارات جنيه إسترليني عبارة عن الضرائب المتراكمة على الحسابات البريطانية في بنوك سويسرا حتى نهاية العام الضريبي 2012. وينص الاتفاق على أن تقوم الحكومة السويسرية بعد هذه التسوية بجباية الضرائب على الحسابات البريطانية في سويسرا بشكل دوري بداية من عام 2013.

وبذلك يكون الاتفاق البريطاني السويسري الذي جاء بعد اتفاق شبيه مع ألمانيا قد حمى «السرية المصرفية» في سويسرا التي تمنع اطلاع أطراف أخرى على حساب العميل، إلا في الحالات الجنائية وحالات التهرب من الضرائب. ويتم ذلك بناء على طلب توافق عليه وزارة العدل السويسرية.

وانتقد خبراء ضرائب في لندن الاتفاقية، حيث قال ريتشارد ميرفي مدير وحدة أبحاث الضرائب البريطانية في تعليق بهذا الصدد: «إنه اتفاق سيئ للمملكة المتحدة وكذلك لأوروبا، حيث إن ضريبة 34% على الضرائب المتراكمة على الحسابات السويسرية أقل كثيرا من قيمة الضرائب التي سيدفعونها في بريطانيا أو الرسوم الجزائية المترتبة على تهربهم من دفع الضرائب». وأضاف أن السويسريين «لن يمرروا تفاصيل الحسابات إلى السلطات البريطانية وبالتالي لن تتمكن الحكومة البريطانية من معرفة أسماء أصحاب الحسابات. ومن هذا المنطلق أصبحت العدالة الضريبية البريطانية رهينة للسويسريين». من جانبه وصف جون كريستينين مدير مؤسسة العدالة الضريبية الاتفاقية بأنها «اتفاقية رديئة».

والاتفاقية البريطانية مع السلطات السويسرية ليست قاصرة على حسابات المواطنين البريطانيين فقط، ولكنها تشمل كذلك حسابات المقيمين في بريطانيا لأغراض ضريبية مثل رجال الأعمال والأثرياء الذين يقضون في بريطانيا مدة 183 يوما في العام.