إيران تدعو السعودية إلى التحلي بـ«المسؤولية والحكمة والحنكة» في مخطط اغتيال السفير

دعت الرياض إلى «عدم الاستعجال» في الحكم بالقضية.. وجددت اتهامها لواشنطن بمحاولة «شق الصف»

TT

تواصلت نبرة إيران «التراجعية» حيال اتهامها بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير؛ فبعد أن أعلنت، أول من أمس، عن استعدادها للتحقيق بتورط إيرانيين بالمخطط الذي كشفت عنه الولايات المتحدة، دعت طهران، أمس، السعودية إلى «عدم الاستعجال» في الحكم على القضية، والتعامل بـ«مسؤولية وحكمة وحنكة» مع تلك الاتهامات، مجددة نفيها التورط في القضية التي وضعتها على المحك مرة أخرى مع المجتمع الدولي.

كانت الجمهورية الإيرانية قد سخرت، في بادئ الأمر، من الاتهامات الأميركية لها بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي، واصفة تلك التهم بـ«السخيفة»، نافية نفيا قاطعا ضلوعها في القضية. غير أن طهران أظهرت لينا في التعامل مع القضية خلال اليومين الأخيرين مع قيام الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، برفع الملف إلى مجلس الأمن الدولي للنظر فيه بناء على طلب الولايات المتحدة والرياض.

ودعا الناطق باسم الخارجية الإيرانية، رامين مهمان باراست، أمس، دول المنطقة، خاصة السعودية، إلى عدم استعجال الأمور، وأن تتعامل مع «الادعاءات الواهية بمسؤولية وحكمة وحنكة»، مشددا على أن هذه الاتهامات «مؤامرة يراد بها تمزيق الصف الإسلامي والإخلال بالأمن والاستقرار في المنطقة».

كما دعا الولايات المتحدة إلى أن تقدم أدلتها التي تثبت «الادعاء المزيف، فلا يجوز أن تطلق الاتهامات جزافا دون دليل».

وقال مهمان باراست، في تصريحات نقلتها وكالة «مهر» للأنباء الإيرانية شبه الرسمية، أمس: إن طهران أعلنت موقفها الرسمي من تلك «الاتهامات الواهية التي لا تستند إلى دليل ولا أساس لها من الصحة».

وذكر، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن الأميركيين «يشعرون بالفشل في منطقة الشرق الأوسط ويواجهون مشكلة اقتصادية داخلية كبرى؛ لذا يحاولون التقليل من خسائرهم عبر نشر الأكاذيب للتأثير على الرأي العام العالمي». وشدد على أن بلاده «ستدافع عن حقوق شعبها بكل السبل، وهذا من أولويات عملنا».

وأضاف المتحدث: «إنه سيناريو يرمي إلى ممارسة ضغوط على شعبنا». وتابع قائلا: «إن المسألة النووية ومسألة حقوق الإنسان والاتهام الجديد (مخطط اغتيال السفير السعودي) تثبت أنهم (الغربيين) يسعون إلى هدف سياسي لفرض مزيد من الضغوط على إيران».

كان المتحدث يعلق على صدور أول تقرير لأحمد شديد، المقرر الجديد للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في إيران، الذي سيعرض اليوم في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وينتقد، بشدة، الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان من قبل النظام الإيراني.

وطلب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية من الولايات المتحدة تزويد طهران بمعلومات حول الأميركي الإيراني مسعود أرباب سيار الذي اعتقل أواخر سبتمبر (أيلول) وقد يكون في صلب القضية.

وقال المتحدث: «إذا أكد الأميركيون أن الشخص المعتقل لعلاقته بالمؤامرة لقتل السفير السعودي إيراني، فليزودونا المعلومات وليسمحوا بزيارة قنصلية له». وأضاف: «لم نتسلم أي معلومة حتى الآن».

وردت إيران الاتهامات الأميركية، معتبرة أنها خطة مختلقة لتقسيم البلدان الإسلامية، خصوصا إيران والسعودية، ولحرف الأنظار عن المشاكل السياسية الداخلية للولايات المتحدة والصعوبات التي تواجهها أيضا في المنطقة.

جاءت تعليقات المسؤول الإيراني بعد تصريحات أدلى بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مساء أول من أمس، حذر فيها من أن الولايات المتحدة تستخدم «ذريعة مخطط الاغتيال» من أجل دق «إسفين» بين إيران والسعودية.

وقال نجاد: «إن مزاعم الولايات المتحدة عن محاولة اغتيال إيرانية تشبه مزاعمها عن أسلحة الدمار الشامل التي كانت أساس غزو العراق عام 2003، وسيثبت بالمثل أنها كاذبة». وقال: «إن المؤامرة الأميركية المزعومة لقتل السفير السعودي لدى الولايات المتحدة اختلقتها واشنطن لإحداث شقاق بين طهران والرياض وصرف الأنظار عن المشكلات الاقتصادية الأميركية». وتابع أحمدي نجاد، في مقابلة مع تلفزيون «الجزيرة»، أذيعت على الهواء مباشرة: «باتهام إيران لن يتمكنوا من إنجاز أي شيء»، حسبما أوردته وكالة «رويترز». وقال: «زعمت الحكومة الأميركية فيما مضى أنه كانت توجد أسلحة دمار شامل بالعراق، وأعلنوا ذلك بقوة وعرضوا وقدموا وثائق تؤيد ذلك وقال الجميع نعم نحن نصدقكم»، وأضاف: «والآن فإن الجميع يسألهم: هل كانت تلك المزاعم صحيحة؟ هل عثروا على أي سلاح للدمار الشامل في العراق؟ إنهم اختلقوا حزمة من الأوراق. هل هذا شيء يصعب عمله؟».

وقال أحمدي نجاد: «الحقيقة ستتكشف في نهاية الأمر، ولن تكون هناك مشكلة بالنسبة لنا في ذلك الوقت».

وردا على سؤال بشأن ما إذا كان يعتقد أن الولايات المتحدة وإيران على «طريق صدام» حتمي نحو مواجهة عسكرية، رد أحمدي نجاد بالقول: «لا أعتقد ذلك. أعتقد أن هناك بعض الأشخاص في الحكومة الأميركية يريدون أن يحدث ذلك، لكني أعتقد أن هناك عقلاء في الحكومة الأميركية يعرفون أن عليهم عدم القيام بهذا».

وأضاف الرئيس الإيراني: «أميركا اليوم غير مستقرة إلى درجة أنها لن تفكر مجرد تفكير في شن هجوم على إيران».

كما دعا السعودية إلى «ألا تنخدع باستراتيجية أميركية هدفها تقسيم الخليج والسيطرة عليه». وقال: «إذا كانت الحكومة الأميركية تحسب أنها بعمل ذلك يمكنها خلق شقاق بيننا وبين السعودية فيجب أن نقول إن الحكومة الأميركية مخطئة خطأ شديدا»، وأضاف: «الحكومة الأميركية لا تهتم بإيران أو السعودية، وهم يرون مصالحهم في إيجاد نزاع بين إيران والسعودية، إنهم يريدون الهيمنة على منطقتنا».