مراقبو أوروبا يتابعون توزيع صحيفة «وول ستريت جورنال»

بعد تقارير عن تضخم مبيعاتها بشكل ملحوظ من خلال وسائل غير تقليدية

TT

صرح المراقبون البريطانيون لمبيعات صحيفة «وول ستريت جورنال» يوم الخميس أنهم بدأوا يراقبون معدل توزيع صحيفة «وول ستريت جورنال أوروبا» بعد ورود تقارير تفيد بأن مبيعات الصحيفة قد تضخمت بشكل ملحوظ من خلال وسائل غير تقليدية.

وذكر مكتب مراقبة توزيع الصحف في بريطانيا، حيث يوجد مقر الصحيفة، أنه كان يسعى إلى اتفاقية رعاية معقدة تشمل آلاف النسخ من الصحيفة وتديرها الشركة، التي أصبح مسؤول تنفيذي سابق بها شريكا في الاتفاقية الآن.

وبينما وقّع المكتب على أرقام توزيع الصحيفة للفترات موضع المراقبة، «يبدو الآن أن هناك معلومات جديدة إضافية قد تضع أسسا لمزيد من التحقيقات»، هذا ما قاله جيري رايت، كبير المسؤولين التنفيذيين للمكتب في بيان صادر عن المكتب.

وقد تطورت مراقبة توزيع صحيفة «وول ستريت جورنال أوروبا» لتتحول إلى أحدث سلسلة من المشكلات بالنسبة لشركة «نيوز كورب»، المالكة للصحيفة. وقد تورطت شركة «نيوز كورب» في فضيحة حول الأساليب التطفلية في إعداد التقارير الصحافية في صحيفة فضائح سابقة تنضوي تحت لواء شركة «نيوز كورب» في بريطانيا، وهي «نيوز أوف ذي وورلد»، التي تم إغلاقها مؤخرا من قبل الرئيس التنفيذي للشركة، روبرت مردوخ.

وفي يوم الثلاثاء استقال ناشر صحيفة «وول ستريت جورنال أوروبا»، أندرو لانغوف، بسبب تساؤلات حول الأخلاقيات الصحافية المرتبطة بصفقة تداول الصحيفة التي باتت تحت المراقبة في ما بعد، والتي شملت شركة تحمل اسم «إكسيكيوتيف لرنينغ بارتنرشيب». وقالت الصحيفة إن لانغوف قد خالف توجيهات الصحيفة بشأن الاستقلالية التحريرية، مما ألقى بمزيد من الضغط على المراسلين الصحافيين لكتابة مقالات كثيرا ما يستشهد بها موظفو شركة «إكسيكيوتيف لرنينغ بارتنرشيب»، الكائنة في أمستردام.

وتابعت صحيفة «الغارديان» البريطانية التي قد غطت فضيحة «نيوز أوف ذي وورلد» بنشاط يوم الخميس بالإشارة إلى أن مغامرات لانغوف في غرفة أخبار الصحيفة كانت مجرد جزء بسيط مما أشارت إليه باسم «غش» في معدل التوزيع.

وبموجب هذا الاتفاق تم بيع 12.000 نسخة من صحيفة «وول ستريت جورنال» الأوروبية إلى شركة «إكسيكيوتيف لرنينغ بارتنرشيب» مقابل سنت يورو للنسخة، للتوزيع بالجامعات وكليات إدارة الأعمال، بحسب صحيفة «الغارديان».

وتم بيع آلاف النسخ الأخرى إلى «رعاة» آخرين بموجب البرنامج، الذي تم التصديق عليه من قبل مكتب مراقبة توزيع الصحف البريطاني، على حد قول الصحيفة.

وعلى الرغم من أن رين فان لينت، شريك في شركة «إكسيكيوتيف ليرنينغ بارتنرشيب»، هو المدير الإداري السابق لصحيفة «وول ستريت جورنال أوروبا»، فإن العلاقة تبدو بمثابة تحول للأسوأ. وأتت الصحيفة بترتيب جديد حولت فيه مدفوعات الـ12.000 نسخة مجددا إلى الشركة عبر أطراف ثالثة، شراء الصحف بأموال مبيعات صحيفة «وول ستريت جورنال»، مثلما أشارت صحيفة «الغارديان».

واتخذت «داو جونز»، وحدة «نيوز كورب» التي تنشر الصحيفة، رد فعل غاضبا تجاه التقرير، قائلة في بيان إنه كان «متخما بالأكاذيب والتفسيرات المعيبة».

«تقاعد أندرو لانغوف بسبب انتهاك مبادئ النزاهة الصحافية، لا بسبب برامج توزيع الصحيفة، التي صدق على نسخها مكتب مراقبة توزيع الصحف البريطاني»، هكذا قالت «داو جونز».

وكانت المدفوعات المقدمة لشركة «إكسيكيوتيف ليرنينغ بارتنرشيب» (إي إل بي)، مع كونها «معقدة باعتراف الجميع»، «للخدمات القانونية المقدمة» بحسب قول «داو جونز». وأضافت: «مثلما ذكرنا، في الوقت الذي كانت فيه النسخ المرتبطة بشركة (إي إل بي) قانونية ومناسبة، لم تكن متوافقة مع مظهر البرامج، ولم تعد مرتبطة بأي من الأطراف الأخرى المشاركة بشكل مباشر في هذه الترتيبات».

وأضافت «داو جونز» أن صحيفة «الغارديان» لم تكن دقيقة في الإشارة إلى المصدر الرئيسي لخبرها بأنه «أحد المبلغين عن مخالفات العمل». قالت «داو جونز»: «في حقيقة الأمر كان هذا الموظف هو أول شخص تجري معه الشركة تحقيقات بسبب المخاوف المرتبطة بمعاملاته التجارية». وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال»، في الخبر الذي نشرته عن هذا الموضوع، إلى موظف سابق بقسم التوزيع هو غيرت فان مول، الذي تم إلغاء وظيفته هذا العام نظرا لأن فان دول، متعهد اتفاقية الرعاية، لم يقُم بالرد على المكالمات الهاتفية أو رسائل البريد الإلكتروني.

وفي رسالة بريد إلكتروني شكك نيك فان هيك، شريك في شركة «إكسيكيوتيف ليرنينغ» أيضا في تناول صحيفة «الغارديان» للأحداث، قائلا إن الخبر بدا مشوها بفعل «ديناميكيات العمل الداخلية» في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأوروبية ومناخ التحقيقات الحالي المحيط بالمؤسسات التابعة لشركة «نيوز كورب».

وكانت المدفوعات المقدمة من صحيفة «وول ستريت جورنال» لشركة «إكسيكيوتيف ليرنينغ»، من بينها تلك المقدمة من قبل أطراف أخرى، لحساب خدمات قدمت بشكل مرتبط بأحداث نظمتها صحيفة «وول ستريت جورنال» وشركة «إكسيكيوتيف لرنينغ»، على حد قول فان هيك.

وقال فان هيك: «أي إشارة إلى أن شركة (إي إل بي) كانت مشاركة في مخطط لدعم توزيع صحيفة (وول ستريت جورنال أوروبا) ليست معتمدة على حقائق، وليست متوافقة مع المعايير الأخلاقية لشركة (إكسيكيوتيف لرنينغ بارتنرشيب) ولا تدعمها المراجعة الدقيقة من قبل مكتب مراقبة توزيع الصحف».

ودعمت صحيفة «الغارديان» خبرها. جاء في صحيفة «الغارديان»: «ليس متخما بالأكاذيب والتفسيرات المعيبة، وفي سلسلة طويلة من الاتصالات الهاتفية قبل النشر، التي قمنا خلالها بتقديم الخبر لهم بمزيد من التفاصيل، عجزت (داو جونز) عن دحض حقيقة واحدة».

تعتبر النسخ مخفضة الأسعار، التي عادة ما تقدم لخطوط الطيران أو الفنادق، شائعة في مجال الصحافة، فهي تمثل أكثر من نصف معدل توزيع صحيفة «إنترناشيونال هيرالد تريبيون»، النسخة العالمية من صحيفة «نيويورك تايمز»، على سبيل المثال. لكن يبدو أن صحيفة «وول ستريت جورنال» كانت تعتمد بشكل خاص وبدرجة كبيرة على ما يعرف بصفقات الجملة.

وتشير شهادة مراجعة حسابات الصحيفة إلى أنه قد وزعت نحو 74.800 نسخة منها في الأشهر الستة بدءا من 30 يونيو (حزيران). ومن بين إجمالي هذه النسخ شمل أكثر من 53.000 نسخة مباعة بتخفيض بالجملة أو مجانية. وتم بيع نحو 26.000 نسخة من هذه النسخ بنسبة تقل عن 5 في المائة من سعر التغطية، بحسب الوثيقة.

أحيانا ما استنكر المعلنون التوزيع بالجملة، معتبرين القراء الذين يحصلون على نسخ مجانية ليسوا قراء منتظمين مثل هؤلاء الذين يشترون الصحيفة بشكل معتاد. وقد ذكرت بعض الصحف البريطانية، مثل «الغارديان» و«التايمز»، التي تملكها شركة «نيوز كورب» أيضا أنها بدأت تخفض مبيعات الجملة للصحف.

غير أن زيادة عدد الصحف المجانية وتداول محتوى الأخبار عبر الوسائط الرقمية، حيث عادة ما تتاح مجانا، قد أزال الفروق بين معدل توزيع الصحف التي تدفع تكلفتها بالكامل والموزعة بالجملة، وفقا لما قالته فانيسا كليفورد، رئيس قسم الصحافة بشركة «مايند شير»، شركة خدمات التسويق والإعلان الكائنة في لندن.

وقالت: «سيكون من المخيف القول إن التوزيع بالجملة سيئ»، واستكملت قائلة: «الحقيقة هي أنه إذا كنت على متن طائرة فمن المحتمل أن تقضي وقتا أطول في قراءة تلك الصحيفة عن بعض الناس الذين يدفعون أموالا مقابل الحصول على نسخة من الصحيفة».

وذكر مكتب مراقبة توزيع الصحف البريطاني أنه في الوقت الذي صدق فيه في البداية على الاتفاق مع شركة «إكسيكيوتيف لرنينغ بارتنرشيب» ورعاة آخرين ببرنامج التعليم، «مؤخرا، أعدنا مراجعة المخطط اعتمادا على بعض الأدلة الجديدة المتوفرة لدينا».

وأشار المكتب إلى أنه في حالة وجود جوانب مخالفة للقواعد سيتم نشرها، وفي حالة الكشف عن مشكلات ستبقى نتائج أي تحقيق يتم إجراؤه سرية.

* خدمة «نيويورك تايمز»