بنوك أوروبا ربما تضطر لبيع أصول قيمتها 775 مليار دولار.. ولكن هل تجد مشترين؟

بحاجة إلى 2.6 تريليون دولار لإعادة رساميلها

إعادة رسملة بنوك فرنسا كابوس يزعج الحكومة الفرنسية (أ.ف.ب)
TT

بينما تطمئن البنوك الأوروبية المستثمرين بأنها قادرة على عبور أزمة الديون السيادية عبر بيع أصول وخفض الإنفاق، يقول محللون ماليون إنها قد لا تتمكن من جمع أموال بشكل سريع يمكنها من إعادة رسملة كافية تتوافق واتفاقية بازل الثالثة. وحسب تقديرات مالية نشرها مصرف مورغان ستانلي الأميركي، فإن البنوك الأوروبية قد تحتاج إلى رساميل جديدة تقدر بنحو تريليوني يورو (نحو 2.6 تريليون دولار)، حتى تتمكن من الإيفاء بشروط اتفاقية بازل الثالثة لكفاية رأس المال. ويذكر أن بنوكا بريطانية وآيرلندية وألمانية وإسبانية أعلنت حتى الآن عن خطط لبيع أصول تقدر بـ775 مليار يورو خلال العامين المقبلين لخفض احتياجات السيولة ومقابلة شروط كفاية رأس المال. ولكن يقول محللون ماليون إن ظروف الركود القاسية تجعل من الصعب إيجاد مشترين لأصول بهذا الحجم. وتحتاج بنوك أوروبا إلى رفع كفاية رأس المال الأساسي من 5 في المائة إلى 9 في المائة خلال الستة أشهر الماضية، حسب اتفاقية بازل. ونسبت وكالة «بلومبيرغ» إلى كيان أبو حسين المحلل المالي بمصرف «جي بي موغان» في لندن قوله إن البنوك الأوروبية بحاجة إلى رأسمال إضافي يتراوح بين 150 و230 مليار يورو. وحسب اتفاقية رسملة البنوك التجارية في أوروبا التي أقرت مؤخرا، فإن الاتفاق يجبر البنوك على رفع رساميلها من الموارد الخاصة أولا وإن لم تستطع فإن كل حكومة من حكومات الاتحاد تساعد بنوكها على الرسملة. وسيصبح صندوق الاستقرار المالي الأوروبي الملجأ الأخير للبنوك التي تتعرض لحالات إفلاس. وتخشى فرنسا من احتمال أن تخسر تصنيفها الائتماني «AAA»، إذا ما تعين عليها أن تضخ في بنوكها مليارات اليوروات ممثلة في أموال محصلة من دافعي الضرائب. ومن شأن ذلك أن يشكل عقبة سياسية ضخمة بالنسبة للرئيس نيكولا ساركوزي الذي يخوض السباق الانتخابي للرئاسة العام المقبل. لكن برلين ترفض استخدام الأموال الأوروبية في إعادة رسملة البنوك التي تنافس مؤسساتها المالية.

وكانت البنوك الفرنسية، وعلى رأسها مصارف «بي إن بي باريبا» و«كريدي أغريكول» و«سوسيتيه جنرال» التي خسرت أسهمها هذا العام نسب 35 في المائة و47 في المائة و51 في المائة على التوالي، قد أعلنت عن خفض أصولها.

وهنالك اعتقاد واسع وسط المستثمرين أن البنوك الأوروبية لن تتمكن وحدها من جمع الأموال الكافية للرسملة ولا بد أن تتدخل الحكومات لإنقاذها، وهو الأمر الذي ترفضه ألمانيا. وبناء على الاقتراحات التي عرضها رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، ستلزم البنوك بتعزيز إجراءاتها الوقائية ضد الخسائر كجزء من خطة لاستعادة ثقتها المتضائلة. وطالب باروسو أيضا الـ17 دولة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تستخدم اليورو بزيادة طاقة صندوق إنقاذها المقدر رأسماله بـ440 مليار يورو (600 مليار دولار) لأقصى حد ممكن - في إشارة واضحة إلى أنه يفضل رفع القدرة الإقراضية لصندوق الإنقاذ، بحيث يزيد حجم رأسماله ليصل إلى تريليوني يورو (2.8 تريليون دولار).

وقد أيد رفع القدرة الإقراضية للصندوق وزير الخزانة الأميركي، تيموثي غايتنر، لضمان أن الدول الأوروبية المتعثرة تتمتع بإمكانية الحصول على تمويل ميسور التكلفة للعمل على تقليل حجم ديونها.

وشددت وزارة الخزانة على تلك النقطة يوم الأربعاء أثناء بيان موجز قبيل اجتماع لوزراء مالية مجموعة العشرين المزمع عقده يومي الجمعة والسبت في باريس، الذي سيحضره غايتنر.

تحتاج أوروبا إلى «جدار حماية يضم المصادر والقدرة الإقراضية» لضمان أن الأزمة التي بدأت في اليونان لن تلقي بتأثيراتها على الدول الأكبر، مثلما أشارت لايل برينارد، وكيلة وزارة الخزانة للشؤون المالية في البيان الموجز. إن منطقة اليورو على أعتاب الدخول في مرحلة حرجة، وهو ما تجلى في توقعات مستثمرين في الأسواق المالية في إطار اجتماع قمة يعقد يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) واجتماع لقادة مجموعة العشرين مزمع عقده يوم 3 نوفمبر (تشرين الثاني) أن يتبنى المسؤولون الأوروبيون خططا لحل أزمة الدين التي تعصف بالمنطقة.

ويجب جمع رؤوس أموال إضافية للبنوك الأوروبية أولا من القطاع الخاص، ثم من الحكومات الوطنية، وفقا للاقتراح المطروح. وجاء في سياق الاقتراح أنه يجب عدم اللجوء إلى صندوق إنقاذ خاص بمنطقة اليورو إلا حينما يتم إنفاق الأموال التي تم تحصيلها من تلك القنوات أولا. ويجب أن لا يسمح للبنوك بدفع حصص أرباح أو علاوات إلى أن تنتهي من جمع رأس المال الإضافي، بحسب الاقتراح. ولم تحدد الخطة التي تم وضعها رقما لاحتياطيات رأس المال التي ستكون مطلوبة. وتناقض ذلك الإغفال مع الخطط الأكثر تحديدا الرائجة في فرنسا وبين المنظمين الأوروبيين التي تحدد حدا أدنى لاحتياطي رأس المال نسبته 9 في المائة من الأصول.