في مؤشر إيجابي.. مصارف أميركا تتجه لزيادة حجم الإقراض

أول الغيث قطرة.. «جي بي مورغان» يقود عملية الإنعاش

المقر الرئيسي لمصرف «جي بي مورغان» في نيويورك («الشرق الأوسط»)
TT

رغم الآراء القاتمة عن الوضع الاقتصادي، يحدث أمر طريف في عالم المال على مدى الأشهر القليلة الماضية وهو فتح المصارف لصنبور القروض. مع ذلك لا تزال زيادة القروض متواضعة، وتظل تُمنح إلى الشركات الكبرى والمقترضين من أجل أغراض استهلاكية، لكن بعد مرور أكثر من ربع سنة شهدت تراجعا في حجم القروض في أنحاء العالم. وقال المسؤولون التنفيذيون في مصرف «ويلز فارغو» إن الالتزامات الجديدة الخاصة بالقروض المقدمة للمشروعات الصغيرة وصلت إلى 8 في المائة، بينما يزداد حجم القروض المقدمة للشركات الكبرى على مدى الـ14 شهرا الماضية. ويتوقع المحللون في هذا القطاع أن تبدأ زيادة حسابات البطاقات الائتمانية قبل نهاية العام الحالي.

يقول تيموثي سلوان، المدير المالي بمؤسسة «ويلز فارغو» في مقابلة: «الحديث عن عدم تقديم المصارف قروضا عار عن الصحة. إن حركة القروض قوية وسوف تتزايد استنادًا إلى الوضع القائم». مع ذلك انخفض المخزون لدى المصرفيين والقطاع ككل يوم الاثنين مع إشارة تباطؤ الاقتصاد وأرقام العائدات إلى معاناة المصارف من عدة آثار سلبية مثل انخفاض العائدات على القروض والتعرض إلى أزمة الديون الأوروبية.

لكن تشير أرقام القروض الضخمة إلى أنه في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد من وضع هش، ربما من الممكن استعادة الثقة في المستهلكين ورجال الأعمال على نحو أسرع مما يعتقد الكثير من الخبراء. وقال جيمي ديمون، رئيس مصرف «جي بي مورغان تشيس» بعد الإعلان الأسبوع الماضي عن حجم القروض التي يقدمها مصرفه: «لم يزد حجم القروض فقط، بل يبدو أن التعافي يلوح في الأفق». هناك عدة تفسيرات مختلفة لزيادة القروض ومنها زيادة عدد العملاء الذي يستفيدون من انخفاض سعر الفائدة والمقترضين الذين يحتاجون نقودا من خلال الائتمان. ويعتقد آخرون أن السبب وراء ذلك هو كثرة العناوين المتشائمة التي تصدرت الصحف خلال الأسابيع الماضية. إذا انقشعت سحب الثقة التي تخيم على أوروبا والولايات المتحدة، سيزداد حجم القروض على حد قول محللين ومصرفيين.

لكن يظل قطاع الإسكان والقطاع المصرفي نقطتي ضعف، فقد تراجعت قروض الرهن العقاري وقروض الإسكان بنسبة تزيد على 6.2 في المائة منذ وصولها إلى الذروة في نهاية عام 2007 وبداية عام 2008 بحسب البيانات الأسبوعية لمصرف الاحتياطي الفيدرالي. وزادت أكثر المصارف معايير الحصول على قروض بحيث لا يتمكن الكثيرون من الحصول على قروض، خاصة في سوق الإسكان، بطول السواحل التي أصابها الركود. ومع اقتراب نهاية مدة القروض القديمة، ليس من المرجح أن يتم تقديم المزيد من القروض الجديدة.

على الجانب الآخر، هناك زيادة متواضعة في حجم القروض في أماكن أخرى. وزاد حجم القروض المقدمة للشركات بنسبة 7.2 في المائة بعد انخفاضها في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2010. وزاد منح قروض للمستهلكين باستثناء القروض الخاصة بالإسكان خلال الربع الثاني، ويشهد القطاع زيادة تدريجية منذ ذلك الحين بحسب ما توضح البيانات. وتقترب القروض من مستواها في منتصف عام 2007. يقول غيرارد كاسيدي، محلل في القطاع المصرفي في شركة «أر بي سي كابيتال ماركتس»: «تريد المصارف تقديم قروض». وأوضح أن أكثر من 70 في المائة من الدخل مرتبط بهذا النشاط. وبحسب مسح أجراه مصرف الاحتياطي الفيدرالي بين موظفي القروض، تيسر المصارف تدريجيًا شروط الحصول على قروض.

على الجانب الآخر، تقول المصارف إنها لا تزال متمسكة بوضع قيود على تقديم القروض. ويرى المنتقدون أن المصارف بحاجة إلى تقديم المزيد من القروض إلى طالبي القروض الاستهلاكية ممن لديهم سجل غير مشرف في هذا الشأن وأصحاب المشروعات الصغيرة من أجل تحقيق انتعاش أكبر. يقول ريتشارد باوموهل، كبير خبراء الاقتصاد العالمي في شركة «إكونوميك أوتلوك غروب» للتوقعات الاقتصادية: «لا أعتقد أن نافذة الإقراض كبيرة بالقدر الذي يحقق نموا اقتصاديا وتوسعا في المشروعات وخفضا لمعدل البطالة».

لا تتمتع عملية إعادة إحياء الإقراض بالقوة الكافية التي تدفع مؤشر عائدات المصارف الكبرى إلى المستوى الأعلى. من الأسباب التي أدت ذلك، الأداء السيئ لرجال أعمال «وول ستريت» وإلغاء رسوم مخالفات البطاقات الائتمانية والسحب على المكشوف والتي كانت تدرّ عائدات كبيرة في السابق. على الجانب الآخر، زيادة حجم الديون الجديدة لم يكن بالقدر الذي يقلل هامش الربح عليها نتيجة لقرار مصرف الاحتياطي الفيدرالي بإبقاء سعر الفائدة بالقرب من الصفر حتى عام 2013 على الأقل. وأعلن مصرف «سيتي غروب» يوم الاثنين انخفاض عائداته الأساسية بنسبة 8 في المائة رغم تحقيق أرباح قدرها 3.8 مليار دولار في بعض الحسابات الجيدة. وسجل أرباحا من العمل الورقي قدرها 1.9 مليار دولار، حيث تراجعت تكاليف تسديد ديونه نظريًا بسبب القلق على وضعه المالي. كذلك حصل على نحو 1.4 مليار دولار من أموال كانت مخصصة لتغطية البطاقات الائتمانية والخسائر الأخرى في القروض. وتمثل هذه الخطوات معًا أكثر من 60 في المائة من الأرباح قبل احتساب الضرائب.

وأعلنت مؤسسة «ويلز فارغو» عن انخفاض نسبته 6 في المائة في عائداتها، حيث سجلت أقسام كبيرة مثل عمليات الرهن العقاري العديدة وأعمال القطاع المصرفي انخفاضا مقارنة بالعام الماضي. مع ذلك سجّل المصرف رقم أرباح قياسي قدره 4.1 مليار دولار بفضل الانخفاض الحاد في الديون المعدومة والتصرف في 800 مليون دولار من احتياطي الديون المعدومة المحتملة، لكن داخل أرقام المصرفين كانت تكمن المؤشرات التي توضح الزيادة المتواضعة في حجم القروض. أشار مصرف «سيتي غروب» إلى الطلب الصحي في أسواق الدول ذات الاقتصاديات الناشئة والتي بدأت تشعر بتأثير تباطؤ الاقتصاد العالمي.

على سبيل المثال، في آسيا زاد حجم القروض المقدمة للشركات بنسبة 22 في المائة، بينما زادت قروض البطاقات الائتمانية بنحو 4 في المائة مع استثناء سعر الصرف. وأوضحت أعمال مصرف «سيتي غروب» في أميركا اللاتينية تعافيا مماثلا، بينما أوضحت أعمال المصرف في أميركا الشمالية زيادة طفيفة في حجم الإقراض باستثناء قروض الرهن العقاري.

أكثر هذه القروض ليس في إطار «الإقراض الإجباري»، حيث زاد المقترضون من الحصول على قروض لحاجتهم الماسة إلى المال لدفع فواتيرهم على حد قول مسؤولين تنفيذيين في «سيتي غروب».

* خدمة: «نيويورك تايمز»