إسرائيل تستعد لمواجهة معركة «شاليط آخر»

شخصية استيطانية تقترح اغتيال الأسرى المحررين بالسم أو بالهواتف أو السيارات المفخخة

جلعاد شاليط يقوم بجولة قصيرة قرب منزل أسرته في مستعمرة ميتسبي هيلا القريبة من الحدود اللبنانية أمس (رويترز)
TT

جنبا إلى جنب مع بدء الاستعدادات الإسرائيلية لتنفيذ المرحلة الثانية من صفقة شاليط، التي سيتم فيها إطلاق 550 أسيرا آخر، انفجرت نقاشات حادة حول أبعاد هذه الصفقة وخطر اختطاف جنود آخرين في المستقبل. وتتردد كثيرا الكلمات «كيف نواجه معركة (شاليط آخر)»، وهناك من يسميها «شاليط القادم»، في إشارة إلى أنه من شبه المؤكد أن يقع جنود إسرائيليون آخرون في الأسر.

ومع أن مثل هذا النقاش كان يلهب المجتمع الإسرائيلي لدى تنفيذ كل صفقة تبادل، إلا أنه هذه المرة يتخذ طابعا أشد وتتسع رقعة المنادين بتغيير جذري متطرف في أسلوب الجيش الإسرائيلي في التعاطي مع موضوع الأسرى، مما دفع وزير الدفاع، إيهود باراك، إلى الوعد بإجراء دراسة حول إحداث هذا التغيير.

وبرز بين المطالبين اللحوحين بهذا، الجنرال عوزي ديان، الذي شغل مناصب رفيعة في أجهزة الأمن فكان نائبا لرئيس أركان الجيش ورئيسا لمجلس الأمن القومي في الحكومة. وهو اليوم عضو في قيادة الليكود ومقرب من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. فقد دعا إلى وضع السياسة الجديدة على أساس منع أي إمكانية للنجاح في خطف أسير إسرائيلي. وقال إنه لا يستطيع إعطاء تفاصيل حول اقتراحاته، وإن قسما منها على الأقل يجب أن يبقى سرا عسكريا، ولكنه لمح إلى أن التغيير يجب أن يبدأ من ساحة المعركة الأولى.

وقد فهم هذا القول على أنه عودة إلى الأسلوب القديم المعروف بـ«أسلوب هنيبعل». وهو القائد الكنعاني المعروف بخوفه على الجيش من اعترافات الأسرى، فأمر بعدم السماح للعدو بأن يأسر جنودا له حتى لو على حساب تصفية هؤلاء الجنود مع آسريهم. وحسب الكاتب الصحافي أوري أفنيري فإن الجيش الإسرائيلي اتبع هذا الأسلوب في زمن الجنرال موشيه ديان وفي حرب لبنان الأولى سنة 1982 وبعدها.

وحسب الطبيب العسكري في الجيش الإسرائيلي، يوفال رابينوفتش، أصدر الجيش الإسرائيلي أمرا سنة 1985 بعد صفقة تبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية - القيادة العامة برئاسة أحمد جبريل، يوضح الأسلوب المذكور، هذا نصه: «عندما يخطف جندي تصبح المهمة الأساسية تحرير المخطوفين حتى لو أدى ذلك لإصابة جنودنا. يجب أن يتم إطلاق رصاص بالسلاح الخفيف حتى ينزل الخاطفون على الأرض أو يتم إيقافهم. فإذا لم يتوقف مركب الخاطفين، يجب إطلاق الرصاص الخفيف عليهم بواسطة القنص بقصد قتلهم حتى لو أصيب جنودنا المخطوفون. وفي كل الأحوال يجب عمل كل شيء في سبيل وقف السيارة ومنعها من الهرب».

وإلى جانب هذا الأسلوب، تطرح في الساحة السياسية الإسرائيلية مداولات حول مجموعة مشاريع قوانين ترمي إلى ردع التنظيمات العربية المسلحة عن تنفيذ عمليات خطف. فقد اقترح وزير المواصلات، يسرائيل كاتس، وهو أيضا مقرب من نتنياهو، مشروع قانون يلزم المحاكم الإسرائيلية بإصدار أحكام بإعدام من ينفذ عملية أو يرسل آخرين لتنفيذ عملية يقتل فيها إسرائيليون.

وبادر عضو الكنيست من حزب البيت اليهودي، زبولون أورليف، إلى طرح مشروع قانون آخر يكبل أيدي الحكومة في صفقات تبادل الأسرى. وينص القانون على أن يكون المعيار الملزم هو مبادلة جندي بأسير، واحد مقابل واحد لا أكثر. وفي حالات شاذة يسمح بمبادلة أسير إسرائيلي مقابل عشرة أسرى، بشرط أن تتوفر أكثرية ثلثين (80 من مجموع 120 نائبا) في الكنيست الإسرائيلي. وقد انضمت النائبة ميري ريغف من حزب الليكود إلى هذا المشروع، بينما أعلن النائب زئيف ألكين، رئيس كتل ائتلاف الحاكم، مشروعا مشابها.

وتوجه المحاضر الجامعي من مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، حين بن إلياهو، برسالة مفتوحة إلى رئيس المخابرات العامة (الشاباك)، يورام كوهن، يدعوه فيها إلى العمل، مؤكدا أن المخابرات هي التي يجب أن تكون «بطلة المرحلة المقبلة». وقال: «لقد فرحنا بعودة شاليط بعد 1941 يوما من الأسر في خنادق حماس الشريرة، ولكن هذه الصفقة هي الأسوأ والأخطر في تاريخنا. ولكن، من أجل ألا تذهب هدرا دماء 599 من ضحايا عمليات الإرهاب التي نفذها المحررون، ومن أجل تحقيق العدل للعائلات الثكلى ومن أجل إعادة الكرامة لحكومة إسرائيل وجهازها القضائي، يجب على كوهن، أن يكف عن تكريس جهوده لملاحقة الشباب المستوطنين الذين يبنون الوطن اليهودي وأن يبدأ فورا بـ(معالجة) الأسرى الستين الذين تم إبعادهم للخارج و110 أسرى الذين تحرروا إلى الضفة الغربية والقدس».

ولا يتردد بن إلياهو في وصف هذه «المعالجة» قائلا: «عبوة ناسفة تنفجر بالهاتف الجوال، رش السم عليهم في الشارع بواسطة مستعربين (رجال مخابرات متخفين باللباس العربي) أو تفجير سيارة». ويضيف: «بعد ذلك، يجب معالجة أولئك القتلة الثقيلين الذين أرسلوا إلى قطاع غزة. بعزم وتصميم وبلا رحمة، فبالإضافة إلى الأساليب المعروفة، بالهاتف أو السم أو السيارة المفخخة، يمكننا هنا استخدام طائرات سلاح الجو». ويختتم مقاله في الموقع الإلكتروني التابع لإذاعة المستوطنين «القناة السابعة»: «هكذا يمكننا أن نضمن أن يعاقب هؤلاء ولا يعودون إلى ممارسة الإرهاب».