خرق سوري جديد للأراضي اللبنانية.. ولا موقف رسميا من حكومة ميقاتي

حوري لـ«الشرق الأوسط»: صمت مجلس الوزراء يؤكد أن لسوريا حكومة تواجه المصاعب في الداخل وثانية تنفذ رغباتها في بيروت

مظاهرة طلابية في حمص ردا على مسيرة حلب المؤيدة للنظام
TT

أثار تكرار حوادث انتهاك الجيش السوري للسيادة اللبنانية سيلا من ردود الفعل المنتقدة، خصوصا بعد إطلاق قوة من الجيش السوري أول من أمس النار على مواطنين سوريين هما أحمد وعامر أبو جبل، ما أدى إلى مقتلهما قرب مزرعة الدورة، في منطقة متداخلة حدوديا بين أقصى شمال شرقي الأراضي اللبنانية والأراضي السورية المجاورة لبلدة القصير، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني.

وكانت أصوات طلقات رشاشة نارية ثقيلة ومتوسطة سمعت في مزرعة «دير العشائر» السورية الواقعة على الحدود اللبنانية السورية، والمتاخمة لبلدة «دير العشائر» اللبنانية في وقت متأخر من ليل أول من أمس، فيما أفيد أمس عن مواجهات حصلت داخل الأراضي اللبنانية في مشاريع القاع بين عناصر من الجيش السوري ومنشقين عنه.

وأكدت مصادر ميدانية من بلدة دير العشائر اللبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع داخل الأراضي اللبنانية هادئ جدا ولم يتم التبليغ عن أي خرق سوري للحدود»، مشيرة إلى أن «دورية من الجيش اللبناني حضرت إلى البلدة بعد الأنباء عن حصول مواجهات قريبة للاستفسار عن الموضوع». وأوضحت أن ما نقلته بعض وسائل الإعلام عن مواجهات في خراج الجانب اللبناني من البلدة أمر عار عن الصحة.

وفي حين اطلع رئيس الجمهورية ميشال سليمان من قائد الجيش العماد جان قهوجي على «الوضع الأمني في البلاد، وبشكل خاص مسألة الخروقات والتجاوزات على المعابر والتدابير الواجب اتخاذها لضبط الوضع، لا تزال الحكومة اللبنانية غائبة عن معالجة هذه الخروقات وإصدار موقف رسمي منها». وحملت قوى في 14 آذار على «الصمت الحكومي المستغرب»، وقال النائب عن كتلة المستقبل عمار حوري لـ«الشرق الأوسط» أمس إن تكرار حوادث الاعتداء على السيادة اللبنانية من دون صدور أي تعليق عن الحكومة «يؤكد مرة جديدة أن النظام السوري هو النظام الوحيد الذي يملك حكومتين، واحدة تواجه المتاعب في الداخل السوري وتحاول التقليل من حجمها وثانية منضبطة تحاول تنفيذ رغباتها في بيروت».

ورأى حوري أنه «لا يعول على الحكومة اتخاذ أي خطوة أو موقف لأن الأمر ليس بيدها»، مبديا أسفه «لانحياز وجهات النظر كلها لمنطق النظام السوري، من دون أن تأخذ بعين الاعتبار وجهة النظر اللبنانية أو تقف على الحياد»، وتعليقا على احتجاج السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي على ما أدلى به مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي حول تورط السفارة في خطف معارضين سوريين من لبنان والتداول أمس بنية سوريا تقديم ملف عن تهريب الأسلحة إلى الجانب اللبناني، اعتبر حوري أنه «ينطبق على هذه الواقعة المثل الشعبي اللبناني: ضربني وبكى، سبقني واشتكى»، لافتا إلى أنه «عوض أن تقوم وزارة الخارجية باستدعاء السفير السوري احتجاجا وتوجه اللوم به، إذ بالأخير يتوجه إلى الوزارة ويؤنب الجانب اللبناني على تجرئه في كشف تفاصيل عملية اختطاف». وأكد أن كل ذلك «يؤكد مدى سقوط قرار الحكومة اللبنانية بيد النظام السوري، الذي يتمسك بورقة الحكومة من خلال الانقلاب الذي بدأه عبر حزب الله منذ يناير (كانون الثاني) الفائت، وهو يحاول تقليل خسائره».

وفي هذا السياق، أشار نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري إلى أن «الاختراقات السورية لأمن لبنان وسيادته تكررت سواء عبر الحدود، من خلال ممارسات الجيش السوري، أو من الداخل، من خلال ممارسات ما يمكن تسميته (النسخة الدبلوماسية من عنجر) أو (البوريفاج بصيغته المنقحة)»، معتبرا أن هذا الأمر «بدأ يتخذ منحى خطيرا مرشحا لأن يتفاقم ما لم تبادر الحكومة اللبنانية إلى وضع حد له». وانتقد «تصرف الحكومة اللبنانية إزاء كل ذلك وكأنها لا ترى ولا تسمع، وهذا أمر مهين لكرامة لبنان وشعبه، ومسيء إلى هيبة الدولة ومؤسساتها، ومعيب في حق مسؤوليها».

ولفت إلى أنه «حتى لو كان صحيحا أن ثمة تهريب أسلحة يتم إلى سوريا عبر الحدود، وأن لدى سوريا ملفا مفصلا في هذا الشأن، فضبط الحدود والتهريب مسؤولية الدولة اللبنانية، وليس للقوات السورية أن تتوغل وتتصرف على هواها وكأنها في أراضيها».

أما النائب في كتلة المستقبل خالد الضاهر فلفت إلى أن «النظام السوري أجهض كل محاولات الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري لترسيم الحدود وتحديدها»، موضحا أن «الأهالي في المناطق التي يتم خرقها من قبل النظام السوري في حالة يرثى لها، يريدون ويطلبون من الدولة اللبنانية ومن الجيش حمايتهم». ووصف «التعاطي اللبناني مع الخروقات السورية بأنه غير مسؤول، وهناك استسلام كامل وحالة من الخضوع أمام النظام السوري».

وتوقفت الأمانة العامة لقوى 14 آذار عند «ما ينبغي تسميته التمدد الأمني للنظام السوري في لبنان، وهو تمدد لا يتجسد فقط في استباحة هذا النظام للحدود اللبنانية، أو في التلويح بإمكان إقامة نقاط داخل لبنان ولا في الملاحقات داخل الأراضي اللبنانية أو في مزيد من التسليح للفصائل الموالية في معسكراتها والمخيمات فحسب، بل تتجسد بشكل أساسي بدور السفير السوري وسفارة نظامه في عمليات قمع أي تضامن مع الشعب السوري، وفي عمليات خطف النشطاء السوريين المعارضين من لبنان إلى سوريا بسيارات السفارة». وحيت «الموقف الشجاع لريفي، الذي كشف الحقائق في هذا المجال متحملا مسؤولياته الكاملة»، مؤكدة أنها «تقف بجانبه في مسيرته المهنية وكفاءته وأخلاقيته وترفض التهديدات الموتورة له من أي جهة أتت».