اليمن: لجنة وساطة برئاسة رئيس المخابرات تتوصل إلى هدنة لوقف القتال في صنعاء

قيادي في الحزب الحاكم لـ«الشرق الأوسط»: تصريحات الناطق باسم كي مون مجرد «حديث صحافي»

TT

عاد الهدوء أمس إلى العاصمة اليمنية صنعاء، حيث توقفت المواجهات المسلحة بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح وأنصار زعيم قبيلة حاشد الشيخ صادق الأحمر. وقالت مصادر مطلعة إن لجنة الوساطة بين الطرفين تمكنت من إعادة تفعيل الهدنة ووقف إطلاق النار، بعد مساع قامت بها اللجنة التي يرأسها اللواء غالب مطهر القمش، رئيس جهاز الأمن السياسي (المخابرات).

غير أن قياديا بارزا في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم باليمن، أرجع صمود الهدنة إلى التزام المعارضة. وقال عبد الحفيظ النهاري، نائب رئيس دائرة الفكر والإعلام في الحزب الحاكم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «صمود الهدنة يعتمد على التزام أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم والأطراف الذين يمارسون العنف والتطرف، لأنهم هم في كل مرة الطرف الذي ينتهك الهدنة، وهم الذين يبدأون بالاختراقات. والتصعيد المعلن من قبل أحزاب اللقاء المشترك لا يتفق مع كل المبادرات لوقف إطلاق النار والتهدئة الأمنية ورفع المظاهر المسلحة من شوارع العاصمة وأحيائها».

وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى مجلس الأمن الدولي الذي تجري فيه مشاورات، حاليا، بشأن الوضع في اليمن وتجري دراسة مشروع قرار تقدمت به بريطانيا، فقد نشرت تصريحات أدلى بها مارتن نسيركي، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، تنسف أحد بنود المبادرة الخليجية والمتعلق بمنح الرئيس علي عبد الله صالح ضمانات من الملاحقة القضائية جراء سقوط قتلى أو بشأن أي تجاوزات خلال فترة حكمه للعقود الثلاثة الماضية، حيث قال نسيركي إن المنظمة الدولية ترفض فكرة العفو، وأن يعطى صالح حصانة من الملاحقة القضائية.

ويعتقد عبد الحفيظ النهاري أن هذه التصريحات هي عبارة عن «حديث صحافي ليست له علاقة بما يعتمل داخل مجلس الأمن، وبما سيكون في أفق الانتظار لما نتوقعه من قرار مجلس الأمن المنتظر». وأضاف النهاري، في سياق تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعاطي مع المبادرة الخليجية أصبح مفهوما من قبل المجتمع الدولي، وأصبحت هناك مقاربة مشتركة حول مضامين المبادرة الخليجية التي قبلناها ككل لا يتجزأ، والتي تبدأ بفعل وتنتهي بالانتخابات الرئاسية المبكرة وتحقق التداول السلمي للسلطة عبر المرجعية الدستورية القائمة، وقد تجاوزنا مضامين المبادرة إلى البحث في التفاصيل التنفيذية لها، وهذا ما نحن بصدده، وهو الجهد الذي بذله مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر خلال خمس جولات وزيارات إلى اليمن، وبالأخص الزيارة الأخيرة التي كدنا خلالها ننجز البرنامج التنفيذي للمبادرة».

على صعيد آخر، جدد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أمس استعداده للتوقيع على المبادرة الخليجية التي تنص على تسليمه السلطة سلميا، فيما شيع عشرات الآلاف من المعتصمين المطالبين برحيل صالح ونظامه القتلى الذين سقطوا خلال الأيام الماضية في المظاهرات. وقال الرئيس اليمني صالح الذي يحكم اليمن منذ 33 سنة ويواجه ثورة شعبية ضده، في اجتماع للجنة الدائمة للحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) «مستعد للتوقيع على المبادرة إذا قدمت الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج العربية ضمانات لتنفيذها». وأشار إلى أن «ما يسمونها ثورة هي تقليد لما يجري من الخارج، ولا توجد لديها ثقافة خاصة بها»، متهما المعارضة بسرقة ثورة الشباب، وقال «نحن نؤيد مطالب الشباب وليس لدينا مانع من استمرار اعتصامهم، لكنهم قد سرقوا ثورتكم، ونحن كنا نتفهمكم، وهم الآن يستخدمونكم كدروع بشرية من أجل الإعلام ومن أجل أن يقولوا إنها دولة ديكتاتورية»، متهما المعارضة بتسيير مظاهرات بهدف فصل صنعاء وتقسيمها. وخاطب صالح المعارضة «إذا كنتم هكذا وأنتم لا تملكون قوة عسكرية مثلما نملك، وهم لديهم خونة خانونا وطعنونا في الخاصرة وهم أقرب الناس إلينا، فكيف تثقون بهم وقد خانونا؟». وخرج اجتماع اللجنة الدائمة للحزب الحاكم بتفويض «القيادة السياسية باتخاذ البدائل الكفيلة لحل الأزمة»، مجددة تمسكها بالحوار. وأوصت بتشكيل حكومة في حال عدم التوصل لاتفاق سياسي.

وأكدت اللجنة في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن «معركة الشباب مع نظام صالح هي معركة قيم أخلاقية بالدرجة الأولى، وهو ما جعلهم يتمسكون بسلمية الثورة»، معتبرة التزام الثوار بسلمية الثورة يمنحهم «استحقاقات تعمل عصابة صالح لتفويتها عليهم من خلال المحاولات إلى جر الشباب إلى مربع العنف واستخدام الأعمال الوحشية والإجرامية التي تقمع المسيرات السلمية».

في سياق آخر، تواصلت عمليات تفجير أنابيب النفط اليمنية، وقالت مصادر قبلية في مأرب إن مسلحين فجروا مساء أمس أنبوبا نفطيا في منطقة العرقوب بمأرب شرق اليمن.