إيران تتهم «مجاهدين خلق» بمحاولة اغتيال الجبير.. والحركة تنفي

طهران قالت إن أحد المتهمين في المحاولة عضو في الحركة.. وشوهد في معسكر أشرف مؤخرا

TT

دفعت إيران الاتهام الأميركي لها بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير إلى منعطف جديد، حيث أكدت أمس، أن أحد المتهمين في المحاولة ينتمي إلى حركة «مجاهدين خلق» المعارضة لها التي تعيش في المنفى، ونفى قيادي في الحركة لـ«الشرق الأوسط» هذه الاتهامات.

وأوردت وكالة الأنباء الإيرانية «مهر» أن المتهم غلام شاكوري الذي قالت وزارة العدل الأميركية إنه أحد عناصر فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني هو، في واقع الأمر، «عنصر بارز» في حركة «مجاهدين خلق». ولم توضح الوكالة الدافع المحتمل وراء ذلك، ولكنها تركت انطباعا بأن المؤامرة عبارة عن مخطط وهمي يهدف إلى تشويه إيران.

وقالت إن شاكوري، المطلق سراحه، شوهد لآخر مرة في واشنطن وداخل معسكر أشرف، التابع للحركة في العراق. وقالت وكالة «مهر»: «الشخص محل السؤال يسافر إلى دول مختلفة تحت أسماء مثل علي شاكوري وغلام شاكوري وغلام حسين شاكوري مستخدما جوازات سفر مزيفة، من بينها جوازات سفر إيرانية مزيفة».

ولم يدل مسؤولون أميركيون بتعليق فوري على تقرير وكالة «مهر». وأكد مارك تونر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، على الرأي الأميركي في موجز صحافي يومي داخل واشنطن بـ«أن ذلك انتهاك خطير للقانون الدولي وأن إيران يجب مساءلتها».

ونفت الحركة المعارضة تقرير وكالة «مهر»، ووصفته بأنه لا معنى له. وقال المتحدث باسم الحركة شاهين غوبادي في رد عبر البريد الإلكتروني «هذا تكتيك معروف يستخدمه الملالي خلال الـ30 عاما الماضية حيث يلقون بجرائمهم على المعارضة لتحقيق مكاسب مزدوجة». من جانبه، قال محمد محدثين رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (التي تضم عدة منظمات معارضة على رأسها منظمة مجاهدين خلق) ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» إن «المدعو غلام شاكوري لا يمت بأي صلة لمنظمة مجاهدين خلق وبمخيم أشرف، وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها النظام الإيراني باختلاق أعضاء أو قيادة وهمية لمجاهدين خلق». وتابع قائلا إنه «بسبب الخوف والهلع من مغبة الكشف عن مخططه الإرهابي، قام النظام الإيراني خلال الأيام القليلة الماضية، بانتهاج سياسة ذات وجهين، الوجه الأول يتمثل في محاولات يائسة لربط مجاهدين خلق بالإرهابيين المرسلين من قبل النظام الإيراني لتنفيذ المخطط الإرهابي المكشوف في أميركا.. والوجه الثاني توجيه تهديدات إلى السعودية للقيام بمزيد من العمليات الإرهابية ضد المملكة من جانب إيران في محاولة لجعل المملكة تتخلى عن متابعة هذه الجريمة، على المستوى الدولي».

وتعتبر إيران الحركة التي تعرف أيضا باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، كمنظمة متمردة تنتهج العنف لها تاريخ من الاغتيالات والضلوع في عمليات التخريب تستهدف الإطاحة بالحكم الإسلامي الذي تولى السلطة في عام 1979. وبينما تزعم الحركة أنها نبذت العنف قبل عقد من الزمان، لا تزال وزارة الخارجية الأميركية تعتبرها منظمة إرهابية أجنبية، ولكن لا تنظر بريطانيا ولا الاتحاد الأوروبي إليها بهذا الوصف. ويوجد مقر الحركة في باريس.

وقالت وكالة «مهر» إنها عرفت بما وصفته بأنها معلومات جديدة عن شاكوري من الإنتربول، ولكنها لم تدل بالمزيد من التفاصيل. ولم يتم الرد على الفور على مكالمات واستفسارات عبر البريد الإلكتروني بعث بها إلى مقر الإنتربول في ليون بفرنسا.

وإذا كان شاكوري عضوا في الحركة المعارضة، سيكون ذلك تحولا محرجا للولايات المتحدة، التي أعلنت عن المؤامرة المشتبه فيها وسط جلبة قبل أسبوع في مؤتمر صحافي تلفزيوني عقده المحامي العام إريك هولدر، الذي قال إن محققين أميركيين يعتقدون أن مسؤولين بارزين في الحكومة الإيرانية مسؤولون عن ذلك.

واتهمت وزارة العدل الأميركية شاكوري ومنصور أرباب سيار، وهو مواطن أميركي إيراني متجنس من كوربوس كريستي بولاية تكساس، بالتآمر لاستئجار أشخاص من عصابة مخدرات مكسيكية مقابل 1.5 مليون دولار لقتل السفير السعودي لدى الولايات المتحدة.

وأكد مسؤولون أميركيون أن لديهم أدلة تدعم ذلك. واتهمت السعودية، إيران بارتكاب مؤامرة «خسيسة»، ويقول حلفاء آخرون لأميركا إنهم ينظرون في الاتهام بجدية. وذهبت بريطانيا لأبعد مما ذهب إليه آخرون، وأعلنت أنها أمرت مصارف بريطانية بمصادرة أية أصول خاصة بالمتهمين الاثنين، بالإضافة إلى ثلاثة مسؤولين آخرين في فيلق القدس مشتبه في علاقتهم بالمؤامرة.

ومنذ مؤتمر هولدر، سعت إيران إلى مواجهة الاتهام بمزيج من الهجوم المضاد الخطابي، واتهمت إدارة أوباما بتلفيق المؤامرة بهدف صرف الانتباه عن مشاكل أخرى والتآمر مع إسرائيل للتشهير بإيران ودق إسفين بين إيران والسعودية.

وقال أكاديميون متخصصون في الشأن الإيراني داخل الولايات المتحدة إن المؤامرة المشتبه فيها، على الرغم من أنها تبدو صعبة المنال وتفتقر إلى الخبرة، فإنها ليست صعبة التصديق. وقال راي تقية، وهو زميل بارز لدراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الأجنبية بواشنطن، إنها قد تعكس محاولة من جانب القوات الأمنية الإيرانية للانتقام مما تراه مؤامرات حاكتها أميركا نفذت داخل إيران. وأضاف: «لو صدق ذلك، فإنه لا يوحي بأنهم يحاولون مواجهة الضغوط بضغوط، فمن منظورهم تتدخل الولايات المتحدة في الشأن الداخلي الإيراني».

* خدمة «نيويورك تايمز»