الغنوشي لـ «الشرق الأوسط»: إذا زيفت الانتخابات فإننا لن نسكت وسننضم لقوى الثورة

زعيم «النهضة» التونسية يجدد رفضه للعنف في السياسة والدين والثقافة

راشد الغنوشي يتحدث خلال مؤتمر صحافي امس ( أ ب)
TT

أعلن الشيخ راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة التونسي، أنه أيا كانت نتائج الانتخابات فسيتم قبولها، وقال «نحن سنعترف بها ونهنئ الفائزين». واعتبر أن الحملة الانتخابية تجري بشكل معقول حتى الآن، وإذا زيفت نتائج الانتخابات التي ستجرى في تونس يوم الأحد القادم فإن حزبه لن يسكت، وسينضم لقوى الثورة، مشددا على القول «لا نملك إلا أن ننضم لقوى الثورة».

وتمنى الغنوشي ألا تقع مفاجآت تربك مسار الانتخابات، وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «كل الاحتمالات مفتوحة في المرحلة الحالية، لكنه قال إنه ليس أمام المجتمع التونسي من خيار سوى المضي في الانتخابات بكثافة، باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق الديمقراطية». وزاد قائلا «حتى وإن وقعت مفاجآت، وأربكت المسار الانتخابي فلن يلبث المجتمع أن يعود إلى نفس المسار».

وأكد الغنوشي رفضه للعنف «في السياسة وفي الدين وفي الثقافة عموما»، وقال إن حزبه يراهن على منهج الحوار، وإبعاد يد الدولة عن التدخل في الحياة الخاصة للناس أو «الانتصار لهذا الطرف أو ذاك». وفي تقييمه للحملة الانتخابية في تونس، قال الغنوشي إنها «تسير سيرا معقولا بالقياس مع حداثة التجربة، ونحن متفائلون وليس لنا خيار آخر غير التفاؤل بالنجاح».

وأشار الغنوشي إلى أن ما يميز تونس عن بقية البلدان العربية هو أن شرارة الثورة الأولى انطلقت منها، وأن ما يميز شعبها هو أنه شعب مندمج لا يشكو من عراقيل قد تؤدي إلى الانقسام مثل الطائفية، وهذا «ما سهل عزل الطاغية باجتماع الجمع ضده».

وأضاف الغنوشي «نحن حريصون على الانفتاح على القوى السياسية والفكرية من أجل التوافق الوطني، ولا نعمل على توسيع الفوارق وإبراز التناقضات». وفي تصريحات له أدلى بها في مؤتمر صحافي، اعتبر الغنوشي الانتخابات التونسية «أول انتخابات عربية حقيقية». وأضاف «نحن نفهم أن نواقص كثيرة قد تحصل، لكننا نطمح إلى ألا تمس بالمعنى العام بإجراء انتخابات نزيهة حقيقية».

وانتقد الغنوشي سلوكات بعض الأحزاب السياسية المنافسة في تونس التي «ركزت دعايتها على انتقاد النهضة»، وقال إن «مشروعهم كان هدم مشروعنا».

وأعلن الغنوشي «نقدر أننا سنكون الحزب الأول في البلاد، ونطمح أن نتشارك مع الآخرين»، مشيرا إلى أن «حزبا واحدا حتى وإن حصل على الغالبية فإنه لن يتمكن من المواصلة». وأكد الغنوشي أن (الدولة) في تونس لم تسقط. وأضاف «نحن حريصون على استمرارها، الإدارة استمرت، ونحن حريصون على أن تستمر ونتعاون مع كل الكفاءات». وبين الغنوشي أيضا حرصه على «المصالحة التي تطوي صفحات الماضي»، وثمن دور الجيش في حماية أمن البلاد، وبدايات إصلاح المؤسسة الأمنية حتى تكون في خدمة المواطنين. وقال «نحن ندعم تغيير ثقافة الجندي من خادم لحاكم إلى خادم لشعب في إطار القانون». وأعلن الغنوشي حرصه على أن ينال الإصلاح المؤسسة القضائية التي «يجب إصلاحها بشكل جذري».

وعن الحزب الدستوري (الحاكم سابقا)، قال الغنوشي إنه يجب التعامل معه بعيدا عن الانتقام، ويجب أن «يحاسبوا محاسبة فردية وليس انتقاما جماعيا، فتونس تحتاج إلى المصالحة وليس إلى الانتقام والتشفي، نحن روحنا تصالحية ونريد أن نبني». وأكد الغنوشي استعداد حزبه لقيادة وطنية «إذا منحنا شعبنا القوة». وأبرز قلقه من حملات الترهيب من النهضة قائلا «هناك فئات من شعبنا ما زالت تتعرض لحملات تخويف من (النهضة)، وكأننا جسم غريب»، مشيرا إلى أن «النهضة» «بنت البلد، وكل مكاسب الحداثة شاركنا فيها». وبشأن مسألة المرأة، قال الغنوشي إن حزبه سيعمل على تزكية حقوق النساء، وضمان حقوقهن «في التعليم والعمل والمشاركة، والأجر المتساوي، وحمايتهن من التحرش، وحماية الأمومة، فحماية الأسرة جزء أساسي من مشروعنا».

وبين الغنوشي أنه سيتم احترام الاتفاقات المعقودة بين الدولة التونسية والعالم، وقال «سنطور علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي في إطار شراكة ممتازة، وبامتدادنا صوب الجزائر وليبيا. نريد علاقات متكاملة أيضا مع الولايات المتحدة وكندا وغيرها من الدول». كما دعا الإسلاميين إلى الحرص على الوفاق مع غيرهم في الجبهات الأخرى «حتى نتجنب الحروب الأهلية، لا نعمل على شق المجتمع».

ومن جهته، اعتبر عبد الحميد الجلاصي، مدير الحملة الانتخابية لحزب النهضة، أن هذه الانتخابات جاءت «تتويجا لجهد حركة الإصلاح منذ قرن ونصف، وتتويجا لجهد أجيال منذ الخمسينات»، مشددا على ضرورة أن تكون الحملة الانتخابية منضبطة بالقانون، وتساهم بفعالية في تقديم الانتقال الديمقراطي الحقيقي».