تركيا تغلي بعد هجمات لـ«الكردستاني».. وترد بعمليات في شمال العراق

مسؤول تركي لـ «الشرق الأوسط»: مستاؤون من دول تتغاضى وأخرى تدفع إلى هذه الهجمات

الرئيس التركي عبد الله غل ينظر من نافذة مروحية عسكرية أقلته في جولة بالمنطقة الحدودية مع العراق السبت الماضي (أ.ب)
TT

أصيبت تركيا بحالة غضب هستيرية نتيجة مقتل 24 من جنودها وجرح 18 في هجوم مزدوج على نقاطها الحدودية مع العراق تبناها تنظيم «العمال الكردستاني» وهي ثاني أكبر خسارة للمؤسسة العسكرية التركية في تاريخ صراعها مع المتمردين عندما قتل هؤلاء 33 جنديا في عام 1992.

وفيما اندفعت الآلة العسكرية التركية تضرب بعنف داخل الأراضي العراقية وقيامها بعمليات إنزال وتوغل في المناطق الكردية في شمال العراق، كانت الآلة السياسية التركية توجه الاتهام إلى «جهات ودول» تدفع المتمردين الأكراد إلى هذه الهجمات بسبب مواقف تركيا الإقليمية، كما ذكر مسؤول تركي رفيع لـ«الشرق الأوسط».

وتحدثت مصادر في رئاسة الحكومة عن أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مقتنع بوجود «أياد خفية»، فيما قالت المصادر التركية لـ«الشرق الأوسط» إن العمليات في شمال العراق «لن تتوقف حتى تحقيق أهدافها»، متحدثة عن تعاون استخباري أميركي – تركي من خلال الطائرات من دون طيار الأميركية، بالإضافة إلى استنفار داخلي يهدف إلى لجم أي تداعيات داخلية في هذا الملف وسط المواطنين الأكراد في جنوب البلاد. وقال مسؤولون أتراك إن الدعوة وجهت إلى الجميع لحضور جلسة عامة للبرلمان التركي ستعقد اليوم للبحث في هذين الموضوعين. وأشارت مصادر رئاسة الوزراء التركية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ما حصل من شأنه التعجيل في طرح التعديلات الدستورية في البلاد ووضعها على نار حامية لأن فيها بداية معالجة للملف الكردي الداخلي، ومنع استغلال مشاعر بعض المواطنين في التحريض على الوطن والدولة.وقال إرشاد هورموزلو كبير مستشاري الرئيس التركي عبد الله غل لـ«الشرق الأوسط»: «الظاهر أن هناك قوى لا تريد من تركيا أن تتقدم وأن تقوم بما يمليه عليها ضميرها ورأيها الحر، وكلما حصل الموضوع، تم تحريك هذه القضايا» وأكد أن بلاده تعمل على «التصدي للإرهاب بشكل كامل سواء في داخل تركيا، أو في شمال العراق»، مشددا على «الفصل بين الإرهاب والانتماء إلى جماعة ما» في إشارة إلى الأكراد، وقال: «الإرهابي قد يكون أي شخص، ولا يمكن تعميم الأمر على المواطنين الأكراد (في تركيا) ولا على الأكراد في شمال العراق أو غيره».

وأوضح المسؤول التركي أن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري كان في تركيا مؤخرا وسمع من المسؤولين الأتراك أننا لن نتسامح في هذه القضايا»، وأضاف: «نحن نسمع دائما من المسؤولين العراقيين أنهم يتعاونون، وأن لا إمكانية للتصدي لهؤلاء»، ساخرا من هذه المقولة «كما لو أن هؤلاء (المقاتلين الأكراد) ينزلون من الجبال إلى سوبر ماركت عند الهضبة ويخرجون بطاقة الفيزا فيشترون منها القذائف والقنابل والمدافع الرشاشة»، مشيرا إلى أن «المنطق يقول بأن هؤلاء يحصلون على السلاح من مكان ما». وأشار هورموزلو إلى أن «المنظمات الإرهابية ومن خلفهم لن يحققوا أهدافهم. معتبرا أن هؤلاء واهمون إذا اعتقدوا أن بإمكانهم أن يحققوا نتائج معينة من خلال الإرهاب». ورفض هورموزلو تحديد هوية الدول والجهات التي تدعم الكردستاني، إلا أنه قال: «إن بلاده مستاءة من دول أوروبية وإقليمية معينة تتغاضى أو تدفع هؤلاء لسلوك هذا الطريق».

من جهته، نفى المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حرس إقليم كردستان (البيشمركة) اللواء جبار ياور وجود توغل عسكري تركي داخل أراضي الإقليم، مؤكدا أنه «لم تدخل أي قوة عسكرية تركية أراضي الإقليم، وأن ما حدث من اشتباكات بين عناصر حزب العمال الكردستاني والجيش التركي وقعت داخل الأراضي التركية نحن لسنا معنيين بها». وبسؤاله عن تهديدات الرئيس التركي بالانتقام من مقتل هذا العدد الكبير من الجنود الأتراك في هجمات «الكردستاني»، قال المتحدث البيشمركة: «الحرب قائمة بين الطرفين التركي و(الكردستاني)، ومن الطبيعي أن يهدد طرفا القتال كلاهما الآخر عند وقوع أية خسائر بينهما، ولذلك، فإن موقف الرئيس التركي يندرج في إطار ردود الفعل المتوقعة من أحد طرفي القتال، ولكننا كما أكدنا مرارا، ونؤكدها مرة أخرى، هذه العمليات العسكرية التي تحدث على مقربة من حدودنا لا تجدي نفعا ولن تحل المشكلة، فهذا الصراع الدامي المستمر منذ ما يقرب من ثلاثين سنة لم ولن يحل بالقوة العسكرية، وأفضل الطرق للوصول إلى حلول توقف هذا النزف الدموي هو الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض، وهذا ما نشجعه باستمرار لوضع حد لإراقة المزيد من الدماء». وأعرب المسؤول الكردي عن انزعاج قيادة الإقليم من تجدد الهجمات والاشتباكات بين الطرفين، وقال: «لا القصف الجوي والمدفعي، ولا العمليات العسكرية، ولا التوغلات وانتهاكات الحدود تحل المشكلة، نحن كنا وما زلنا نتطلع إلى حل المشكلات على حدودنا عبر الحوار السياسي، وقيادة الإقليم سبق أن أبدت كامل استعدادها للمساهمة في البحث عن الحلول الموضوعية والواقعية للصراع القائم في تركيا».

إلى ذلك، هدد حزب العمال الكردستاني بتوجيه «ضربات أكبر» للقوات التركية إذا حاولت التوغل شمال العراق لملاحقة عناصره. وقال المتحدث باسم الحزب أحمد دنيس لوكالة الصحافة الفرنسية إن «ما تعرض له الجيش التركي مساء (أول من) أمس في منطقة هكاري كان بمثابة حفل استقبال له عندما حاول التوغل إلى شمال العراق لملاحقة عناصر حزبنا». وهدد دنيس بتوجيه «ضربات أكبر» إن حاول الجيش التركي القيام بعمليات عسكرية خارج الحدود التركية. وأكد المتحدث في اتصال هاتفي من مقره في جبل قنديل، أقصى شمال العراق، أن «ما تعرض له الجيش التركي لم يكن مخططا له من قبل عناصرنا». وأضاف: «لقد أعلنا سابقا أنهم إذا بدأوا بتنفيذ هجوم عسكري خارج الحدود فإنهم سوف يتلقون ضربات عسكرية كبيرة، ولن نسمح لهم بالتوغل إلى داخل إقليم كردستان العراق لملاحقتنا». وتابع: «إذا توغلوا، فلن يستطيعوا الخروج، وما حدث الثلاثاء كان هم البادون فيه، وعناصرنا واجهوهم، وما حدث فقط كان حفل استقبال لهم».