مبادرة العراق الرباعية.. تقابل بـ«نفي» سعودي و«ترحيب» إيراني و«صمت» تركي

أطلقها رئيس البرلمان العراقي لجمع ممثلين عن برلمانات الدول الـ4 في بغداد لتقريب وجهات النظر

TT

في وقت تسعى فيه بغداد لعقد اجتماع مع ممثلين عن برلمانات 3 دول هي: السعودية، وإيران، وتركيا، بالإضافة إلى العراق، فيما بات يعرف بـ«المبادرة الرباعية» التي حظيت بتأييد من كبار الساسة العراقيين، وذلك بهدف تقريب وجهات النظر بين العواصم الأربع بما يسهم في تجاوز العراق للحالة السياسية الراهنة، لا يزال مصير هذه المبادرة التي أطلقها رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي مجهولا، وسط تباين رؤى الدول المعنية بها.

المبادرة الرباعية، خلفت وجهات نظر متباينة بين كل من أنقرة والرياض وطهران، ففي وقت أشيع بأن بغداد حصلت على ترحيب إيراني، نفت مصادر سعودية لـ«الشرق الأوسط» علمها بالمبادرة، في وقت لا يزال فيه الموقف التركي ملتزما «الصمت».

وقال الدكتور بندر حجار نائب رئيس مجلس الشورى السعودي لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه لا علم لبلاده بوجود هذه المبادرة، وإن المجلس لم يصله أي شيء رسمي من الجانب العراقي حيالها، في وقت أكد فيه أن التنسيق بين المؤسسة البرلمانية في بلاده مع البرلمانات العربية والإسلامية الأخرى «مستمر» وفق الطرق المتبعة في عمليات الاتصال البرلماني، معيدا التأكيد على أن «المبادرة الرباعية» التي تبناها النجيفي لا علم لمجلس الشورى بها.

ويأتي ذلك، فيما أبدت الكتل والقوى السياسية العراقية اهتماما متزايدا بالمبادرة التي أطلقها النجيفي والتي تقضي بأن يستضيف العراق حوارا رباعيا يضم كلا من المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا بهدف معالجة القضايا العالقة بين هذه الدول وبما يخفف من حدة التوتر الإقليمي.

وفي الوقت الذي صدر أول رد فعل من الجانب الإيراني حين أبلغ رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني نظيره العراقي أسامة النجيفي ترحيبه خلال لقائهما في مدينة برن بسويسرا لحضور مؤتمر البرلمانات العالمية، فإنه لم يصدر بعد رد فعل رسمي من البرلمان التركي، فيما نفى مجلس الشورى السعودي في أول رد فعل رسمي له علمه بالمبادرة.

لكن الأوساط الرسمية العراقية تربط بين الزيارة التي سبق أن قام بها النجيفي إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة ولقائه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال شهر رمضان الماضي وسلسلة زياراته التي قام بها إلى كل من إيران لحضور مؤتمر دعم القدس ولقائه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وعلي لاريجاني وزيارته تركيا في طريقه إلى لندن ولقائه مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وبين طرح مبادرته التي سبق له أن طرح ما يماثلها في بغداد خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي لحل القضايا العالقة بين الكتل السياسية العراقية.

من جهته، كشف مقرر البرلمان العراقي محمد الخالدي المقرب من النجيفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس البرلمان أطلع مبادرته الإقليمية على القادة الأربعة الكبار في العراق وهم كل من رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي وزعيم (العراقية) إياد علاوي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وقد حظيت المبادرة برضاهم جميعا لأنها تصب في مصلحة الوضع الداخلي في العراق، كما أنها يمكن أن تسهم في حلحلة القضايا الإقليمية التي تؤثر أيضا في الأوضاع الداخلية في العراق». وأضاف الخالدي أن «النجيفي يمكن أن يدعو الكويت إلى الاجتماع ذاته نظرا للملف الشائك للعلاقات بين البلدين، خاصة أن الجو مناسب الآن لمثل هذه اللقاءات بعد أن حظيت المبادرة باهتمام إقليمي ورضى داخلي تمثل في قناعة الكتل السياسية بالداخل أن هذه المبادرة يمكن أن تمنح العراق دورا إيجابيا في التعامل مع قضايا المنطقة، لا سيما أن النجيفي يملك علاقات متوازنة مع كل هذه الأطراف بعكس معظم قادة العراق الآخرين الذين لا يملكون علاقات تجمع بين السعودية وإيران وتركيا والكويت في آن واحد». وبشأن ما إذا كانت المبادرة هي مبادرة القائمة العراقية بشخص النجيفي أو هي مبادرته بوصفه رئيسا للبرلمان قال الخالدي إن «المبادرة كانت أصلا ذات شقين داخلي والآخر خارجي وقد حظيت بموافقة الكتلة العراقية في وقتها ولكنها الآن مبادرة وطنية عراقية بشخص رئيس البرلمان العراقي ولذلك أرى أن الكتل السياسية العراقية على اختلاف وجهات نظرها بدأت تتعامل معها بإيجابية».

أما القيادي في كتلة التحالف الكردستاني وعضو البرلمان العراقي شوان محمد طه فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «مبادرة النجيفي يمكن أن ينظر إليها من زاويتين داخلية وخارجية فهي من حيث تأثيرها على الأوضاع الداخلية فإنه كان الأجدر أن تهتم الكتل السياسية العراقية بحل القضايا الداخلية العالقة، أما الزاوية الخارجية فإنها إذا كانت تهدف إلى حل القضايا العالقة بين دول الجوار بترتيب عراقي فهذا أمر جيد لكن أن يأتي الآخرون إلى داخل العراق لكي يساعدونا في حل مشاكلنا فأعتقد أن هذا الأمر ليس صحيحا»، مشير إلى أنه «وبرغم كل ما قيل ويقال عن هذه المبادرة فإنها ليست واضحة حتى الآن كما أن النجيفي لم يطرحها داخل البرلمان وهو أمر يجعل من مسألة تقييمها أمرا في منتهى الدقة». وأوضح «أننا في العراق بحاجة إلى حل مشاكلنا مع الدول العربية ومع دول الجوار ولكن نتمنى أن تكون مثل هذه الأمور بأساليب من الشفافية والوضوح».

على صعيد متصل، وجه النجيفي دعوة إلى نظيره الكويتي جاسم الخرافي لزيارة بغداد لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك. وقال بيان صدر عن مكتب النجيفي وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن النجيفي «اتفق مع نظيره الكويتي جاسم الخرافي خلال لقائهما على هامش مشاركته في مؤتمر البرلمانات الدولية في سويسرا، على أهمية إدامة العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين والسعي من أجل تطويرها بما يضمن مصلحة الشعبين الشقيقين وإزالة كل أنواع التشويه التي شابت مسار هذه العلاقات». وأضاف البيان أن «رئيس مجلس النواب العراقي دعا نظيره الخرافي لزيارة بغداد من أجل بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك»، مؤكدا أن «الخرافي رحب بالدعوة ووعد بتلبيتها في أقرب فرصة ممكنة».