حيرة في الشارع العراقي حيال دعم حكومة المالكي لنظام الأسد

أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: هل المؤامرة على سوريا تشمل الدوري والضاري؟

TT

يتميز الشارع العراقي بكونه شارعا سياسيا بامتياز. صحيح أن الحديث في السياسة على عهد النظام السابق كان محكوما بالخطوط الحمراء المعروفة لجميع العراقيين وأهمها عدم توجيه النقد للنظام السياسي وبخاصة رئيسه بأي شكل من الأشكال مع إمكانية توجيه نقد واضح للوزراء والمسؤولين التنفيذيين خصوصا على صعيد الخدمات لكن مع الإشارة الدائمة - إذا كان الحديث يدور في مقهى أو سيارة نقل عام - إلى أنه لو «يسمع السيد الرئيس بمثل هذه الأمور لما قبل» أو «أتمنى أن أقابل القائد وأنقل له ما تفعل الدائرة الفلانية».

اليوم اختلفت الأوضاع في العراق وهو ما يمكن أن يحسب للهامش الواسع من الحرية الذي تحيطه هذه المرة خطوط حمراء من نمط آخر تجعل من الصعوبة فهم ما هو مقبول وما هو غير مقبول في المعادلة السياسية الداخلية والإقليمية. وينطبق هذا على الموقف من إيران أو من سوريا التي تشهد الآن انتفاضة شعبية يمكن أن تؤدي إلى تغيير النظام، لا سيما مع بدء تبلور مفهوم واضح للمعارضة وتشكيل مجلس انتقالي وبدء التعاطي الدولي معه فضلا عن متغيرات عربية باتت حاسمة ومنها الموقف العراقي الرسمي مما يحصل في سوريا اليوم. فهذا الموقف شكل مفارقة لافتة للنظر، لا سيما أن الحكومة العراقية كانت حتى العام الماضي تضع سوريا في خانة أكثر الدول تهديدا للأمن الوطني العراقي من زاويتين؛ الأولى هي إيواؤها لقيادات بعثية وأمنية وسياسية وعشائرية وفصائل مسلحة وهو ما كان يعلنه كبار المسؤولين العراقيين بدءا من رئيس الوزراء نوري المالكي، والثانية هي أن الأراضي السورية تحولت إلى ممر لدخول الإرهابيين إلى داخل العراق.

مع ذلك فإن الموقف الحكومي تغير خلال الشهور الماضية باتجاه دعم نظام الرئيس بشار الأسد رسميا. فكيف ينظر العراقيون البسطاء إلى مثل هذا الأمر؟ «الشرق الأوسط» أجرت استطلاعا لعينات مختلفة من بسطاء الناس بشأن الكيفية التي تتعامل بها الحكومة العراقية مع الحكم في سوريا فكانت هذه الحصيلة.. أم علي (متقاعدة) تسكن حي العامل وهو حي ذو غالبية شيعية تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لا أتعامل مع السياسة لا من قريب ولا من بعيد ولكني كنت أؤدي العمرة خلال شهر رمضان الماضي وكانت تقف إلى جانبي نساء سوريات كن يرفعن أيديهن بالدعاء الحار لإسقاط نظام بشار الأسد». وتضيف أم علي قائلة «شعرت أنهن صادقات حيث كانت الدموع تنزل من عيونهن وهو ما يعني أن هناك اضطهادا وقد ذكرني بما كان العراقيون يعيشونه أيام صدام حسين». وحول ما إذا كانت تخشى سيطرة متشددين على الحكم في سوريا بعد الأسد، استغربت الحاجة أم علي قائلة «أنا لا أعرف نوع الحكم في سوريا أو من يأتي المهم أن تتحقق العدالة».

لكن حمزة ياسين (متقاعد) الذي يقطن حي البلديات وهو الآخر ذو غالبية شيعية يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «سوريا تحمي العراقيين من دخول تنظيم القاعدة إلى العراق ودعم الجماعات الإرهابية في العراق وتوتر الوضع الأمني في البلاد يمكن أن يشكل تدهورا للنظام السوري».

أما الشيخ فرهاد دويخ من وجهاء قبيلة آل غزي (قبيلة شيعية كبيرة) فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام السوري صاحب فضل على السياسيين الشيعة وهو آواهم وحضنهم في أيام النظام السابق»، مشيرا إلى أن «دعم سوريا للجماعات المسلحة في الأعوام السابقة لم يكن واضحا، لأن سوريا تعاني من إرهاب الجماعات التي تدعي أنها إسلامية».

من جانبها تقول السيدة أم أفراح (ربة بيت) وتقطن حي الإسكان غرب بغداد، إن «الناس لم تعد تعرف الصالح من الطالح، فسوريا ومثلما نسمع ونشاهد بالتلفزيون هي التي ترسل الإرهابيين والمفخخات مثلما كانوا يقولون اليوم الأمر اختلف.. هل كان ما يقال تهمة فقط أم أن المصالح غيرت النفوس؟».

أما المواطن هادي سوادي (كاسب) فيقول إن «السياسة جعلتنا نضرب أخماسا في أسداس بالأمس كانوا يخوفوننا من سوريا لأنها تؤوي عزة إبراهيم وحارث الضاري وغيرهما من المسؤولين السابقين واليوم يقولون سوريا تتعرض إلى مؤامرة أريد أن أسأل سياسيينا أين الدوري والضاري الآن.. هل هما مشمولان بهذه المؤامرة؟».

بدورها تقول المواطنة أم رعد (معلمة) وتقطن حي الشهداء «أعتقد أن الدعم السياسي من قبل حكومتنا لنظام بشار الأسد مرتبط بأجندة غير عراقية، وهو أمر يشكل خطورة على الأوضاع في العراق لأنها ما زالت هشة وما زال الإرهابيون قادرين على الضرب ومصدر الكثير منهم سوريا مثلما كانت الحكومة تقول وهي صادقة، ولكن ما الذي حصل اليوم بحيث تغيرت الصورة.. الناس تتحدث عن أصابع إيرانية وراء هذا الدعم، وهو يأتي على حساب المصلحة العراقية».

من جانبه يرى المواطن بركات حمادي (طالب جامعي) أن «التحول باتجاه دعم الأسد من قبل الحكومة العراقية أمر ربما يرتبط بالمصلحة المشتركة للطرفين باتجاه مواجهة خصم واحد وهذا الخصم قد يكون سياسيا مرة أو دينيا بأي لبوس من ألبسة الدين مرة أخرى، وفي كل الأحوال فإنه يدل على عدم وجود استراتيجية واضحة تحكم السياسة الخارجية العراقية الآن وفي المستقبل المنظور على الأقل».

السيدة ربيعة عبد الحسين (موظفة) ترى أن «المفروض بالحكومة العراقية أن تنظر إلى مصلحة العراقيين، خصوصا أن السياسيين العراقيين يقولون إن العراق كان سباقا في التغيير أو الربيع العربي، والسؤال الذي لا بد من الإجابة عنه هو لماذا نؤيد بلا حدود ثورات مصر وليبيا واليمن ونتوقف عند سوريا؟».