الكاتب العام للهيئة العليا المستقلة للانتخابات: الوفدان المصري والليبي يريدان الاستفادة من التجربة الانتخابية التونسية

بوبكر بالثابت لـ «الشرق الأوسط»: غاب العنف السياسي وظهرت علامات التسامح والقبول بالآخر

بوبكر بالثابت
TT

قال بوبكر بالثابت الكاتب العام للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، إن الحملة الانتخابية في تونس تسير سيرا إيجابيا. وأوضح أنه «لا نتوقع حدوث أي مفاجآت متعلقة بالانتخابات في تونس»، مؤكدا أنه من أهم ما لوحظ في سير الحملة الانتخابية في تونس هو «غياب العنف ذي الطابع السياسي وظهور علامات التسامح والقبول بالآخر». ودعا التونسيين إلى تجسيد مشاركتهم الفاعلة في التصويت الأحد المقبل، وأوضح «حتى نتأكد يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) أننا أصبحنا في تونس الجديدة ولا مجال للرجوع للوراء».

وقال بالثابت في حوار خص به «الشرق الأوسط» إن الحملة الانتخابية «تسير سيرا إيجابيا والاستعدادات في حالة اكتمال». وبين أنه رغم حدوث تجاوزات من طرف بعض الأحزاب فإنها «تعتبر معقولة، لأنها ناشئة عن عدم اطلاع على الإجراءات أو استسهال للأمور».

وتحدث الكاتب العام أيضا عن المراقبين المعتمدين الذين يفوق عددهم 7 آلاف، و600 منهم أجانب، مؤكدا أنهم سيقومون بتتبع المسار وإعداد تقارير دون التدخل في سير الانتخابات.

كما تحدث عن مشاركة وفود أجنبية وعربية «علاوة على وفدين ذوي خصوصية المصري والليبي وهم المهتمون بالإشراف وإعداد الانتخابات في بلدانهم، ويريدون خاصة الاستفادة من التجربة التونسية». وتوقع بالثابت أن تتم قبول نتائج الانتخابات بشكل إيجابي، وقال إن دور الحكومة في هذه الانتخابات اقتصر على تقديم التسهيلات التي تطلبها منها الهيئة دون التدخل في عملها. وجاءت تصريحات بوبكر بالثابت في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالعاصمة التونسية، وجاء الحوار على النحو التالي:

*كيف تقيمون سير الانتخابات؟

- نرى أنها تسير سيرا إيجابيا والاستعدادات في حالة اكتمال، وعمليات الاقتراع انطلقت بالنسبة للتونسيين بالخارج، وبالنسبة لعملية الاقتراع التي ستتم في التراب التونسي الاستعدادات شبه مكتملة والأحد المقبل الاقتراع.

*هل تم تسجيل تجاوزات من طرف الأحزاب المرشحة خلال الحملة الانتخابية؟

- أكيد حدثت بعض التجاوزات، مثل القيام باجتماعات لم يتم إعلام اللجنة بها، وتثبيت ملصقات في غير الأماكن المخصصة، والقيام بمظاهرات في الشوارع دون استكمال الإجراءات الإدارية، ولكن باعتبارها أول انتخابات مفتوحة ستجري في تونس فالتجاوزات تعتبر معقولة، لأنها ناشئة عن عدم اطلاع على الإجراءات أو استسهال للأمور، كما أنها لم تتخذ طابعا ممنهجا وكانت محدودة في الزمان والمكان. وأهم ما تميزت به الحملة، غياب العنف ذي الطابع السياسي وظهور علامات التسامح والقبول بالآخر.

*من هم الملاحظون (المراقبون)؟ وما هو دورهم؟

- الملاحظون المعتمدون يفوق عددهم 7 آلاف، و600 منهم أجانب من منظمتين عربيتين وهما «الشبكة العربية لملاحظة الانتخابات» و«مركز الكواكبي» في الأردن، وبالنسبة للأجانب فهم من أميركا من «مركز كارتر» لمراقبة الانتخابات، ومن «المعهد الديمقراطي» و«المعهد الجمهوري» ومن الاتحاد الأوروبي، وبعثات أخرى مثل لجنة الانتخابات الروسية. وبالنسبة للملاحظين المحليين فهم أساسا من منظمات وجمعيات تونسية. سيقومون بتتبع المسار وإعداد تقارير وفق مدونة الملاحظين المعدة من الهيئة العليا للانتخابات والمعايير الدولية دون التدخل في سير الانتخابات.

*شهدنا حضور العديد من الوفود الأجنبية لتونس، لماذا هذا الإقبال على الانتخابات التونسية؟ ومن أبرز المهتمين؟

- هناك اهتمام بالاطلاع على ما يجري في تونس حاليا، وهناك عدة ضيوف حلوا على الهيئة والشعب التونسي، هم بالأساس وفود برلمانية من الدول العربية وأوروبا وآسيا وأميركا، ومن ممثلي السفارات الموجودة الذين توزعوا على كامل مناطق البلاد لمشاهدة عملية الانتخابات، علاوة على وفدين ذوي خصوصية خاصة، المصري والليبي، وهم المهتمون بالإشراف وإعداد الانتخابات في بلدانهم، ويريدون خاصة الاستفادة من التجربة التونسية.

*لاحظنا حضورا إعلاميا مكثفا من وسائل عالمية، بماذا تفسرون هذا الإقبال الإعلامي؟

- نعم الحضور المكثف جاء برغبة من وسائل الإعلام التي رأينا منها رغبة كبيرة لمواكبة هذه الانتخابات التي تتم لأول مرة، كما أنها تعتبر أول انتخابات مفتوحة ستتم في الوطن العربي.

*ما الدور الذي لعبته «الهيئة العليا للانتخابات» في الحملة منذ بدايتها إلى اليوم؟

- دور الهيئة بدأ منذ الفترة التحضيرية، أي منذ بداية تسجيل الناخبين وسيتواصل إلى حين إعلان النتائج خلال جميع المراحل القانونية والزمنية بالإعداد والإشراف والتنفيذ والرقابة. وسينتهي دورنا بإعلان النتائج وإعداد التقرير النهائي عن العملية الانتخابية ونشره.

وسيكون إعداد التقرير النهائي متأخرا بعض الوقت عن إعلان النتائج، لأنه يحتاج إلى بعض الوقت لتوثيق العملية الانتخابية وتقديم عرض عن كيفية سير العملية منذ البدء وعرض الإيجابيات لاعتمادها كنقاط قوة يمكن الاستفادة منها مستقبلا، والسلبيات للتدارك وتقييم داخلي للعملية الانتخابية.

*كم عدد المسجلين حاليا للإدلاء بأصواتهم؟

- بلغ عدد المسجلين 4 ملايين ومائة ألف تونسي، وهي نسبة تفوق 58 في المائة من العدد الإجمالي للتونسيين المخولين للتصويت، وأبقينا مجال التصويت ممكنا لمن لم يسجلوا بعد بتخصيص مراكز إضافية خاصة لمن يريد المشاركة في نفس اليوم.

*كم بلغ عدد الأحزاب التي شاركت فعليا في الحملة الانتخابية؟

- 81 حزبا شاركوا وتتراوح نسب مشاركتهم من أحزاب مشاركة في دائرة واحدة إلى أخرى مشاركة في 33 دائرة.

*كيف كان تعاون الحكومة مع الهيئة؟ وهل تدخلت في عملكم أو حاولت توجيهه في أي مرحلة؟

- توجيه قرار الهيئة غير موجود والهيئة لم تسمح به، ولم يحاولوا توجيهنا، ودور الحكومة في هذه الانتخابات هو تقديم التسهيلات التي تطلبها منها الهيئة، وجزء كبير من التسهيلات وجدناها، لكن هذا لا يمنع أننا وجدنا بعض الصعوبات في البداية حيث لم تستوعب الإدارة العمومية وبعض الأوساط أن العملية الانتخابية تقوم بها هيئة مستقلة، لكن بعد ذلك تم تجاوز المرحلة وأبدوا تعاونا مستمرا إلى الآن.

*أشرتم إلى مشاركة التونسيين بالخارج، كيف تقيمونها؟

- لاحظنا حماسا كبيرا في المشاركة وإقبالا على مراكز الاقتراع شرق العالم وغربه، وانطلق التسجيل في كل الدول وتمتد عملية التصويت على ثلاثة أيام من الخميس إلى السبت. ولم تلاحظ إشكاليات من أي نوع.

*أشار بعض السياسيين في خطاباتهم إلى إمكانية حدوث مفاجآت قد تفسد سير الانتخابات، ما رأيكم؟ وهل تتوقعون حدوثها بالفعل؟

- لا نتوقع أي مفاجآت، ونتوقع أن تتم قبول نتائج الانتخابات بشكل إيجابي، وإذا لم يتم تقبل النتائج فهناك إجراءات قانونية سيتم تطبيقها، والضمانات موفرة لجميع الأطراف وسيقع اعتمادها حتى نتأكد من أن المجتمع يقوده القانون.

*ما رأيكم في الأداء الأمني حاليا في تونس؟ وهل تنسقون مع الجهات الأمنية لضمان سلامة العملية الانتخابية؟

- منذ مدة تم تكوين لجنة تضم وزارة الداخلية والدفاع وتترأسها الهيئة، مهمتها تنسيق وتأمين المسار الانتخابي، كما تكونت لجان محلية لنفس الغرض في كل دائرة انتخابية. وأهم ما يقال هو أن منظومة الأمن قائمة على استكمال الاستعدادات الأمنية وكلنا ثقة في أنها تمت، وكذلك ثقة المواطن في نفسه وقدرته على تغليب الإرادة الفردية الخيرة التي تصنع إرادة جماعية للمجتمع تبني المستقبل وتتغلب على الخوف الذي يصنعه البعض بالإشاعات، وتحرك المواطن في ثقة لمكاتب الاقتراع يجعل من هذا الخوف وصانعي الإشاعة مجرد سراب ولا يمكن أن نترك مصيرنا للوهم ليتغلب علينا، ويحدد بدلا منا مستقبل البلاد، والدعوة مفتوحة للجميع، لكل مواطن ومواطنة، لأن يجسد مشاركته الفاعلة يوم الأحد المقبل، حتى نتأكد يوم 24 أكتوبر أننا أصبحنا في تونس الجديدة ولا مجال للرجوع للوراء في هذا السياق، والقرار الحقيقي بيد وبصوت كل تونسية وكل تونسي.