مقاهي الخياطة تغزو باريس وتحتفي بمبدأ المشاركة

بعد مقاهي الإنترنت ودراجات الحرية وكل الظواهر التي ولدت مع الأزمة

«مقاهي الخياطة»، مجهزة بمكائن كهربائية يمكن للزبون أو الزبونة استخدامها لرتق سروال مفتوق أو تقصير تنورة
TT

هل هي الأزمة الاقتصادية التي تدفع الباريسيين والباريسيات إلى التشارك في الأجهزة الإلكترونية أو المعدات المنزلية أو حتى السيارات؟

بعد مقاهي الإنترنت المنتشرة في كل مكان والتي تتيح استخدام الحاسوب لمن لا يملك واحدا في بيته، لا سيما الطلبة، وبعد «دراجات الحرية» و«سيارات الحرية» التي تضعها البلدية تحت خدمة المواطنين لساعات محددة، بدأت تظهر في باريس مقاه من نوع خاص تدعى «مقاهي الخياطة»، مجهزة بمكائن كهربائية يمكن للزبون أو الزبونة استخدامها لرتق سروال مفتوق أو تقصير تنورة مضت موضتها.

واحدة من تلك المقاهي كانت من ابتكار المصممتين مارتينا دوس وسيسي أوليس. وقد فتحت أبوابها في حي يطل على قناة «سان مارتان»، بين ساحتي «الباستيل» و« ريبوبليك». ويتميز المقهى بأنه يعود في ديكوره إلى السنوات الخوالي، أيام كانت ماكينة الخياطة جزءا أساسيا في جهاز كل عروس. كما يمكن لمن تريد، أو لمن يريد، الحضور لخمس مرات في الأُسبوع وتلقي دروس في مبادئ الخياطة وكيفية تثبيت الأزرار أو طي ذيل السروال بحسب القامة.

وطبعا، فإن هذه الخدمة غير مجانية، لكنها تقدم بمبالغ زهيدة نسبيا ولا تقارن بما يتقاضاه الخياطون في باريس أو ما راح يطالب به أصحاب دكاكين «الرتوش» من مبالغ مقابل توسيع بنطلون ضيق أو إضفاء ملمح حديث على بدلة قديمة. فقد بدأت هذه الدكاكين على أيدي المهاجرين الأتراك ثم الباكستانيين، بأُجور زهيدة، ثم انتشرت في كل حي وشارع مع مجيء موجات مهاجري شرق أُوروبا، وبدل أن تخفض المنافسة الأسعار فإنها أشعلتها بشكل صار من الأنسب فيه اقتناء قطعة ثياب جديدة من متجر متواضع على تصليح قطعة قديمة.

وهناك دكاكين للخياطة لا تنتحل صفات المقاهي، مثل «سويت شوب» الذي يضع تحت تصرف الزبون ماكينة خياطة مقابل 6 يوروات في الساعة أو 25 يورو للنهار كله، بضمنها احتساء الشاي أو القهوة. ولاجتذاب الزبائن، يوجه أصحاب الدكان دعوة لأحد المصممين أو المصممات، مرة في الشهر، للتحاور مع الزبائن وإسداء النصائح لهم فيما يتعلق بثيابهم القديمة أو مظهرهم الخارجي. كما يتيح المكان خياطة الستائر لبيت جديد أو مفارش السفرة التي صارت الجاهزة منها تباع بأسعار لا تقع في متناول الفرنسي المتوسط الدخل، أو تنفيذ أفكار تدور في عقول بعض النساء الموهوبات اللائي لا يعرفن كيف يخرجنها إلى النور.