كيف أثر «الربيع العربي» على الإصلاحات الاقتصادية في المنطقة؟

دبي: «الشرق الأوسط»

TT

كثفت الاضطرابات السياسية في العالم العربي الضغط على حكومات المنطقة لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير الوظائف. ويتطلب ذلك إصلاحات اقتصادية لكن الحكومات في الوقت الحالي على الأقل أضحت أقل استعدادا لدراسة كثير من الإصلاحات، خشية إثارة غضب شعبي ضد النخبة في قطاع الأعمال ومخاوف من أن يضر أي تغيير للسياسات بمستويات المعيشة على المدى القصير.

فيما يلي النظرة المستقبلية للإصلاحات الاقتصادية الرئيسية في عدة دول عربية الجزائر:

سياسة الطاقة: جاء رد فعل الجزائر على الربيع العربي برفع أجور العاملين في القطاع العام وزيادة الدعم بسخاء على المواد الغذائية، ودفع إعانات للشبان العاطلين عن العمل، وبوسعها مواصلة هذا النهج بفضل احتياطي من النقد الأجنبي يقدر بنحو 150 مليار دولار. لكنها تواجه تهديدا طويل الأجل، إذ إن الإنتاج من أكبر حقول الغاز الطبيعي في البلاد بلغ الحد الأقصى وسيبدأ قريبا في التراجع. ويتنامى الاقتناع داخل الحكومة بضرورة تحرير قانون النفط والغاز لتحفيز الاستثمار في قطاع الغاز، لكنها لم تعلن حتى الآن أي برامج إصلاح.

مصر:

الدعم: تناقش حكومة تسيير الأعمال في مصر سبل إصلاح نظام دعم الغذاء باهظ التكلفة، الذي يهدر الأموال ويشوبه الفساد ليستهدف المحتاجين على نحو أكثر فعالية. وتبلغ تكلفة الدعم 5.5 مليار دولار سنويا. وتدرس الحكومة بيع القمح والدقيق للمطاحن والمخابز بسعر السوق. ولكن إجراء إصلاحات هامة قضية حساسة سياسيا، لذا ربما تضطر الحكومة للانتظار لما بعد الانتخابات التي ربما تمتد لأواخر عام 2012.

الإصلاح القانوني: تعدل مصر قوانين قطاع الأعمال منذ نحو عشر سنوات لكن نظام المحاكم الاقتصادية لم يثبت فعاليته، كما أن القواعد المعقدة والمشكلات القائمة المتصلة بعقود بيع أراضي الدولة تضر بالنمو.

الخصخصة: جرى تعليق برنامج الخصخصة بسبب دعاوى قانونية أمام المحاكم ضد صفقات سابقة لبيع أصول مملوكة للدولة وصفقات تجارية نفذها النظام السابق.

الأردن:

الإنفاق الحكومي: يضع التوسع في نظام هيمنة الدولة أعباء على الاقتصاد من خلال أجور العاملين في الدولة والإنفاق العسكري وتنامت هذه الأعباء مع زيادة الدعم، كرد فعل للربيع العربي. وأثارت إقالة محافظ البنك المركزي في الشهر الماضي مخاوف من أن تلجأ الحكومة لأموال البنك لتمويل عجز الميزانية.

وأقال العاهل الأردني الملك عبد الله الحكومة، الأسبوع الماضي، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كان رئيس الوزراء الجديد عون الخصاونة، وهو قاض دولي، سيغير السياسة الاقتصادية أم لا.

ليبيا:

بحكم المحسوبية: يتحكم أفراد من أسرة معمر القذافي في قطاعات كبيرة من الاقتصاد، من بينها شركتان للهاتف الجوال والملاحة. سيتغير الوضع الآن ومن المحتمل أن تنشأ هياكل ملكية أكثر عدالة وحيوية.

الأنشطة الاقتصادية الجديدة: لم تعط الحكومة المؤقتة الجديدة مؤشرات واضحة عن سياساتها الاقتصادية ومن المرجح أن تظل الطاقة محور الاقتصاد، وربما يعزز تحسن العلاقات مع بقية دول العالم النمو في قطاعات مهملة مثل السياحة.

المغرب:

المنافسة: مُنحت تراخيص وعقود حكومية لرجال أعمال وشركات أجنبية دون طرحها في عطاءات. وفي الشهر الماضي تعهد مجلس المنافسة المغربي بمزيد من الشفافية والحياد التام في التعامل مع الشركات المملوكة للأسرة الملكية، وهي أكبر شركات خاصة تتحكم في الاقتصاد. وقال المجلس إنه ربما ينبغي الانتظار حتى أواخر عام 2012 ليحظى بسلطات تتيح له ذلك.

السياسة المالية: أدى التوسع في الإنفاق الاجتماعي في أعقاب انتفاضات الربيع العربي لاتساع عجز الميزانية، لذا فإن الحكومة تدرس سبل ترشيد الإنفاق بإصلاح نظام الدعم وبيع أسهم مملوكة للدولة في شركات مغربية. لكن المناقشات الخاصة بالإصلاح المالي معلقة، في انتظار إجراء الانتخابات البرلمانية الشهر المقبل. ويرأس وزير المالية حزبا قد ينتهي به المطاف معارضا للائتلاف الحاكم، ومن ثم فإنه مهمش في عملية أخذ قرارات استراتيجية كما أرجئ تقديم ميزانية 2012 للبرلمان.

تونس:

الخصخصة: أوقفت الثورة في تونس فعليا خطط الخصخصة وتحرير أكبر للاقتصاد واكتسبت نقابات العمال والجماعات ذات الاتجاهات اليسارية التي تعارض الخصخصة قوة غير مسبوقة وتجرى اليوم انتخابات المجلس التأسيسي، ومن المتوقع أن تمنح السلطة لمزيج من الإسلاميين المعتدلين والأحزاب اليسارية. وفقد الساسة الذين يضغطون من أجل سياسات صديقة للسوق مصداقيتهم لصلتهم بالنظام السابق وركزت الحملة الانتخابية على توفير حماية أكبر للفقراء والضعفاء وليس على تحرير الاقتصاد.