أحياء في حمص تعيش «أجواء حرب».. وسقوط قتلى في اقتحام الأمن مسجدا بريف درعا

اتهامات للنظام بشن ضربات استباقية ضد الناشطين في دمشق قبل وصول وفد الجامعة العربية

متظاهرون يشيعون أحد قتلى الانتفاضة بمحافظة إدلب أمس
TT

استمر توتر الوضع في سوريا عموما وفي محافظتي درعا وحمص أمس، حيث وصف سكان في حمص الوضع في بعض الأحياء بأنه «حالة حرب حقيقية»، في وقت كانت قوات الأمن تقتحم فيه مسجد سعد بن أبي وقاص في قرية المسيفرة في ريف درعا، ووردت تقارير عن مقتل 17 شخصا هناك.

وجاء ذلك بعد ساعات على تأكيد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش السوري والقوات المسلحة العماد فهد جاسم الفريج أن «ما تتعرض له سوريا هو فصل جديد من فصول التآمر الغربي الصهيوني والأميركي على شعوب المنطقة ومقدرات أبنائها»، منتقدا «الغرب ومن يدعون حرصهم على حقوق الإنسان في سوريا»، ووصفهم بأنهم «يغمضون أعينهم عن انتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لحقوق الإنسان في فلسطين والجولان وجنوب لبنان»، ولم تفته الإشارة إلى ما يسميه النظام السوري «قنوات التحريض الإعلامي»، وقال الفريج: «التغطية الإعلامية لبعض القنوات التحريضية للأحداث في سوريا لا تتوخى الدقة والمهنية، ولا تحمل أي مصداقية، وهي تشترك في تنفيذ المؤامرة على سوريا».

من جانبها، قالت مصادر محلية إن قوات الأمن اقتحمت مسجد سعد بن أبي وقاص في قرية المسيفرة بدرعا، وقتلت نحو 17 شخصا. وكانت قوات الأمن والجيش السوري اقتحمت بلدات وقرى في محافظتي درعا وحمص، أمس، لتعقب نشطاء ومنشقين عن الجيش، من خلال عمليات عسكرية موسعة جرى خلالها اشتباكات بين الجيش ومنشقين.

وجرت صباح أمس اشتباكات عنيفة بين «كتيبة الشهيد الملازم أحمد الخلف» في «الجيش الحر» المنشق وقوات من الجيش السوري في مساكن قرية صيدا بدرعا، وسمعت أصوات كثيفة لإطلاق النار، وأكدت مصادر محلية حصول انشقاق عدد من عناصر الجيش داخل مساكن صيدا.

وأعلنت «كتيبة الشهيد الملازم أحمد الخلف»، القطاع الجنوبي/ درعا، بأنها قامت «بإغلاق جميع الطرق في حوران وجميع عناصرها في حالة استنفار قصوى وجاهزية تامة»، وأنها ستتصدى لكل من يحاول فتح الطرق أو إجبار المواطنين العزل على إنهاء الإضراب».

وكانت المحلات والأسواق والمكاتب قد أغلقت أبوابها في عدة بلدات في ريف درعا أمس لليوم الخامس على التوالي، في إطار إضراب عام. وأظهرت لقطات فيديو يزعم أنها لبلدة داعل والمنطقة الصناعية بمدينة درعا أمس صفوفا من المحلات التجارية المغلقة.

من جهتها، ذكرت لجان التنسيق المحلية في بيان أن «سوريا شهدت اليوم إضرابا عاما في درعا البلد ومعظم قرى محافظة درعا مثل خربة غزالة وداعل وانخل والمليحة الشرقية والصنمين ونوى، التي عمدت قوات الأمن فيها لأخذ أسماء كل المحال التجارية المغلقة».

وأوضحت اللجان أن «الإضراب مستمر منذ أسبوع، والأهالي مصرون على الإضراب حتى تحقيق مطالبهم بانسحاب الجيش من المدن والإفراج عن المعتقلين».

ونقلت تنسيقية درعا، عبر صفحتها الخاصة على «فيس بوك»، أن أكثر من 20 حافلة وسيارة اقتحمت البلدة أمس، وقام من فيها بإطلاق النار عشوائيا لترهيب الأهالي، وقد دعت قوات الأمن وعبر مكبرات الصوت أهل البلدة بضرورة فك الإضراب والعصيان المدني داعين الموظفين للذهاب إلى عملهم والأطفال إلى مدارسهم.

وذكرت أن أهالي خربة غزالة تمسكوا بالعصيان مطالبة بالإفراج عن المعتقلين الذين بلغ عددهم الـ40 خلال الأسبوع الماضي.

كما شهدت قرى المسيفرة والجيزة والنعيمة في درعا، صباح أمس، اقتحاما من قبل قوات الأمن والشبيحة، ترافق مع إطلاق كثيف للنار وإحراق للدراجات النارية وبعض الممتلكات الخاصة، مع اعتقال العشرات ونصيب قرية المسيفرة وحدها كان نحو 30 معتقلا، والنعيمة 20 شخصا. كما قالت مصادر محلية إنه تم اقتحام هذه القرية بالدبابات.

وفي قرية كفر شمس بدرعا، قامت قوات الأمن معززة بالجيش صباح أمس باقتحام البلدة، ترافق مع إطلاق كثيف للنار أسفر عن جرح شخص، وتم اعتقاله مصابا، وفي معلومات غير مؤكدة قالت مصادر محلية إن هناك حديثا عن اعتقال 12 طفلا.

وفي مدينة حمص، قال سكان إن مناطق البياضة ودير بعلبة وجزء من حي الخالدية عاشت ظهر أمس «حالة حرب حقيقية»، بعد قيام قوات الأمن والشبيحة الموجودين في مخفر البياضة بفتح النار عشوائيا، ودخولهم باتجاه الشارع الرئيسي المؤدي إلى دير بعلبة، وجرى إطلاق النار على السيارات، كما اتجهت دبابات إلى شارع الزير ومنطقة معارض السيارات، وأطلقت تلك القوات النار باتجاه الحي، مما أسفر عن احتراق بيتين قرب شارع الزير ووقوع عدد من الجرحى.

كما تحدثت مصادر محلية عن سماع أصوات انفجارات ضخمة في حي دير بعلبه أسفرت عن اشتعال حرائق في بعض المنازل والسيارات، كما تم فرض عزلة على الحي حيث قطعت الاتصالات والكهرباء وجرت حملة اعتقالات بينهم الناشط عبد الله الحمد. وفي حي البياضة انتشرت الدبابات وعناصر الأمن وأصيب أكثر من منزل بالقذائف العشوائية، وفي حي عشيرة جرت عمليات مداهمة وتمشيط وتفتيش واعتقالات. وفي بلدة تلبيسة أصيب شابان جراء إطلاق عشوائي للنار من قبل الأمن في شارع الكرامة، الذي انتشر فيه الأمن والجيش بشكل كثيف.

ومن جانبه، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان «خطف عميد كلية الهندسة الكيميائية والبترولية محمد خضور من قبل مسلحين مجهولين قتلوا ضابطا حاول حماية العميد من المسلحين».

من جهتها، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية عن المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 3 أشخاص، وقال المرصد إن مدنيين قتلا فجر أمس في ريف حماه (وسط سوريا)، فضلا عن مقتل مواطن في دير الزور.

وأوضح أن مدنيين قتلا، فجر أمس، في بلدة قلعة المضيق الواقعة في ريف حماه، مشيرا إلى أن جنازتهما تحولت إلى «تظاهرة حاشدة تطالب بإسقاط النظام»، وأضاف أن «رجال الأمن كانوا عند حاجز تفتيش نصب على مدخل مدينة الميادين التابعة لمحافظة دير الزور (شرق) أطلقوا النار على سيارة رفضت التوقف ما أسفر عن مقتل مواطن وجرح اثنين آخرين».

وأشار المرصد إلى وفاة ثلاثة أشخاص أمس «أحدهم مات متأثرا بجروح أصيب بها أول من أمس (السبت)، عندما أطلق رجال الأمن النار عليه من حاجز تفتيش في قرية سيدون التابعة لريف إدلب (شمال غرب)».

كما تسلم ذوو شابين جثماني ابنيهما المعتقلين؛ أحدهما في حمص، والآخر في داريا (ريف دمشق)، بعدما «توفيا تحت التعذيب»، بحسب ما أعلن المرصد.

وجاءت هذه الأحداث غداة مقتل ثمانية مدنيين في عمليات دهم وإطلاق رصاص في سوريا؛ خمسة منهم في مدينة حمص.

ومع اقتراب موعد زيارة لجنة الجامعة العربية إلى دمشق، المقرر صباح الأربعاء، قال ناشطون إن حملة اعتقالات واسعة شملت نحو ثلاثة آلاف شاب في حي الميدان وحي القدم في دمشق العاصمة، خلال الأسبوع الماضي. وتوقع الناشطون أن الاعتقالات ستتزايد خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك كضربة استباقية للمتظاهرين كي لا تخرج المظاهرات أثناء وجود لجنة الجامعة العربية، أما في ريف دمشق فيقول الناشطون إن أعمال تصفية تجري للناشطين السلميين.