الأسد يعين محافظين جديدين في إدلب وريف دمشق الملتهبتين

منذ اندلاع الانتفاضة أعفى النظام نحو نصف المحافظين الـ14

TT

أصدر الرئيس السوري، بشار الأسد، أمس، مرسوما رئاسيا يقضي بتعيين ياسر سلمان الشوفي محافظا لإدلب، والمهندس حسين مخلوف مخلوف محافظا لريف دمشق. ويأتي الإعلان في وقت تفرض فيه قوات الأمن السورية حصارا أمنيا شديدا على أغلب مدن وبلدات محافظة ريف دمشق، التي تحيط بالعاصمة كالطوق، والتي لم تهدأ فيها الاحتجاجات منذ سبعة أشهر، وكذلك محافظة إدلب التي شن فيها الجيش السوري أكثر من عملية عسكرية موسعة في منطقة جسر الشغور وجبل الزاوية وغالبية القرى القريبة من الحدود مع تركيا.

ويأتي تعيين المحافظين الجديدين خلفا لكل من محافظ إدلب السابق خالد الأحمد، ومحافظ ريف دمشق السابق زاهد حاج موسى. ويشار إلى أن الشوفي قبل تعيينه محافظا لإدلب كان قائدا لشرطة حلب، بينما كان يشغل مخلوف منصب المدير العام للهيئة العامة للموارد المائية.

ويقول نشطاء إن قوات الأسد اقتحمت بلدات وقرى في المحافظتين هذا الشهر؛ بحثا عن نشطاء ومنشقين عن الجيش. وأدت هذه الحملات إلى وقوع اشتباكات بين الجيش ومنشقين مشتبه فيهم.

وخلال سبعة أشهر منذ بدء الاحتجاجات في سوريا في 15 مارس (آذار) الماضي، صدرت مراسيم تغير نحو نصف عدد المحافظين الـ14، وخصوصا في المحافظات التي شهدت احتجاجات كبيرة، حيث أعفى الرئيس الأسد محافظي كل من مدينتي درعا وحمص على خلفية سياستهما الاقتصادية الفاشلة، التي كانت أحد أهم أسباب تفجر الأوضاع هناك، فمن درعا انطلقت الثورة السورية لتكون حمص عاصمة الثورة جراء تراكم حالة الاحتقان والغضب الناجم عن شعور شديد بالظلم، كرسته الحلول الأمنية والعسكرية التي زادت في توقد الاحتجاجات.

وعلى الضد من ذلك صدر مرسوم يقضي بإعفاء محافظ حماه أحمد عبد العزيز، وتعيين الدكتور أنس الناعم خلفا له، دون ذكر الأسباب رسميا، إلا أنه في الأوساط الشعبية كان واضحا أن السبب هو حالة شبه التفاهم بين الأهالي في حماه والمحافظ، والسماح لهم بالتظاهر، الأمر الذي أدى إلى اصطدام سياسات المحافظ الدبلوماسية مع الأجهزة الأمنية التي أرادت سحق الاحتجاجات بالقوة.

ويذكر أيضا أن مرسومين آخرين صدرا أواخر يوليو (تموز) الماضي، الأول يقضي بنقل محافظ دير الزور وتعيينه محافظا للقنيطرة، وإعفاء محافظ القنيطرة من مهامه، ويقضي الثاني بتعيين سمير عثمان الشيخ محافظا جديدا لمحافظة دير الزور, التي اشتدت فيها الاحتجاجات وتمت مواجهتها بعمليات عسكرية وأمنية بعد تغيير المحافظ.

كما أصدر الأسد في أغسطس (آب) الماضي مرسوما يقضي بتعيين موفق خلوف محافظا لحلب، خلفا لعلي أحمد منصورة، علما أن مدينة حلب لم تدخل بعد بشكل كامل في حركة الاحتجاج، وما تزال المظاهرات مقتصرة على بعض قرى ريف حلب.

ويلفت ناشطون إلى «أن الأسد يعمد إلى استبدال محافظ مدينة ما، حين يشعر أن هذه المدينة بدأت تخرج عن سيطرته وتعمها الاحتجاجات المطالبة برحيله». ويضيف الناشطون «هذا ما حدث في حماه ودرعا وحمص ودير الزور، فتغيير المحافظ لا يأتي استجابة لمطالبة المتظاهرين كما أراد الإعلام الرسمي أن يشيع، بل لتحصين المدن في مواجهة المظاهرات الشعبية التي تخرج منها».

ويشير الناشطون إلى أنه «حين أصدر بشار الأسد قرارا بتعيين محافظ جديد لمدينة حماه وكف يد المحافظ القديم، جاء هذا القرار كعقوبة للمحافظ القديم الذي رفض أن يوجه الأمن السوري سلاحه على المتظاهرين السلميين، وتم جلب محافظ جديد له خبرة في الأمن والعسكر أمر على الفور باجتياح الساحات وقصف المدينة لإنهاء الاحتجاجات المطالبة بالحرية، طبعا بضوء أخضر من الأسد نفسه».

وحسب النظام الدستوري المعمول به في سوريا، فإن المحافظين في المدن السورية يتبعون رئيس الجمهورية بشكل مباشر ويبقون على اتصال به، الأمر الذي يجعل الناشطين يفهمون اهتمام الرئيس الأسد والقيادة السورية بطاقم المحافظين الموجودين في المحافظات والاعتماد عليهم في قمع المظاهرات الشعبية.

ويلاحظ أحد الناشطين «أن الأسد بدأ منذ بداية الثورة السورية باستبدال الشخصيات الإدارية التي كانت تشغل مناصب محافظين، بشخصيات تمتلك خبرات أمنية وعسكرية يمكن الاعتماد عليها في قمع الاحتجاجات المناهضة لنظام الحكم، خاصة أن معظم التعيينات الجديدة للمحافظين يرافقها تغيرات في رؤساء الأجهزة الأمنية، وهذا ما حدث في مدينة حماه منذ شهور».