ملابسات قتل القذافي لا تزال في بؤرة الاهتمام العالمي

كلينتون تؤيد التحقيق.. ولندن تعتبر أن سمعة «الانتقالي لطخت»

TT

بعد 4 أيام من مقتل العقيد الليبي معمر القذافي، ما زال العالم مهتما بسبر أغوار ملابسات واقعة قتله، التي تضاربت بشأنها الأنباء والتصريحات بين قتله على يد الثوار أو أثناء تبادل لإطلاق النار بين القوات الموالية والمناهضة له.

وبينما أعربت الخارجية الأميركية عن دعمها الكامل للمطالب الداعية إلى إجراء تحقيق للكشف عن الملابسات الدقيقة لقتل القذافي، اعتبرت السلطات البريطانية أن الحادثة «لطخت» سمعة السلطات الليبية الجديدة.. بينما استمرت شذرات من المعلومات تتناثر هنا وهناك على ألسنة المسؤولين.

وفي مقابلة مع قناة «إن بي سي»، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس: إن هذا الكشف يعتبر جزءا من العملية الانتقالية من الديكتاتورية إلى الديمقراطية في ليبيا. وأضافت أن «كل شخص كان جزءا من النظام السابق ولم تلطخ يداه بالدماء ينبغي أن ينخرط بكل تأكيد في ليبيا الجديدة».

وأعربت كلينتون عن سعادتها لدعوة المجلس الوطني الانتقالي «لتحقيق مستقل إلى جانب الأمم المتحدة»، مؤكدة أن «لا أحد يريد أن يرى بشرا في هذا الوضع (مكان القذافي)، لكنني أعرف أي ارتياح عم ملايين الليبيين بانتهاء صفحة الماضي».

غير أن وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند اعتبر أن «مقتل القذافي في ظروف لا تزال غامضة لطخ سمعة السلطات الليبية الجديدة بعض الشيء»، وذلك بعد تضارب بين أقوال زعماء المجلس الانتقالي الليبي حول ملابسات مقتل القذافي، الذين ذكروا أن القذافي أصيب برصاصة في رأسه «في تبادل لإطلاق النار» بين أنصاره ومقاتلي الثوار.. لكن لقطات مصورة، أذيعت على مدار الأيام الماضية، أوضحت أن الثوار ألقوا القبض على القذافي حيا وأنهم قاموا بضربه، كما أظهرت أنه حاول استعطافهم للعفو عنه، إلا أن أحدا لم يستجب له.

وقال هاموند، أمس، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، إنه متأكد من أن «الحكومة الليبية الناشئة ستكون راغبة في توضيح هذا الأمر، بشكل يتيح تحسين وإعادة بناء سمعتها»، مضيفا: «بالتأكيد ليست تلك الطريقة التي كنا نرغب أن تتم بها الأمور.. كنا نرغب أن تتم محاكمة العقيد القذافي، خصوصا أمام المحكمة الجنائية الدولية، وأن يرد على أفعاله المسيئة، ليس فقط في ليبيا، وإنما أعمال الإرهاب الكثيرة التي دعمها وقام بها خارج ليبيا، التي أوقعت، بالنسبة لنا في بريطانيا، الكثير من الضحايا»، مشيرا إلى حادثة لوكيربي التي راح ضحيتها نحو 270 قتيلا في عام 1988، ومقتل الشرطية البريطانية إيفون فليتشر التي قُتلت بإطلاق نار مصدره السفارة الليبية في لندن عام 1984.

من جهته، قال رئيس الوزراء الليبي محمود جبريل، أمس، إنه ليس هناك ما يدعو للتشكيك في مصداقية التقرير الذي يفيد بأن القذافي كان مصابا عندما عثر عليه الثوار في أنبوب للصرف، مضيفا أنه قد يكون قتل نتيجة الإصابة برصاصة طائشة.

وأوضح جبريل، في تصريحات صحافية على هامش وجوده بالمنتدى الاقتصادي بالأردن، أن العيار الناري الذي أصاب رأس القذافي ربما يكون أطلقه أحد حراسه الشخصيين أثناء تبادل لإطلاق النيران مع قوات الحكومة في سرت. متابعا أن القذافي - بعد إخراجه من أنبوب الصرف - وضعه الثوار في شاحنة «وكانوا في طريقهم لمستشفى ميداني عندما وقع تبادل لإطلاق النيران بين الجانبين.. ولم يتوصل تقرير الطب الشرعي إلى ما إذا كان العيار الذي أصابه في الرأس كان من كتائبه أو من الثوار».

بدوره، أعلن فتحي البشاقة، المتحدث باسم المجلس العسكري في مصراتة، أنه تم تشريح جثة القذافي صباح أمس، موضحا: «لم نكن ننوي تشريح الجثة، لكن طرابلس طلبت منا ذلك، ونريد أن تجري الأمور بشكل صحيح». وبينما قال عبد السلام بعيو، القاضي المكلف بالإشراف على عملية التشريح، لوكالة الأنباء الفرنسية: «إن تقرير التشريح لم يكتب بعد، وبالتالي لم أبلغ بأسباب وفاة القذافي»، قال مصدر طبي لوكالة «رويترز»: إن جثة القذافي مصابة بطلق ناري في الرأس وآخر في البطن.

بينما أشار عدد من التقارير الإخبارية إلى أن هناك ما يبدو كنوع من أنواع إخفاء الأدلة التي قد تحسم مسألة مقتل القذافي؛ حيث أكدت مراسلة وكالة «رويترز» الإخبارية في مدينة مصراتة أن جثة القذافي قد تمت تغطيتها بملاءة تحجب الجروح الكثيرة في جسده عن أعين الزائرين في اليوم الثاني بعد مصرعه، على عكس اليوم الأول الذي شهد استعراضا لإصابات القذافي أمام العامة.. كما تمت إمالة رأسه في وضعية تصعب معها رؤية الأثر الناجم عن الرصاصة التي اخترقت الجانب الأيسر من جمجمته (بحسب التقارير الأولية للطب الشرعي). وبالإضافة إلى مقاطع الفيديو والصور المنتشرة على الفضاء الإلكتروني، فإن أقوال عشرات شهود العيان للقنوات الفضائية عقب إعلان مقتل القذافي قد تميل كفة الرأي العام العالمي نحو سيناريو القتل الانتقامي والإعدام خارج نطاق القانون، أكثر من فرضية قتله في تبادل لإطلاق النار.