تونس 2.. «دائرة الموت» في الانتخابات التونسية

تنافس عليها الشابي وإبراهيم ومورو والنصراوي والزاوية وعبد الرحيم

TT

توصف الدائرة الانتخابية الثانية في العاصمة التونسية بأنها «دائرة الموت» في انتخابات المجلس التأسيسي التاريخية التي جرت أمس، وذلك بسبب «معركة الكبار» فيها من قادة مختلف القوى السياسية.

وتنافس في هذه الدائرة التي تشمل خليطا من الأحياء الراقية وأحياء متوسطي الحال شمال العاصمة أبرز رموز الساحة السياسية في تونس، ما يجعلها محورا حقيقيا لوزنها ولشعبية قادتها.

ويتنافس في هذه الدائرة التي تشهد مكاتب الاقتراع فيها إقبالا كثيفا منذ الصباح الباكر كل من نجيب الشابي (الحزب الديمقراطي التقدمي) وأحمد إبراهيم (القطب الحداثي الديمقراطي) وعبد الفتاح مورو، أحد مؤسسي النهضة (قائمة مستقلة) وسعاد عبد الرحيم (النهضة) وراضية النصراوي (قائمة البديل الثوري المدعومة من حزب العمال الشيوعي التونسي)، وخليل الزاوية (التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات).

وسيختار الناخبون في هذه الدائرة بين 80 قائمة حزبية ومستقلة ولكنهم على الأرجح سيختارون خصوصا بين هذه الرموز المعروفة في الساحة السياسية، وهو اختبار حقيقي لرصيدها الجماهيري.

ويقول محللون في تونس إن الشابي «قام بمخاطرة كبيرة حين اندفع» وشارك في حكومتي محمد الغنوشي آخر رئيس وزراء في حكومة بن علي، وعارض انتخاب مجلس تأسيسي، مفضلا تنظيم انتخابات رئاسية وتنقية دستور 1959 من الشوائب على إعداد دستور جديد، كما رفض حتى الصيف الماضي إقامة تحالف كبير «لقوى اليسار الحداثية» ضد الإسلاميين، وحين عاد ودعا في خضم الحملة الانتخابية إلى إقامة هذا التحالف كان ذلك «متأخرا جدا» بحسب تصريحات لزعيم حزب التجديد (الشيوعي سابقا) أحمد إبراهيم، الذي قال إن التحالفات لم تعد ممكنة إلا بعد الانتخابات.

وكان إبراهيم شغل أيضا منصبا وزاريا في حكومة محمد الغنوشي مع الشابي، وهو مرشح القطب الحداثي الديمقراطي، التحالف المكون من خمسة أحزاب يسارية وليبرالية، في دائرة تونس 2، الذي سيجد نفسه في مواجهة ساخنة مع الشابي على كتلة انتخابية متقاربة، ما قد يفيد الرموز الإسلامية أو الأحزاب الصغيرة.

وفي هذه الدائرة أيضا تخوض راضية النصراوي، الناشطة الحقوقية المعروفة، وزوجة حمة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي التونسي، اختبارا حقيقيا لوزنها الانتخابي ولحجم رصيدها ورصيد زوجها اللذين تشهد عليهما سنوات من العمل السري وحالات القمع التي عانياها سنوات طويلة.

أما حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بزعامة مصطفى بن جعفر فقد دفع إلى هذه المنازلة بأحد قياداته البارزين خليل الزاوية. ويبدو أن هذا الحزب أفاد من رفضه الدخول في حكومة محمد الغنوشي بعيد الإطاحة بنظام بن علي بسبب وجود رموز العهد السابق فيها، ما عزز شعبيته.

ويقول منافسو الحزب في معسكر وسط اليسار إن زعيمه بن جعفر الذي رفض عقد أي تحالفات قبل الانتخابات، يسعى في الواقع إلى عدم قطع «شعرة معاوية» مع بقية الأطراف بمن فيهم النهضة، تمهيدا لصفقات سياسية محتملة في المجلس التأسيسي.

أما في المعسكر الإسلامي فقد بدا للناخبين غريبا رؤية الشيخ عبد الفتاح مورو، أحد مؤسسي النهضة والذي يقول الآن إنه على يسار النهضة، يخوض منافسة مع مرشحة النهضة بزعامة رفيق دربه في تأسيس التيار الإسلامي في تونس الشيخ راشد الغنوشي.

وإدراكا من حزب النهضة أن هذه الدائرة ليست من معاقله المعروفة، فقد دفع للسباق فيها بسعاد عبد الرحيم وجعلها رئيسة لقائمته. وعبد الرحيم سيدة أعمال غير محجبة معروفة بقدراتها الخطابية منذ سنوات دراستها الجامعية.

وتشير قراءة خارطة الترشحات في هذه الدائرة المهمة إلى فرز حاد سيتم فيها بسبب أن قوى متقاربة ستجد نفسها في منافسة على القاعدة الانتخابية نفسها، فهناك حالة استقطاب شامل بين قواعد اليمين واليسار ثم يزداد الاستقطاب حدة يسارا ويمينا بين مورو وعبد الرحيم من جهة، والشابي وإبراهيم من جهة أخرى، والنصراوي والزاوية من جهة ثالثة، وإن بدرجة أقل.

وهذه المنافسات الحامية قد تفيد بسبب تشتت الأصوات لقيادات قوائم حزبية ومستقلة أخرى تنافس في هذه الدائرة مثل زينب فرحات رئيسة قائمة «دستورنا» (مستقلة)، وأحمد الصديق رئيس قائمة حزب الطليعة العربي الاشتراكي.