«سيدي بوزيد» رمز الثورة التونسية تصوت بفخر

TT

احتشد مئات الناخبين في مدينة سيدي بوزيد التونسية (وسط غرب) التي انطلقت منها شرارة «ثورة الحرية والكرامة». وفور فتح مراكز الاقتراع أمس بدأت تتشكل طوابير طويلة من الشبان والكهول استعدادا لأداء الواجب والحق الانتخابي.

وقال النقابي عطية العثموني، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «سيدي بوزيد تجندت لهذا اليوم المشهود». وقال المحامي مختار الحجلاوي، بعد أن قام بالتصويت للمرة الأولى بحرية «إنها انتخابات تتم في هدوء وحرية.. وهذه ثمرة ثورتنا».

من جانبه، قال أحمد الزعفوري، الذي اصطف للتصويت في وسط المدينة التي شهدت تفجر شرارة الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي قبل تسعة أشهر «نحن نشهد ولادة تونس جديدة».

ويرفض الجميع كشف اسم القائمة التي صوت لها. ويؤكد العثموني بجدية بادية «سرية الاقتراع هي أساس الانتخابات الحرة». غير أن هذا النقابي أشار إلى بعض الثغرات «التي شوشت بعض الشيء الناخبين». وقال إن «البعض تعرف بسهولة على القائمة التي سيصوت لها، والبعض الآخر لم يميز بين الرموز والقوائم، بينما بدأ صبر البعض ينفد إزاء الانتظار الذي بدأ يطول» للتمكن من التصويت. وأضاف أن «مواطنين نظموا مساء أول من أمس (السبت) اعتصاما للاحتجاج على تشابه الرموز بين قائمتين مستقلتين، وندد آخرون بوجود أحد أنصار النظام السابق على رأس مكتب انتخابي» في منطقة أولاد حفوز.

وفي هذه المدينة التي تعاني من ارتفاع نسبة البطالة، أقدم الشاب محمد البوعزيزي، البائع المتجول، في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010 على حرق نفسه احتجاجا على إهانته ومضايقته، وتوفي في 4 يناير (كانون الثاني) الماضي متأثرا بحروقه. وأشعلت حركته اليائسة ثورة شعبية لا سابق لها أطاحت في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي بنظام زين العابدين بن علي وأعطت إشارة انطلاق الربيع العربي.

ومثلت سيدي بوزيد محطة لا غنى عنها لحملات مختلف الأحزاب السياسية، ومنها أطلق حزب النهضة الإسلامي الذي يتوقع أن يحصل على أفضل نتيجة في الاقتراع، حملته.

إلى ذلك، صوت سالم البوعزيزي، شقيق محمد البوعزيزي، لصالح حركة النهضة الإسلامية في مقر اقتراع بمدينة صفاقس (275 كم جنوب العاصمة تونس). وقال سالم البوعزيزي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «أنا متفائل بأن تكون الانتخابات شفافة ونزيهة»، مؤكدا أنه «ليس بالإمكان بعد ثورة 14 يناير لأي حاكم أن يسخر من الشعب التونسي». وقال سالم (31 عاما) «بقيت كامل الليلة قبل الماضية أفكر في أخي محمد الذي جعله الله سببا في هذا العيد، وليصوت التونسيون أخيرا بحرية». وأضاف «تضحيته لم تذهب سدى، وأكملنا المسيرة التي بدأها. اليوم أشعر بالفخر لأنني تونسي». وزاد سالم قائلا إن الثورة كانت سلمية، وإن الشعب سيزيح أي سلطة تعود إلى ممارسة الاستبداد والقمع.

ويعمل سالم في حرفة النجارة، وله ابن ولد يوم 17 ديسمبر الماضي وهو اليوم الذي انتحر فيه شقيقه محمد البوعزيزي بإشعال النار في نفسه.

من جانبها، قالت ليلي شقيقة محمد البوعزيزي (25 عاما)، وهي طالبة في أحد مراكز التدريب المهني، لوكالة الأنباء الألمانية «نأمل أن يتألف المجلس التأسيسي من أشخاص يخافون الله ولا يحتقرون الضعفاء». وأضافت أنه على أي سلطة قادمة تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة وهي مكافحة الفساد والمحسوبية، وتحقيق التنمية العادلة والمتوازنة في ربوع البلاد وتوفير وظائف للعاطلين.

ورفضت ليلى الإفصاح عن اسم الحزب الذي صوتت له هي ووالدتها، نافية أن تكون والدتها أدلت بأي تصريحات صحافية تقول فيها إنها ستصوت للحزب الديمقراطي التقدمي (يساري معتدل)، الذي يتزعمه أحمد نجيب الشابي، أو حزب المؤتمر من أجل الجمهورية. وقالت ليلى «نرفض الإفصاح لمن صوتنا حتى لا يتعارض ذلك مع الديمقراطية وحتى لا يؤثر على عملية التصويت».