مصر: فتوى تحرم الزواج من «فلول» حزب مبارك.. ومبادرة تترصدهم داخل الأحزاب الجديدة

شيخ الأزهر يحذر من الفكر المتشدد «الذي يجعل المجتمع في واد وواقعه في واد آخر»

TT

نفى الشيخ عمر سطوحي الأمين العام للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف بالقاهرة، أن يكون مقصده من فتواه التي تحرم على أي مصري أن يزوج ابنته لأعضاء الحزب الوطني المنحل (الحاكم سابقا)، نشر العنوسة في مصر. وقال سطوحي لـ«الشرق الأوسط»: «لم أناد بعدم زواج البنات؛ لكن كل ما قصدته أنه إذا ثبت أن والد البنت التي يسعى الشاب للزواج منها صاحب خلق غير طيب وليس متخلقا بأخلاق الإسلام وأضر بالمصريين مثل (فلول الوطني)، لا يجوز أن يتزوجها، لأنها ستكون متأثرة به وبالبيئة غير الصالحة التي نشأت فيها، فضلا عن أن هذا الأب سيظل هو الذي يملك أمرها، مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: (إياكم وخضراء الدمن)، فقيل وما ذاك يا رسول الله؟ قال: (المرأة الحسناء في منبت السوء)».

وكان الشيخ سطوحي، قد حرم في فتوى أصدرها، الزواج من بنات أعضاء الحزب الوطني المنحل، لأنهم غير أمناء ومضيعين للأمانة وأفسدوا الحياة في مصر، التي أكلوا من ترابها وعاشوا على أرضها وشربوا من مائها واستظلوا بسمائها فمن السهل عليهم أن يضيعوا أمانة الأسرة والزوجة.

ويذكر أن الحزب المنحل في مصر كان يدين أعضاؤه الذين فاقوا ثلاثة ملايين شخص بالولاء لشخص مبارك ونظامه عبر ثلاثين عاما.

واستدل الشيخ سطوحي على فتواه، عندما سئل عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن مواصفات الزوج الذي يريد الزواج من فتاة، فقال لأبيها: «زوّجها لتقي.. فإن أحبها أكرمها وأن كرهها فلن يظلمها».

وأضاف سطوحي أنه يجب على الإنسان المسلم أن يتخير في زواجه الزوج والزوجة الصالحة قائلا «الزواج لا يكون إلا لتقي»، مشيرا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير».

وعن سبب إصداره لهذه الفتوى في هذا التوقيت بالذات قبل الانتخابات البرلمانية وقبل إصدار قانون الغدر (الذي يقضي باستبعاد رموز الوطني المنحل من الحياة السياسية)، أوضح سطوحي، أنه جاءه رجل يسأله حول زواج ابنه من ابنة أحد أعضاء الحزب الوطني أو ما يطلق عليهم (فلول)، فأجابه بأنه: «لا يجوز الزواج منها». وحول تحديد الحزب المنحل بالتحديد في فتواه، نبه سطوحي إلى أنه لم يقصد العضوية في الحزب الوطني في حد ذاتها؛ بل قصد الفعل ذاته والإساءة والإضرار بالوطن.

وكثرت مؤخرا فتاوى علماء الأزهر الشريف والمتشددين من أعضاء الدعوة السلفية والجماعة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين، التي تنادي بمنع التصويت لـ«فلول» الحزب المنحل في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وذلك عقب ثورة «25 يناير» التي أسقطت نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك وحزبه.

وفي السياق ذاته، أطلق نشطاء سياسيون الكثير من المبادرات خلال الـ9 أشهر الماضية التي تطالب المجلس العسكري (الحاكم) في مصر بضرورة استبعاد «الفلول» من المناصب والحياة السياسية والاجتماعية. وآخر هذه المبادرات، مبادرة جديدة بعنوان «امسك فلول» تهدف إلى إبقاء انتخابات مجلسي الشعب والشورى بمعزل عن الفساد. وحسب شريف دياب مؤسس المبادرة: «هدفنا تخليص البلاد من الفساد وهي المعركة التي نخوضها سلميا»، لافتا إلى أن المبادرة تهدف إلى التركيز على عدم السماح لأعضاء النظام السابق الفاسدين بخوض الانتخابات وتولي مناصب عامة.

وقال دياب: «ننوي الوصول إلى قطاعات المجتمع الأقل اتصالا بتكنولوجيا الإنترنت عن طريق الهواتف والفاكس والحملات الميدانية».

وتشمل مبادرة «امسك فلول» أسماء أعضاء سابقين في الحزب الوطني تولوا مناصب عامة، منهم من يحاكم أو يواجه اتهامات بالفساد. وأكد دياب «ندرك أن بعض أعضاء الحزب المنحل ليسوا فاسدين، إنما نريد فضح الفاسدين ممن انضموا الآن إلى أحزاب أخرى أو يخططون للترشح كمستقلين في الانتخابات».

إلى ذلك، حذر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من شيوع الفكر المتشدد عالي الصوت الذي لا يأخذ من الدين سوى القشور، والذي يترافق معه فكر غربي بعيد كل البعد عن الشخصية والهوية المصرية التي كانت دائما تراعي التنوع والتعددية والاختلاف، مشيرا إلى أن هذا الفكر جعل المجتمع في واد وواقعه في واد آخر.

وطالب الطيب بالتشاور والحوار المستمر بين وزارتي التعليم والثقافة والأزهر والكنيسة والمثقفين، للوصول إلى معرفة مشكلات التعليم في المقام الأول، وتحديد رؤية محددة للشباب ومشكلاته وحلها برؤية ترتبط بواقع المجتمع، وبعث الحريات والآراء حول حقوق الإنسان، وصياغة ثقافة جادة جامعة، معبرة عن كل هذا الحراك. كما طالب بضرورة استعادة أصول الثقافة الإسلامية وامتلاك القدرة على مواجهة ثقافة العولمة أو الأمركة التي تسعى للهيمنة على فكر وثقافة ومقدرات وتوجهات العالم أجمع.

وقال الدكتور الطيب: «إن ثقافة الإسلام أصابتها بعض العلل والآفات، وأهمها آفة الانشطار والتمزق وجعلتها تنسحب من الريادة وتحجم عن تقديم الرواد وأصحاب الأفكار التي تقود الحراك الاجتماعي والثقافي»، مضيفا أن «مصر تنادي الجميع وتستصرخ أبناءها بكل ثقافتهم وأطيافهم، أن يحرصوا عليها وأن ينتشلوها مما آلت إليه، لأنها جديرة بأن تعود لتكون درة الشرق وتكون أم الدنيا وفاتنة الدنيا وحسناء الزمان».