معركة فلسطين في «اليونيسكو» تبدأ غدا

المندوب الأميركي لبعض السفراء العرب: ساعدوني على البقاء في باريس

TT

تنطلق غدا أعمال المؤتمر العام الـ36 لـ«اليونيسكو» التي ينتظر أن تشهد معركة دبلوماسية حادة تتمثل في تصويت المؤتمر على منح فلسطين صفة العضو كامل العضوية، بدل صفة المراقب التي تتمتع بها في الوقت الحاضر.

ومنذ أن نجح الجانب الفلسطيني - العربي في حمل المجلس التنفيذي على إصدار توصية بقبول فلسطين عضوا كامل العضوية بموجب عملية تصويت (40 صوتا دعمت التوصية و4 أصوات عارضت بينها الولايات المتحدة الأميركية، والآخرون، 14، امتنعوا عن التصويت)، تكاثرت الضغوط الأميركية - الإسرائيلية الغربية لحرمان الفلسطينيين من الحصول على نسبة الثلثين من أصوات المؤتمر العام (193 صوتا) الضرورية لإقرار التوصية.

وانقسم الأوروبيون بين معارض (ألمانيا، رومانيا وليتوانيا) وممتنع (فرنسا، إسبانيا، بلجيكا، الدنمارك...).

وكشفت مصادر واسعة الإطلاع على كواليس ما يدور في «اليونيسكو» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن المديرة العامة البلغارية، إيرينا بوكوفا، قامت بزيارة سريعة لواشنطن مؤخرا، عقب التصويت في المجلس التنفيذي، وعادت منها مقتنعة بأن الأميركيين «سينفذون تهديداتهم» بوقف مساهمتهم في ميزانية «اليونيسكو» البالغة 22% منها، إذا قبل الطلب الفلسطيني «بينما قبول فلسطين عضوا كامل العضوية موضع مناقشة في مجلس الأمن الدولي». وتصل ميزانية «اليونيسكو» إلى 653 مليون دولار لعامين. وسبق لواشنطن أن انسحبت من منظمة التربية والثقافة والعلوم لـ19 عاما بين العامين 1984 و2003، احتجاجا على ما سمته «سوء الإدارة» بينما السبب الحقيقي هو معارضتها لسياسة «اليونيسكو» التي كانت تعتبرها «مناوئة» للمصالح الأميركية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المندوب الأميركي لدى المنظمة الدولية تدخل لدى عدد من المندوبين العرب طالبا مساعدتهم «كي لا يُطلب منه العودة مباشرة إلى واشنطن» في حال قبول الطلب الفلسطيني.

وتنصب الاتصالات في الوقت الحاضر على احتساب الدول التي ستدعم التوصية وتلك التي تعارضها. وبينما تؤكد مصادر فلسطينية أن توفير ثلثي أصوات الدول الأعضاء «أمر ممكن»، بدأت المشاورات لبلورة «حل وسط» لمنع انقسام المؤتمر العام، وبالتالي تفادي إحداث شلل سينعكس سلبا على عمل اليونيسكو.

وكشفت مصادر عربية عن الصيغة التي يجري العمل عليها، وتقوم على منح فلسطين صفة العضو كامل العضوية، شرط أن تصبح هذه العضوية نافذة بعد عدة أشهر (ستة إلى تسعة أشهر)، مما سيسمح بمعرفة مصير طلب الانضمام الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، ومصير مساعي معاودة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية.

وتعتبر هذه المصادر أن صيغة «الحل الوسط» يمكن أن تقنع الأوروبيين بعدم معارضة الطلب، علما بأن الموقف الأوروبي لا يختلف كثيرا عن الموقف الأميركي. ويرى الأوروبيون أن الطلب الفلسطيني «مبكر»، وأنه «لا يتعين وضع العربة أمام الحصان»، وبالتالي يجب أن تجري الأمور وفق «سياق منطقي»، مع طلب التشديد على توفير الظروف الملائمة لمعاودة المفاوضات «وليس التشتت في معارك جانبية».

ويبدو أن عددا من المندوبين العرب «جاهزون للنظر في الحل الوسط لكن شرط ألا يتراجع عنه المروجون له وأن يدعمه الأوروبيون».

وحتى الآن، يتمسك الفلسطينيون بالذهاب إلى التصويت لاقتناعهم بالقدرة على توفير الأصوات اللازمة. ويطلب هؤلاء من الدول التي لن تستطيع مقاومة الضغوط الأميركية أن تتغيب عن التصويت، لا أن تمتنع عنه «لأسباب حسابية» ولأجل خفض عدد الأصوات التي تشكل نسبة الثلثين.

وإزاء الحجج الأميركية - الغربية، التي تعلل معارضتها بأن فلسطين «ليست دولة معترفا بها»، كما أنها «ليست عضوا في الأمم المتحدة»، يرد الجانب العربي بالقول: إن 7 دول، على الأقل، انضمت إلى منظمة التربية والعلوم والثقافة قبل وقت طويل من انضمامها إلى الأمم المتحدة، ومنها: ألمانيا وإيطاليا وسويسرا وكوريا، وبالتالي لا يمكن قبول التعامل مع طلب العضوية الكاملة بمعيارين مختلفين وفق هوية مقدم الطلب.

ومن جهة ثانية، فإن الدبلوماسيين الأميركيين، وعلى رأسهم مندوب واشنطن ديفيد كيليون، يوزعون وعود المساعدات والقروض يمينا وشمالا. وما بين هؤلاء وأولئك، ستتزايد الضغوط المتعارضة في معركة ستؤشر بالطبع لما ستكون عليه معركة انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة التي انطلقت أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.