في كولورادو.. غضب الناخبين يخيم على اختياراتهم بين مرشحي الرئاسة عام 2012

الناخبون: المسؤولون في واشنطن يعتقدون أن الربيع العربي لا يمكن أن يأتي إلى هنا

الرئيس باراك أوباما يحيي الحشود بعد أن تحدث في دنفر (واشنطن بوست)
TT

وفقا لكل سيناريو انتخابي، سيمر الطريق إلى البيت الأبيض في عام 2012 مباشرة عبر كولورادو ومجموعة من ولايات سلسلة جبال روكي الأخرى. وفي الوقت الحالي، يجب أن لا يشعر الرئيس أوباما، الذي سيقوم بزيارة هذه المنطقة في بداية هذا الأسبوع، أو الجمهوريون، الذين أقاموا مناظرة في لاس فيغاس الأسبوع الماضي، بالثقة حيال احتمالات فوزهم بأصوات في هذه المنطقة الحيوية.

وتأتي تلك النتيجة من يوم تم تخصيصه مؤخرا لإجراء مقابلات مع ناخبين وبعض غير الناخبين في مقاطعة أراباهو شرق دنفر. وأبرزت تلك المقابلات ثلاث حقائق تسيطر على المشهد في الوقت الراهن قبل سباق الانتخابات الرئاسية المقبل.

أولا، يبدو الناخبون من جميع الفئات أكثر اشمئزازا مما يرونه ويسمعونه من واشنطن عما كانوا منذ وقت طويل. ثانيا، كان أداء الرئيس محبطا حتى بالنسبة لكثيرين من مؤيديه في عام 2008، وثمة بعض الشكوك في أنه سيعاد انتخابه مرة أخرى. ثالثا، لم يتمكن أي عضو من الحزب الجمهوري من جذب انتباه أي مواطن. بيد أن الجمهوريين بعيدون كل البعد عن الفوز.

وتبدو حالة الغضب من السياسات في واشنطن واضحة، والتي تفجرت بقوة حينما سئل الناس عن حالة الدولة أو الجهود الأخيرة للتعامل مع مشكلات الدولة. ويتجرع الناس مرارة اقتصاد لا يزال يسبب الألم لهم أو لأسرهم أو لأصدقائهم بعد الانهيار الاقتصادي الذي شهده عام 2008. وفي مواجهة تلك المشكلات، لا يرون سوى مشاحنات وشلل تام في واشنطن، ولا يرون أي قيادة حكيمة.

«الديمقراطيون يسيرون في طريق والجمهوريون يسيرون في طريق آخر، وكلا الطريقين لا يتلاقيان»، هذا ما قاله جون إلام، صيدلي متقاعد. وعاجلته زوجته إفلين، معلمة متقاعدة بقولها: «وفي حالة وجود جسر يصل بين الطريفين، فسوف يحطمونه».

«الموقف في واشنطن غاية في السوء، لأنهم لن يتخذوا أي إجراء في سبيل إصلاحه»، هكذا تحدث مايك ألبي، كهربائي متقاعد، مشيرا إلى الساسة. وأضاف: أنهم «لن يخرجوا عن نطاق السياسة ويمارسون المهام الموكلة إليهم. الناس غاضبون وهائجون ولا توجد حلقة وصل بينهم وبين المسؤولين.... اعتقدوا أن الربيع العربي لا يمكن أن يأتي إلى هنا؟ فكروا مجددا. إنكم تضغطون على الناس إلى أقصى مدى، وسوف يثورون».

وأشار توم براون، الذي يقود مجموعة رحلات سياحية بالخارج، إلى احتجاجات «احتلوا وول ستريت» التي قد اندلعت في الكثير من المدن. قال: «الأمر أشبه بقعقعة بركان. الجبل لم يتحطم، لكنه يدمدم».

وقبل يوم من مناظرة الجمهوريين في لاس فيغاس الأسبوع الماضي، عقدت الجماعة الديمقراطية «بروجكت نيو ويست»، مؤتمرا تضمن لجنة من الخبراء الاستراتيجيين الغربيين. وأبدوا على نحو مفاجئ تفاؤلهم باحتمالات فوز أوباما في منطقة ولايات سلاسل جبال روكي العام المقبل، خاصة بناء على ما اتضح من تعليقات الناخبين الذين تحدثت معهم منذ بضعة أيام.

وأتى أوباما بميثاق 2008 لدنفر للمطالبة بحقه في خوض الانتخابات في الغرب، ونجح الأمر. فقد فاز في كولورادو ونيو مكسيكو ونيفادا، ثلاث ولايات أصبحت جمهورية في عام 2004، في طريقه لتحقيق النصر. ومع ذلك، فاليوم اختفى قدر كبير من الحماس الذي بثه في هذه المنطقة.

وصوت الزوجان إلام لصالح أوباما في عام 2008، مع أن جون كان مترددا في تأييد أوباما عن زوجته إفلين. وهما يعتقدان أنه لم يواجه أي رئيس أميركي في العصر الحديث كما من الأزمات يفوق ما يواجهه أوباما، لذلك يتعاطفان معه بدرجة كبيرة. لكن عند سؤالها عن احتمال فوز الرئيس في سباق الانتخابات الرئاسية العام المقبل، قالت إفلين: «لا أعتقد أنه سيعاد انتخابه... فالجميع يلقي باللائمة عليه في جميع المشكلات». وقال جون إلام: «سواء أكان يستحق الفوز بالمنصب أم لا، فربما لا يعاد انتخابه».

وصوت راندي بروكس، الذي يعمل في تجارة الأثاث بالجملة، لصالح الرئيس أيضا. وقال بروكس: «بناء على ما آلت إليه الأمور، فثمة جانب ما مفتقد» في قيادة أوباما. ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أن أوباما يستحق فترة رئاسة ثانية؟ قال بروكس: «لست متأكدا من أنه جدير بها».

وصوتت هيدي روث أغوينيز، طبيبة نفسية من إنديانا كانت في زيارة لمنطقة دنفر، لصالح أوباما، لكنها تقول إنها تشعر الآن «بالإحباط الشديد» منه. وترى أن البلد في حالة سيئة ولا تعلم «ما إذا كنا سنتخلص من هذه الحالة أم لا».

وقد أعربت عن خيبة أملها في الرئيس لأنها ترى أنه لا يدرك الأسلوب الصحيح في القيادة. وتعتقد أن الجمهوريين دائما ما يضعون عراقيل في طريق أوباما، ولكنها تعتقد أن القائد القوي الكفء يجب أن يجد وسائل لتذليل ما يواجهه من عقبات. وقالت: «لا أعتقد أنه يعلم كيفية توظيف القيادة أو كيفية جمع الناس معا في وحدة واحدة».

ولا يزال لأوباما مؤيدون أقوياء يرون أنه قد بذل أقصى ما في وسعه من أجل حل المشكلات، ويلقون باللوم على الجمهوريين في عرقلة تفعيل الحلول. وصوتت شارون لوغان، التي كانت تعمل في مجال الاتصالات، لأوباما أيضا، ومع أن لديها بعض التحفظات عليه، إلا أنها ترى أنه «يقوم بالمهمة المنوطة به على أكمل وجه ممكن». على مستوى الاقتصاد، قالت: «أعتقد أنه يتعامل مع الأزمة بشكل بارع تماما مثلما كان سيتعامل معها أي شخص آخر. فقط سيستغرق حل الأزمة وقتا طويلا».

بشكل عام، سيحتاج أوباما لبذل مزيد من الجهد من أجل الفوز في هذه الولايات في عام 2012.

ومع أن نقاط ضعف الرئيس ربما تكون واضحة، إلا أن الجمهوريين لم يفعلوا الكثير من أجل الاعتماد عليها. وقد أجرى مرشحو الحزب الجمهوري بالفعل ثماني مناظرات هذا العام، لكنهم لم يتركوا انطباعا مؤثرا لدى عموم الناس.

وأثمرت مناظرة لاس فيغاس عن مناقشات أكثر حدة منها إفادة. فلم يقدم أي مرشح اقتراحا لحل أزمة نزع الملكية، التي تركت نيفادا تحمل أعلى معدل بطالة في الدولة، 13.4 في المائة.

وتوم، زوج شارون لوغان، جمهوري يرى الآن «مشهدا فوضويا» في سباق ترشيح أعضاء حزبه لخوض الانتخابات الرئاسية. لقد أحب مايك هوكابي، حاكم أركانساس السابق. وقال: «أعتقد أنه كان أكثر من مجرد شخص ماهر في التعامل مع الناس». غير أن هوكابي قرر عدم خوض السباق الانتخابي.

يذكر أن لوغان تعرضت لإغواء من رجل الأعمال هيرمان كاين، لكنها لم تستسلم. ولم يقنعه حاكم ماساتشوستس السابق ميت رومني، مرشح الحزب الجمهوري الأوفر حظا لمنافسة أوباما. وأضاف قائلا «أعتقد أن رومني يقول للناس أي شيء يرغبون في سماعه».

وينظر بروس درينكوالتر، موظف سابق في شركة «يو بي إس»، إلى أوباما باعتباره قائدا ضعيفا، لكن عند سؤاله عما إذا كان يرى أي جمهوري في الأفق يمكنه قيادة البلاد بشكل فعال، صمت لبرهة.

بعدها، بادر بالرد قائلا «إنه سؤال صعب بالفعل». كآخرين، يتطلع إلى كاين ولديه تساؤلات حول رومني. وتحدث عن رومني قائلا «أعتقد أنه سيركز على السياسة، مثلما اعتاد دائما». وينظر آخرون إلى رومني على أنه يمتلك نوعية الخبرة التي تحتاجها البلاد. فيرى مايكل تاب، الذي يعمل بأحد البنوك الكبرى، أن هناك عدة مرشحين من الحزب الجمهوري يحتمل بدرجة كبيرة أن يفوزوا في السباق الانتخابي، من بينهم رومني وكاين وحاكم ولاية تكساس ريك بيري.

وترى إليزابيث زوجة تاب، وهي ربة منزل وتدير مشروعا صغيرا، أن هذا ليس مؤكدا. تقول: «كم أرغب في رؤية منافس قوي من الحزب الجمهوري، لكن هذا أمر غير محتمل». وأضافت: «تلك واحدة من مشكلات الحزب الجمهوري. لا يوجد قائد قوي يمكن أن ينال دعما ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح».

يعول الديمقراطيون على جعل الانتخابات اختيارا بين رئيس فقد بعضا من بريقه وجمهوري سيحاولون إظهاره بصورة معيبة. ويأمل الجمهوريون في أن تكون حالة الاستياء من أوباما شديدة جدا إلى الدرجة التي تدفع الناخبين لإعطاء أصواتهم لمرشحين جمهوريين. وفي هذه الولاية، يبدو الناخبون أكثر وعيا. إنهم يبحثون عن إجابات لتساؤلاتهم، وحتى الآن، لم يفلحوا في العثور على الكثير منها.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»