السفير الجبير عن المؤامرة الإيرانية لاغتياله: لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا

ظل هادئا رغم إبلاغه منذ أشهر بالمخطط

TT

قالت الكاتبة الأميركية في «نيويورك تايمز» مورين دود إن السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير ظل هادئا حينما أخبره مسؤولون أميركيون منذ عدة أشهر عن آخر فصل في اللعبة الكبرى للسيادة في الشرق الأوسط، الممثل في مخطط غريب حيك من قبل تاجر سيارات مستعملة، أميركي من أصل إيراني يقيم في تكساس قال إن ابن عمه كان عضوا رفيع الشأن في «فيلق القدس» الإيراني.

وأراد تاجر السيارات استئجار شخص من عصابة مخدرات مكسيكية لقاء 1.5 مليون دولار لقتل الجبير بواسطة تفجير سيارة أو في أحد المطاعم بواشنطن؛ بصرف النظر عن حجم الخسائر البشرية التي يمكن أن تنتج عن ذلك. لكنه استأجر مخبرا يعمل لحساب مكتب مكافحة المخدرات الأميركي الذي قدم نفسه له على أنه عضو في عصابة المخدرات.

ومع ظهور أدلة ممثلة في عمليات تحويل أموال ومحادثات مسجلة على أشرطة، قبل الجبير، مثلما قال الرئيس أوباما، فكرة أن المخطط «كان مدفوعا وموجها من قبل عناصر من داخل الحكومة الإيرانية». غير أن إيران تنكر ذلك، وتحدث الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى فريد زكريا قائلا: «هل نحن بالفعل بحاجة لقتل سفير إحدى الدول الشقيقة؟».

ونقلت الكاتبة عن الجبير قوله وعلى وجهه ابتسامة هادئة: «انتقلت من: (لا يمكنني تصديق ذلك) إلى: (يا إلهي، هؤلاء الرفاق يعرفون بالفعل كيفية إفساد يوم أي إنسان)».

وكان لزاما عليه أن يجبر نفسه على أن يحيا حياة طبيعية لعدة أشهر، دون أن يخبر أحدا من أفراد أسرته أو طاقم موظفيه، إلى أن تم الكشف عن شكوى جنائية ومثل تاجر السيارات أمام قاض.

وبعد أن طمأن طاقم الموظفين، قال: «لن يصيبنا أي شيء إلا ما قد كتبه الله لنا. وإن أصابنا مكروه، فيجب أن يقوي ذلك عزيمتنا، وأن لا يكون الرفاق الأشرار قد انتصروا علينا». وقد قوبل كلامه هذا باحتفاء كبير. وحسب الكاتبة، أصيبت أسرة الجبير بصدمة، وطالبت ابنتاه التوأمتان المفزوعتان البالغتان من العمر تسعة أعوام مكتبه باستجواب المتهم. غير أنه طمأنهما بقوله إنه «رجل شرير ولكنه لا يشكل خطورة». لكنهما خاطبتاه بإلحاح قائلتين: «حسنا، متى ستعود إلى أرض الوطن؟».

وقالت الكاتبة إنه «على مائدة غداء بالسفارة في أول لقاء يجريه منذ ذلك الحين، قال لي بصوته الهامس إنه اندهش من أن المتآمرين قد افترضوا أنه يتردد على مطاعم حديثة. وفي هذه الأيام، يبدو السفير النحيل ذو المظهر الأنيق محبا للاستمتاع بالدفء الأسري، حيث يقضي بعض الوقت مع ابنتيه التوأمتان وابنه ذي التسعة أشهر».

وأضاف، حسب الكاتبة: «إنني أعمل لفترات طويلة جدا، وأستمتع بالجلوس في المنزل من دون أن أعمل أي شيء»، هكذا تحدث الدبلوماسي الذي يسافر في رحلات طيران مدتها 12 ساعة إلى الرياض عدة مرات كل شهر.

سألته عما إذا كان يعتقد أنه مستهدف بسبب موقفه الصارم من إيران، إلا أنه تحدث بسخرية قائلا: «يجب أن تسألي المتآمرين، وليس أنا». وأضاف: «نحن نفعل ما يتعين علينا فعله، ولا يمكننا أن ندع أمورا على هذه الشاكلة تثبط عزائمنا».

كان المخطط الموجه ضد الجبير غريبا جدا لدرجة أنه أفرز مجموعة من نظريات المؤامرة. غير أن كثيرين يعتقدون أنه في حال ما إذا كان المخططون قد استأجروا مجرما حقيقيا وليس مخبرا أميركيا، لكان من الممكن أن ينجح المخطط وربما قد افترض الناس أن «القاعدة» كانت تسعى للانتقام لمقتل أسامة بن لادن.

ويوضح ذلك مدى قلة المعلومات المعروفة عن إيران إلى حد أن هناك نظريتين متعارضتين بشأن الدافع من وراء هذا المخطط: إحداهما مفادها أن الإيرانيين شاركوا في مخطط يائس لأنهم ضعفاء. أما النظرية الثانية، فهي أن الإيرانيين شاركوا في مخطط وقح لأنهم ضعفاء. في البداية، اتهمت إيران الولايات المتحدة باختلاق هذا المخطط بهدف صرف انتباه الشعب الأميركي عن ويلاتها الاقتصادية.

ويعتقد البعض أن إيران شجعها الإفلات من جرائم قتل، لمدة ثلاثة عقود. ويرون أن الولايات المتحدة قد تعاملت بلين مع عدة جرائم وتجاوزات إيرانية، بدءا من تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983 وتفجير أبراج الخبر عام 1996 وحتى تدخل إيران في الشأن العراقي، بإرسال أسلحة وعملاء جنود هناك.

وفي احتفال أقيم في واشنطن مؤخرا، ظهر الجبير محاطا بساسة ودبلوماسيين وصحافيين؛ جميعهم يسألونه عن كيفية تحمله كل هذا، حسب «نيويورك تايمز». وطالب بعض المعلقين السعوديين باتخاذ إجراءات مباشرة ضد إيران. ولدى سؤاله عن ذلك، قال الجبير: «يجب أن نتأنى في هذا الأمر». وقد طالب السعوديون الأمم المتحدة بالتحقق من أن «المتهمين مسؤولون بالفعل عن المخطط»، على حد قول الجبير.

ولدى مغادرتها، سألت السفير عن الصورة المعلقة في مكتبه لقبليين عرب يمتطون خيولا وجمالا..

«إنه إبداع فني»، هكذا أشار باستمتاع. وأضاف: «لا يمكنك قيادة الجمال والخيول في آن واحد. بل يجب أن تقودي كلا منها بشكل منفصل. الخيول تسير بسرعة أكبر، لكن الجمال تسير لمسافات أطول».