اليمن: الاشتباكات والقصف يتجددان في صنعاء.. وصالح يبحث الخطط العسكرية

الجامعة العربية تناشد صالح التوقيع على المبادرة الخليجية.. وتدعو لوقف استخدام العنف ضد المتظاهرين

TT

تجددت، مساء أمس، الاشتباكات وأعمال القصف المدفعي في شمال العاصمة صنعاء، في وقت اجتمع فيه الرئيس علي عبد الله صالح بكبار مساعديه العسكريين والأمنيين، بالتزامن مع استمرار المظاهرات المطالبة برحيل النظام ومحاكمة رموزه.

وقال شهود عيان في حي الحصبة ومدينة صوفان بصنعاء، إن المنطقة تعرضت مجددا للقصف من قبل قوات الحرس الجمهوري لمعاقل أسرة الشيخ صادق الأحمر من زعماء قبيلة حاشد، وتحدثت المصادر عن سقوط قتلى وجرحى في القصف والاشتباكات التي تلته بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح وأنصار الشيخ الأحمر.

وقال محمد القباطي، رئيس المستشفى الميداني المقام في مخيم الاحتجاج، إن هناك قتيلا واحدا وستة مصابين بسبب إطلاق النيران جنوب ساحة التغيير عند الفجر. وتصاعدت مواجهة مستمرة منذ تسعة أشهر بين صالح والمعارضة التي تضم أطيافا متنوعة من طلاب وشيوخ قبائل وفصائل منشقة عن الجيش في الأسابيع القليلة الماضية، بعد أن ساد هدوء نسبي على مدى ثلاثة أشهر. وتراجع صالح ثلاث مرات عن توقيع خطة لنقل السلطة بوساطة خليجية، ويقول إنه لن يسلم الحكم إلا لأياد أمينة.

وانتقلت جهود إنهاء العنف الدولية من خلال ترتيب انتقال منظم للسلطة إلى مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة، والذي وافق على مشروع قرار يندد بالحملة على المحتجين، وحث الرئيس اليمني على التنحي مقابل الحصانة من المحاكمة.

وتجددت الاشتباكات والأعمال العسكرية بالتزامن مع اجتماع عقده الرئيس صالح مع كبار مساعديه ومستشاريه من المسؤولين في القيادتين العسكرية والأمنية، التي ما زالت موالية للنظام. وحسب المصادر الرسمية فإن الاجتماع ناقش تقريرين، الأول مقدم من قبل وزارة الدفاع ويتضمن الوضع الراهن للقوات المسلحة ومتطلباتها، وتقرير آخر مقدم من قبل وزارة الداخلية وبقية الأجهزة الأمنية بشأن «الوضع الأمني في العاصمة صنعاء وبقية محافظات الجمهورية، في ضوء المستجدات والتطورات الراهنة والاعتداءات التي تقوم بها العناصر التابعة لأحزاب اللقاء المشترك وعناصر التمرد الخارجة عن النظام والقانون، والتي انقلبت على الديمقراطية والشرعية الدستورية».

وقالت المصادر الحكومية إن خصوم صالح يعملون «في اتجاه تفجير الموقف عسكريا»، واعتبرت أن هناك «مخططا خبيثا يحاك ضد الوطن ووحدته وأمنه واستقراره ويدفع في اتجاه تفاقم الأزمة»، واتهمت المعارضة والقوات المنشقة عن الجيش بعدم «التجاوب مع الجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع وحل الإشكالات بالحوار والتفاهم والوفاق، والإصرار على ذلك المخطط الدموي الإجرامي الذي يدفع بالوطن إلى الهاوية إرضاء لنزوات ذاتية وتحقيقا للمصالح الشخصية والأنانية لأولئك المتمردين والانقلابيين».

وكانت قوات خاصة موالية لصالح تمكنت، مساء أول من أمس، من استعادة السيطرة على مبنى مجلس الشورى الذي كان أنصار الشيخ الأحمر استولوا عليه في المواجهات الدامية التي دارت، أول من أمس، في شارع عمران، وبالقرب من مبنى التلفزيون اليمني، وقد لقي قرابة 25 شخصا مصرعهم في تلك المواجهات، بينهم مدنيون.

على صعيد آخر، قتل متظاهر واحد، على الأقل، وجرح عدد آخر من المتظاهرين في إطلاق نار من قبل المجاميع التي تسمى «البلطجية»، على مظاهرة مناوئة للنظام خرجت في مدينة الحديدة الساحلية في غرب البلاد، كما خرجت مظاهرات في صنعاء وتعز وعدد من المحافظات للتنديد بالنظام. وفي تعز قتل شخص برصاص القناصة الذين يعتلون عددا من المباني المرتفعة في المدينة. وفي حي سعوان بشرق العاصمة صنعاء، توفيت طفلة متأثرة بجراحها جراء سقوط قذيفة على منزلها، في حين أصيبت والدتها بجراح.

وقال شهود ومقيمون في صنعاء إن خمسة جنود موالين للمعارضة وخمسة مدنيين قتلوا في اشتباكات أول من أمس. وقالت قنوات إخبارية حكومية إن خمسة جنود وثلاثة مدنيين قتلوا، وأنحت باللائمة في أعمال العنف على ميليشيات غير حكومية. واستخدمت القذائف الصاروخية وقذائف المورتر والأسلحة الآلية في مناطق الحصبة وصوفان والنهضة في شمال صنعاء، حيث يتمركز جنود موالون للمعارضة.

وفي سياق آخر، بدأ أكثر من 50 معتقلا ممن يسمون «شباب الثورة»، إضرابا عن الطعام في معتقلهم احتجاجا على اعتقالهم لعدة أيام، من دون توجيه تهم إليهم. وتقول مصادر المعارضة اليمنية إن العشرات من المتظاهرين الجرحى جرى اختطافهم خلال المظاهرات المتواصلة، في الأسابيع القليلة الماضية.

إلى ذلك، رحب «المجلس الوطني للقوى الثورية» بقرار مجلس الأمن بشأن الوضع في اليمن. وقال المجلس، في بيان مقتضب، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه «يطالب المجلس الوطني، مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤوليته في وقف العنف ضد الشعب اليمني وقوى الثورة السلمية بصورة سريعة، وتنفيذ الحل السلمي استنادا إلى المبادرة الخليجية، بما يحقق تطلعات الشعب اليمني في التغيير وبناء الدولة اليمنية الحديثة». وفي السياق ذاته، رحبت جامعة الدول العربية في بيان أمس بالقرار الدولي بشأن اليمن، ودعت صالح إلى الإسراع بتوقيع المبادرة الخليجية والسماح بتطبيقها. وناشد أمين عام الجامعة العربية الرئيس صالح الإسراع بتوقيع مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لحل الأزمة في اليمن. وشدد العربي على أهمية توقيع صالح للمبادرة الخليجية حتى يمكن البدء في تنفيذ الآليات المتفق عليها لتطبيق بنود هذه المبادرة. كما جدد العربي دعوته لوقف العنف ضد المتظاهرين، موضحا أن هذه الأعمال تنذر بعواقب وخيمة على حرية الشعب اليمني، وحقه المشروع في المطالبة بالتغيير والإصلاح السياسي السلمي.