السعودية: «البلاك بيري» يتحول إلى «دواوين رثاء» و«معارض متنقلة» لصور الأمير سلطان

مواطنون تحشرجت أصواتهم وارتعشت أناملهم.. وآخرون جاهدوا «حبا» لتكذيب الخبر

TT

ما إن أعلن الديوان الملكي السعودي، خبر وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز، حتى تلقفت الخبر، أجهزة «البلاك بيري»، لتتناقله الأيدي المرتعشة معلنة ساعات الحداد لعقارب ساعات الصباح الأولى من فجر السبت.

وارتسمت أجهزة «البلاك بيري» بالحزن، واتشحت السواد، وهي تتدثر بالألم وتعتري حناجر أصحابها «غصة» الفراق الكبير، لرجل توسد أضلع شعبه، وتربع في السويداء، لتطلق شاشات «البلاك بيري»، ومضات الفراق والوداع الأخير الذي التف بحنايا الصغار قبل الكبار لرجل عنون «الخير» في مسيرته، وومض بحبه لشعبه.

«صورتك بالشاشة وبعيوني دموع، وضاق الفضاء بعد كبر اتساعه، مرحوم يا سلطان والقلب موجوع، أرثيك يا سلطان وهذي الاستطاعة».. رسالة فجرت مضامينها القلوب، وبث تناقلتها أجهزة «البلاك بيري» في السعودية ولخصت حالة الحزن لدى الكثيرين من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعية وأجهزة «البلاك بيري».

ومنذ الوهلة الأولى التي أعلن فيها الديوان الملكي نبأ تأكيد وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، فجر أمس، تحولت أجهزة الاتصالات والهواتف الجوالة لدواوين من الحزن ومعارض حزن متنقلة عجت بعشرات الصور الإنسانية والأدعية المكتوبة للفقيد حزنا على فراقه.

فجر «السبت الحزين»، كما أطلق عليه البعض، كان بيان الديوان الملكي بتأكيد وفاة الأمير سلطان، ليتعاكظ السبت بوحشة الفراق، لمستخدمي أجهزة «البلاك بيري» بعد علامات استفهام وتعجب، بين مسلم بالخبر، وآخر يرفض التصديق، حيث تناقلوه منذ وقت مبكر للمستخدمين، وكان بمثابة إطلاق لعشرات الصور والأدعية حزنا على فراقه، وتسابق الكبار والصغار على حد سواء لإرسال التعازي في ما بينهم حبا وإجلالا للراحل الإنسان.

صور ولي العهد يقرأ القرآن، وأخرى رافعا يديه إلى السماء.. كانت مشاهد تحمل السمو والحب، وتجسد روحانية وخشوعا عرف بهما «أمير الخير» الذي بكته الصور والكلمات وعبارات الثناء عبر رسائل البث التي لم تتوقف أمس.

صور العرض في «البلاك بيري» حملت من المعاني الصادقة، ما تحمله الأرض بمن فيها، مدركة إنسانية الأمير وما يحمل من طيبة وخير، أرختها فلاشات المصورين في مختلف المواقف مدللة على معدنه الأصيل، ومتجلية بالحزن وهي صورة علق عليها عبد الله الرويعي، بالقول: «مآثر الفقيد ومراحل حياته كانت الرسائل الأبرز التي تبادلها السعوديون أمس حبا وإجلالا لشخصية رجل عرف بدعم الشباب في كافة المحافل وفعل الخير لكل أطياف المجتمع في الداخل والخارج حتى لقب بـ(سلطان الخير)».

من جانبها، قدمت أشجان السليماني، مشرفة النشاط التجاري في باب رزق جميل، حزنها ووصفت صباح الوطن بالحزين في حالتها الشخصية في صفحتها على «الفيس بوك» وفي شبكة تواصلها على «البلاك بيري»، فكتبت: «صباحك حزين يا وطني.. إلى جنة الخلد أبا خالد»، ووصفت لحظة تلقيها الخبر بالمفزعة، التي لم تصدقها فأرسلت رسائل استفسار إلى زميلاتها لنفي الخبر، إلا أن الحقيقة كانت أسرع فبادرت إلى تغيير صورة العرض بصورة الأمير سلطان.

وشاطرها المشاعر، معاذ البكيري، مسطرا حالته بعبارة: «يا صباح السبت يا شين الصباح صباحك هموم إشراقك حزن.. مات سلطان الكرم عنا وراح.. عظم الله أجرك يا وطن».

وهنا يقول فهد باسلم: «استيقظت فجر اليوم على خبر وفاة ولي العهد ولم أصدق النبأ حتى شاهدت التأكيد عبر بيان الديوان الملكي الذي وودت أن لا أسمعه فغيرت صورة العرض وفاء لهذا الرجل الكريم، ولما عرف عنه من سعيه إلى الخير والمشاريع الإنسانية في المملكة وخارجها».

ومن جهته قال عبد العزيز الراشد، من وكالة الأنباء السعودية في واشنطن: «تلقيت الخبر من أحد أصدقائي من بيروت بعد قراءتي الخبر في جهازي (البلاك بيري) وبث الخبر على شاشة (سي إن إن) الإخبارية بين مصدق ومكذب للخبر، إلى أن وردني الخبر حقيقة من أحد زملائي في المستشفى، فوضعت صورة الأمير سلطان ممسكا بالمصحف الشريف، وعنونت حالتي بعبارة (رحمك الله أبا خالد) لكي تكون بمثابة الدعاء لكل من يقرؤها».

ولم تغب رسائل البث بالدعاء والرحمة للفقيد منذ ساعات الفجر الأولى وحتى نهاية اليوم طلبا من الله بأن يرحم الفقيد وأن يلهم خادم الحرمين الشريفين والأسرة المالكة والشعب السعودي الصبر والسلوان.

تقول ريما الغامدي: «إن تبادل الصور والرسائل يثبت للعالم أجمع أن صور الأمير أعادت للأذهان مشاهد الحب والتواضع، التي كان يحملها الأمير سلطان بن عبد العزيز، خصوصا تلك التي كان يحمل فيها أحد الصغار ويقبل آخر، وتلك التي كان يزور أبناءه من الضباط والجنود البواسل في مستشفى القوات المسلحة يصر على تقبيل رؤوس المصابين رفع الله قدره».

روان علي، المعلمة في إحدى المدارس بجدة، وصفت لحظة تلقيها الخبر بالحزينة، وقالت: «سلطان الرحمة والمحبة والطيبة والشهامة والنبل والأخلاق سيبقى خالدا، فحرصت على جمع كافة صور العرض وسأحتفظ بها».

سميرة الغامدي، الأخصائية الاجتماعية، أكدت تلقيها الخبر عبر شبكات التواصل الاجتماعي وأشارت إلى أن «تفاعل أفراد المجتمع إيجابي مع الخبر وحملات الدعاء في ما بينهم تدل على مكانة هذا الرجل ومحبة الناس له، فقد كان يمتاز بكرمه وجوده وروحه الطيبة، فكان يبتسم للجميع وعلى صلة بالجميع».

وبالعودة إلى رسائل البث التي غطتها مشاعر الحزن فقال أحدهم: «مرحوم يا سلطان عدد من ترحم.. مرحوم يا أمير الخير والعطايا عدد من كبر وسلم.. مرحوم يابو الكرم والسجايا»، وكتب آخر: «الصبح صار ليل من حزن وهموم من يوم جابوا لي خبر موت سلطان مرحوم يا سلطان مرحوم مرحوم، الله يصبرنا على واقع الأحزان»، وأرسل آخر: «يا صباح السبت يا شين الصباح والظلام اللي على الديرة تعلى.. راح الكرم من يوم سلطان راح والطيب مات ما بقاله محلا».

وفي موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» اعتبر خبر الوفاة ونفيه الخبر الأبرز قبل تأكيده من الديوان الملكي ليتحول الأمر إلى عزاء جماعي جملة من أدعية الرحمة والمغفرة للفقيد من كافة أطياف المجتمع وشرائحه، فكتب الشيخ عائض القرني: «اللهم اغفر وارحم عبدك سلطان بن عبد العزيز وتجاوز عنا وعنه وعن جميع المسلمين إنك غفور رحيم»، وقابلها المتلقون بدعوات الرحمة والغفران. بينما سطر أحدهم دعاء: «رحمة ونور ومغفرة تنزل على قبرك بحجم كل ما بذلته من خير.. ابتسامتك وطيبتك وكلماتك الحانية كانت تسبق عطاياك.. لا حرمك الله الأجر يا سلطان الخير آمين».

وسطر المقرئ توفيق الصائغ لحظات النهاية بعبارة: «مع الدعاء بالرحمة لسلطان الخير غفر الله له.. ندعو لهيئة البيعة بالتوفيق والسداد، رحم الله أبا خالد»، أما مشاري العفاسي، فدعا: «اللهم إن سلطان بن عبد العزيز في ذمتك وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم».

وكتب عثمان العمير: «إنه لحزن كبير وعميق أن نفقد رجلا بحجم سلطان بن عبد العزيز في هذه المرحلة الدقيقة.. كان فذا وعملاقا واستثناء سياسيا»، وكتب تركي الدخيل: «لازمت الابتسامة وجه ولي العهد السعودي الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله. (وتبسمك في وجه أخيك صدقة)، سنفتقد بسمتك».

وفي «الفيس بوك» تسابق المحبون على إنشاء صفحات الدعاء والحب لأمير الكرم والخير فتولدت، أمس، عشرات الصفحات للدعاء بالرحمة للأمير سلطان أبرزها حملة الدعاء للأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، التي استقبلت عشرات الأدعية بالرحمة والصور الإنسانية للفقيد وهو يقبل أحد الصغار وبعض المصابين إضافة إلى صوره في عدد من الرحلات ومواقع العمل.

وبحسب تقرير صادر يبلغ مستخدمي «البلاك بيري» في السعودية، وفق آخر إحصائيات هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، نحو 700 ألف مشترك كأكبر سوق لـ«أراي إم» في الشرق الأوسط، الذين يشكلون في الشرق الأوسط ككل نحو 5 في المائة من عملاء الشركة الكندية في العالم.

ومن جانب آخر، رفع عبد الله آل طاوي، مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة أحر تعازيه ومواساته لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بوفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز، رحمه الله رحمة واسعة، الذي وافته المنية فجر أمس، السبت.