الصحافة الغربية ترى أن الأسد فقد أصدقاءه وأصبح أكثر عزلة

«لوفيغارو»: موقف الجامعة العربية يعتبر عقابا لسوريا

مظاهرة في كفرنبل، أمس، تشكر العاهل الأردني، الذي دعا الأسد إلى التنحي
TT

أثار موقف الملك الأردني عبد الله الثاني، الذي دعا بشار الأسد للتنحي، الكثير من الآراء والمواقف حول الشأن السوري وأعادها إلى احتلال حيز مهم في الإعلام الغربي، الذي ربط بين موقف العاهل الأردني ومواقف الجامعة العربية، التي كان أهمها تعليق عضوية سوريا، وفتح مجال للتفاوض بين أعضاء الجامعة ومسؤولين من المعارضة. واتفقت مجمل الصحف على أن تصريحات الملك الأردني أكدت فقدان الأسد أصدقاءه، وموقف الجامعة العربية جعل نظامه أكثر عزلة، ويتساءل المحللون عن مدى إمكانية أن يتكرر ما حدث في ليبيا في سوريا.

صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية نشرت صورة لمحتجين يحرقون صورة الأسد في القاهرة، وعنونت مقالها تحت «ملك الأردن يدعو الأسد للاستقالة»، وأشارت إلى أن الملك الأردني هو أول زعيم عربي يتحدث عن استقالة الأسد بشكل منفتح، كما ذكرت أنه وبعد أن التزم الملك الأردني الصمت لفترة تجاه الشأن السوري، «أسمع أخيرا الملك الأردني صوته وتصريحه» بأنه لو كان مكان الأسد لترك السلطة. كما عرضت الصحيفة الفرنسية لقرار الجامعة العربية الذي اعتبرته «عقابا من طرف الدول العربية» بإقصاء سوريا من اجتماعاتها. وأشارت الصحيفة إلى عدد الضحايا في سوريا الذي بلغ 3500 قتيل في 6 أشهر، كما تحدثت عن فتح مجال للتواصل بين المعارضة السورية والجامعة العربية، في إشارة إلى الاجتماعات التي بدأت بين ممثلي الجامعة العربية ومسؤولي المعارضة السوريين.

وعرضت «لوفيغارو» مواقف المسؤولين في الحكومة السورية الذين يقابلون دعوات المجموعة الدولية بـ«أذان الخرسان»، مستعرضة موقف وزير الخارجية السوري الذي قال إن «الأزمة وصلت لنهايتها»، ونقلت عنه أيضا: «أصبح برنامج الإصلاحات واضحا، لكننا متأخرون في ما يتعلق بالحوار مع المعارضة ونسعى للتعافي».

وعلقت الصحيفة على هذه المواقف بأن سوريا تسعى لإثبات أنها بدأت فعليا تطبيق برنامج للخروج من الأزمة كما اقترحته الجامعة العربية، لكن في الوقت نفسه تتواصل المواجهات مع المعارضة بنفس النسق، وتجاوز عدد القتلى 120 قتيلا خلال الأسبوع الماضي.

من جهتها، نقلت صحيفة «لوموند» الفرنسية تفاصيل تصريح الملك الأردني الذي جاء في حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

ثم تحدثت عن تظاهر نحو مائة شخص مساء الاثنين أمام السفارة الأردنية في دمشق، حسب السفير الأردني بها، الذي جاء احتجاجا على تصريحات ملك الأردن. وقالت الصحيفة: «إن اثنين من المتظاهرين تمكنا من اقتحام الساحة الخارجية للسفارة وتمزيق العلم الأردني». وهذا ما صرح به السفير الأردني عمر العمد، الذي قال إن الأمن السوري لم يتدخل لمنع المتظاهرين من اقتحام ساحة السفارة، مذكرا بأنه، حسب الاتفاقيات الدولية، من أدوار حكومة البلد الذي فيه السفارة أو الدبلوماسيون: حماية السفارات والبعثات الدبلوماسية، مشيرا إلى الحماية التي توفرها السلطات الأردنية للسفارة السورية في عمان.

وتناولت الصحف البريطانية بدورها الشأن السوري، فصحيفة الـ«غارديان» عنونت مقالها الرئيسي حول الموضوع بـ«الملك عبد الله يقول: الأسد يجب أن يرحل.. مع تصاعد الضغط على سوريا». وبعنوان فرعي «حركة المنطقة تترك دمشق في عزلة».

وترى الصحيفة أن قرار الجامعة العربية تعليق عضوية سوريا يحمل معنى رمزيا، فليس من الواضح ما هي طبيعة الإجراءات العملية التي ستتخذها ضد النظام السوري.

ورأت الصحيفة أن الملك الأردني استعمل قرار الجامعة بتعليق عضوية سوريا كغطاء لتصريحاته التي «قالها بحذر، لكنها كانت من الحدة بحيث زادت الضغط على الأسد ونظامه».

واعتبرت الصحيفة موقف الملك الأردني الذي جاء بعد أشهر من الصمت قد زاد سوريا عزلة، كما تحدثت الصحيفة عن رد فعل وزير الخارجية السوري حول قرار الجامعة، الذي اعتبره المعلم «خطيرا» وسيكون له أثر سلبي، قائلا إن سوريا ستبقى قوية مهما زادت الضغوط.

كما رأت الصحيفة أن رد الفعل السوري العنيف على قرار التعليق يشير إلى أن النظام لا ينوي سحب قوات الأمن من المدن ولا الإفراج عن السجناء أو العفو عن المسلحين، وهو ما كان النظام قد اتفق عليه مع الجامعة قبل أسبوعين.

واعتبر الصحافي أيين بلاك، في مقاله التحليلي الذي حمل عنوان «إشارة إلى أن زعماء عربيين آخرين يتوقعون سقوط النظام»، أن قرار تعليق عضوية سوريا أدخلها في مجال جديد و«غير مألوف»، مذكرا بمواقف قطر وتركيا والسعودية من بلد طالما اعتبر نفسه «قلب العروبة النابض». وعرض لأن إيران متنبهة أيضا إلى أنها خسرت حليفها العربي الوحيد وأن الجميع الآن متخوفون من إعادة ما حصل في ليبيا في سوريا.

وختم الكاتب مقاله بأنه على الرغم من صعوبة تقدير كم من الدماء ستسيل لغلق الجزء السوري من كتاب الربيع العربي، فإن الأكيد أنه على الأسد أن يدرك أن إبقاء قبضته على البلد لم يعد ممكنا.

في صحيفة الـ«فايننشيال تايمز» أيضا كتب ديفيد غاردنر مقالا بعنوان «وجدت الجامعة العربية صوتها أخيرا». يقول فيه: «إن الربيع العربي الذي امتد حتى الخريف بدأ يحفل بالمفاجآت، وقد جاءت أخراها من الجامعة العربية، التي يعتبر الجديد في خطوتها هو أنها وجهت رسائل إلى جهات غير الأسد، مثل الجيش، مطالبة إياه بعدم إطلاق النار على المتظاهرين، وكذلك بدأت نقاشا حول الاعتراف بالمعارضة، كما أنها تريد إشراك مجلس الأمن الدولي»، حسب الصحيفة. ويرى كاتب المقال أن الوضع الجديد سيجعل من الصعب على الصين وروسيا معارضة قرار مجلس الأمن مستقبلا.

الـ«إندبندنت» في مقال الرأي لباتريك كوكبيرن بعنوان «عبد الله أظهر أن الجيران يعتقدون أن النظام لا يمكن أن يبقى»، في إشارة إلى النظام السوري، قال: «عزلة النظام السوري في ازدياد، وجاءت الضربة الأخيرة حين وجه الملك عبد الله، عاهل الأردن، دعوة للرئيس بشار الأسد للتنحي، هي الأولى من نوعها حتى الآن من حاكم عربي».

ويرى الكاتب في هذا إشارة إلى أن جيران سوريا يعتقدون أن النظام السوري لا يمكن أن يبقى، بعد أن أظهر قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا أنه لم يعد للنظام السوري الكثير من الحلفاء.

وقارن الكاتب وضع النظام السوري بالوضع الذي كان عليه النظام الليبي قبل سقوطه؛ حيث يقول إن تصويت الجامعة العربية فتح الأبواب أمام التدخل العسكري لـ«الناتو»، أما الفرق بين النظامين أن نظام الأسد يملك جيشا قويا مواليا له، وهو ما لم يتوافر للقذافي، كذلك فإن قمة السلطة منظمة أكثر مما كانت عليه سلطة النظام الليبي.

مع ذلك، فوضع الأسد لا يبدو مريحا؛ فهو فقد بعض حلفائه، كتركيا، كذلك فإن العراق امتنع عن التصويت في الجامعة العربية، وهذا ليس مؤشرا لدعم قوي.