رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: حرب أخرى مع قطاع غزة حتمية

تدريبات عسكرية ضد «عملية تفجير فلسطينية كبيرة في الحرم الإبراهيمي في الخليل»

نساء من أقارب محمد الكيلاني ضابط الأمن (حماس) الذي قتل في غارة إسرائيلية يبكين خلال جنازته في بيت لاهيا (ا ب)
TT

في موعد موسمي معروف، عشية إقرار الميزانية العسكرية، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، أن هجوما حربيا على قطاع غزة بات شبه حتمي، بدعوى أن «تزايد إطلاق الصواريخ من هناك يحتاج إلى رد ملائم، يضع حدا لإصابة المواطنين والممتلكات في بلدات الجنوب الإسرائيلية».

وقال غانتس، خلال لقائه مع أعضاء لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، إنه «من غير الممكن أن نسمح ببقاء مواطنينا في الجنوب عرضة للخطر الدائم من تهديدات الصواريخ، فهذا يعني أننا سنفقد قوة الردع التي تحققت في حرب غزة الأخيرة (2008 - 2009) ودامت أربع سنوات بالكامل». وأضاف أن الحرب القادمة ستكون بمبادرة إسرائيلية، و«في الوقت والحجم الذي نختاره نحن، وسنعمل على أن تكون قصيرة أكثر ما يمكن، اعتمادا على الاستخبارات الناجعة والسرعة الفائقة في العمل».

وادعى غانتس أن قطاع غزة شهد تصعيدا هائلا على مستوى امتلاك أسلحة متقدمة. ولفت إلى ما نشره الموقع الإلكتروني لمجلة «دير شبيغل» الألمانية، أول من أمس، وجاء فيه أن أسلحة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي لا تزال تشكّل «تهديدا كبيرا»، حيث إن صواريخ أرض - جوّ متقدّمة من الترسانة الليبية، ظهرت بالفعل في قطاع غزة لدى حركة حماس.

وكانت الصحيفة الألمانية أشارت إلى المخاوف التي تسود جيش الاحتلال الإسرائيلي من انتهاء سيادته الجوية على القطاع، واحتمال وقوع هجمات على حركة الطيران المدني في جنوب فلسطين المحتلة. وقالت: «مات معمر القذافي، ولكن أسلحة الدكتاتور الليبي السابق لا تزال تشكّل تهديدا كبيرا، حيث ظهرت صواريخ حديثة من الترسانة الليبية لدى حركة حماس الإسلامية في قطاع غزة. وهو ما أثار جزع إسرائيل». ونوهت بما ذكرته صحيفة «هآرتس» أمس، نقلا عن مصادر في الجيش الإسرائيلي، من أن حركة حماس التي تحكم في قطاع غزة قد تكون حصلت على صواريخ أرض - جوّ متقدّمة من المخزونات الليبية. وحسب الصحيفة فقد تمّ في الأشهر الأخيرة تهريب صواريخ أرض - جو عالية الخطورة من طراز «سام» إلى داخل غزة، وهي صناعة روسية متطوّرة تمّ الحصول عليها من مخابئ الأسلحة الليبية المنهوبة. وتُعَدّ هذه الصواريخ أكثر فعالية من منظومة الأسلحة من طراز «SAM - 7» التي كانت قد دخلت القطاع بالفعل في السابق. وقال غانتس إن تقارير أفادت بأن هذه الصواريخ تباع في السوق السوداء في سيناء اليوم، وأن تجار الأسلحة خفضوا سعرها من 15000 إلى 4000 دولار، لأنه بات من السهل الحصول عليها. وأضاف، حسب مصادر صحافية، أن القوات الجوية الإسرائيلية قد تأهّبت لحالة الخطر المتغيّرة المحتملة. وقد شنّت غارات جوية على غزة، كما لو أنّ حركة حماس تمتلك بالفعل هذه المنظومة للدفاع الجوي.

وكان واضحا أن غانتس لا يستخدم هذه اللغة التهديدية صدفة، بل إنه اختار التوقيت المناسب لها. ففي يوم أمس بدأت الأبحاث المكثفة لإقرار الميزانية العسكرية في إسرائيل، في ظل قرار للحكومة بتقليصها بنحو مليار دولار. وقد اعتاد الجيش الإسرائيلي على التهديد بالحرب عندما تحاول الحكومة تقليص ميزانيته، وفي سنة 2006 قام الجيش بجر الحكومة إلى حرب لبنان الثانية، حالما اتفق رئيس الحكومة آنذاك، إيهود أولمرت، مع وزير دفاعه، عمير بيرتس، على تقليص الميزانية العسكرية بقيمة 1.2 مليار دولار.

وانتبه إلى هذه الحقيقة، أمس، رئيس لجنة الخارجية والأمن، شاؤول موفاز، الذي شغل في الماضي بنفسه منصب وزير دفاع ورئيس أركان للجيش. فقال لرئيس الأركان غانتس إن الجيش قادر على تقليص ميزانيته من دون المساس بقدراته الدفاعية إذا نفذ خطة ناجعة في مصاريفه. وأعلن موفاز أن لجنته قررت تشكيل لجنة من مهنيين وخبراء لدراسة وضع ميزانية الدفاع وفحص إمكانية أو عدم إمكانية التقليص فيها. وانتقد موفاز الجيش على ضعف معلوماته الاستخبارية حول ما يجري داخل قطاع غزة أو سيناء المصرية.

ورد غانتس بأنه يعترف بأن عملية إيلات (التي نفذها مسلحون مصريون يعملون لصالح تنظيمات فلسطينية مسلحة، وهاجموا خلالها عدة سيارات إسرائيلية وقتلوا ثمانية إسرائيليين وجرحوا 30 آخرين)، دلت على فشل ما في المعلومات الاستخبارية. وقال: «توقعنا هجوما في الليل وليس في وضح النهار، ولم نتوقع أن تنفذ عملية على بعد 200 متر من موقع عسكري مصري في سيناء».

وكان غانتس قد حضر إلى الكنيست بعد أن قام الجيش الإسرائيلي بتنفيذ تدريبات حول عمليات حربية، هدفها إثارة المخاوف وإبراز أهمية الجيش. وكشف أمس أنه بالإضافة إلى التدريبات في غور الأردن على خطف جندي إلى نابلس، أجرت قوات خاصة تدريبات على تنفيذ عملية تفجير كبرى بين المصلين اليهود في الحرم الإبراهيمي في الخليل، أو على الطريق من مستعمرة قريات أربع إلى الحرم الإبراهيمي. وقال مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، الذي كشف عن هذا التدريب، إنه كان أضخم تدريب يجريه الجيش في السنوات الأخيرة. وأعرب المجلس عن تقديره للجيش على إشراكه المستوطنين في عمليات التدريب.

وقد فسر قائد هذه التدريبات، المقدم شاحر سفادا، إشراك المستوطنين قائلا: «في كل تدريب عسكري يتم في الميدان، هناك حاجة ملحّة لإشراك السكان المدنيين».