تخفيض حصة المرأة بالمجالس المنتخبة يثير مخاوف من «انحراف إصلاحات الرئيس»

ضغوط لدفع بوتفليقة إلى «قراءة ثانية» لقوانين الإصلاح

TT

يضغط برلمانيون وأحزاب يرافعون لصالح «حقوق أكبر للمرأة» بالجزائر، لدفع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى إحداث «قراءة ثانية» في الإصلاحات السياسية التي تعهد بها، بسبب تحفظهم على تعديلات أدخلتها الغرفة البرلمانية الأولى على «قانون توسيع مشاركة المرأة السياسية»، نزلت بحصة ترشيح المرأة في قوائم الانتخاب من 33 في المائة إلى 20 في المائة.

وتشهد «قوانين الإصلاح» المطروحة للنقاش بالغرفتين البرلمانيتين، غليانا على خلفية احتقان شديد في أوساط البرلمانيين المحسوبين على التيار «الحداثي الديمقراطي» والتيار الإسلامي. ومرد غضب هؤلاء، مضامين قانون «توسيع مشاركة المرأة السياسية» وقانون الأحزاب الجديد.

ودعت زهرة بيطاط ظريف، نائب رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة الثانية)، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى مراجعة حزمة قوانين الإصلاحات التي تعهد بها، على أساس أن نواب «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى)، «قاموا بتحريف إرادة الرئيس في إحداث إصلاح عميق وجذري يأتي بالديمقراطية الحقيقية». وذكرت ظريف، 75 سنة، للإذاعة الحكومية أمس، أن «التخلي عن حصة 33 في المائة من قوائم الترشيحات التي اقترحتها الحكومة، وفرضتها على كل الأحزاب، يمثل تنكرا لوعود الرئيس ولنضالات المرأة أثناء ثورة التحرير من الاستعمار»، التي شاركت فيها زهرة ظريف، وهي أحد الوجوه البارزة فيما يعرف بـ«الأسرة الثورية»، واختارها بوتفليقة ضمن «الثلث» الرئاسي المعيَّن في «مجلس الأمة».

وقالت ظريف، وهي أرملة رئيس البرلمان الأسبق، رابح بيطاط: «من غير المعقول أن المرأة التي تمثل تقريبا نصف أعداد العاملين في قطاع الصحة، و45 في المائة من أعداد القضاة، وأكثر من 60 في المائة من العاملين في قطاع التعليم، نحرمها من ترجمة هذه المكانة في البرلمان». وأدخل نواب الغرفة الأولى تعديلا على «قانون توسيع مشاركة المرأة السياسية»، بحذف حصة 33 في المائة الممنوحة لها ضمن مقاعد البرلمان والمجالس المحلية، وتخفيضها إلى ما بين 20 إلى 40 في المائة تبعا لعدد مقاعد كل ولاية (48 ولاية) في البرلمان، وإلى 30 في المائة بالنسبة لمجالس الولاية والبلدية، حيث يزيد عدد السكان على 20 ألف.

وأفادت زهرة ظريف في اتصال مع «الشرق الأوسط»، بأنها ستتوجه برسالة إلى بوتفليقة «للفت انتباهه إلى الانحراف الخطير الذي وقع في إصلاحاته، حتى يصحح المسار قبل فوات الأوان»، مشيرة إلى أن «مجلس الأمة.. سيلقي بكل ثقله من أجل الاحتفاظ بقوانين الإصلاح كما صاغتها الحكومة»، وأضافت: «من غير المعقول أن تثبت الحكومة أنها أكثر تقدما وحداثة من النواب الذين اختارهم الشعب».

وتنتقد الأحزاب الإسلامية، خاصة «حركة النهضة»، قوانين الإعلام والأحزاب والانتخابات، بذريعة أن «بصمة السلطة فيها طاغية على هوامش الحريات»، ويبدي الإسلاميون ارتياحا لتخفيض حصة المرأة في الهيئات المنتخبة، ويرفضون ما يسمونه «ديمقراطية على الطريقة البورقيبية»، في إشارة إلى نظرة الرئيس التونسي الراحل، حبيب بورقيبة، لدور المرأة في المجتمع.

ووعد بوتفليقة في 15 أبريل (نيسان) الماضي، في خضم الهزات العنيفة التي شهدتها تونس ومصر وليبيا، بمراجعة قوانين الأحزاب والانتخاب والإعلام والجمعيات، واستحدث «قانونا لترقية المرأة سياسيا»، وقال إن ذلك «يترجم إرادة في تجذير ممارسة الديمقراطية».

وكانت لويزة حنون، زعيمة «حزب العمال» اليساري، صرحت، الأسبوع الماضي، بأنها تحدثت مع بوتفليقة حول «المخاطر التي تحوم حول مشاريع الإصلاح، التي يتم إجهاضها وإفراغها من مضامينها»، وحمّلت حنون «جبهة التحرير الوطني» (حزب الغالبية البرلمانية) و«التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحيى ونواب الأحرار في البرلمان، «مسؤولية إجهاض قوانين الإصلاح»، وقالت إن «البرلمان الحالي هيكل من دون روح»، ودعت إلى انتخاب «مجلس تأسيسي سيّد» يتولى صياغة دستور جديد.