جدة: مشروع لإنقاذ 18 موقعا حرجا من «المياه الجوفية» بـ100 مليون ريال

بدء بناء أول خزان استراتيجي لتأمين المياه عند حدوث «أعطال» أو «كوارث»

الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة عن طريق استثمارها للأغراض الصناعية والتجارية والزراعية
TT

أكد مسؤول رفيع في شركة «المياه الوطنية»، لـ«الشرق الأوسط» تكليف الشركة بتنفيذ مشروع معالجة 18 نقطة حرجة لتجمعات المياه في محافظة جدة على 3 مراحل على أن تكون البداية بعد نحو شهرين في 3 مواقع في الجنوب والشرق صنفت بالأكثر تضررا بتكلفة اعتمدت بلغت نحو 100 مليون ريال.

وأعلن في الوقت ذاته لؤي مسلم، الرئيس التنفيذي لشركة «المياه الوطنية» السعودية، البدء فعليا في إنشاء أول خزان استراتيجي لتجميع المياه في منطقة بريمان شرق جدة على مساحة تقدر بنحو 6 ملايين متر مربع على أن يتم تنفيذه على أربع مراحل، وتبلغ كمية المرحلة الأولى منها مليون متر مكعب، على أن يتم تنفيذ المراحل الباقية تباعا خلال الخمس سنوات المقبلة.

ويأتي هذا المشروع ضمن خطة مشروع تبنته الشركة بهدف تأمين المياه وتخزينها لإمداد مدينة جدة بالمياه عند حدوث أي عطل في محطات التحلية أو كارثة طبيعية.

وقال لؤي مسلم، الرئيس التنفيذي لشركة «المياه الوطنية»، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»: «إن الشركة استعانت بعدد من الشركات الاستشارية لدراسة مشروع إنشاء خزانات استراتيجية بمدينة جدة، بهدف تأمين المياه وتخزينها بطاقة 6 ملايين متر مكعب في 4 مواقع منفصلة استراتيجيا، لإمداد مدينة جدة بالمياه عند حدوث أي عطل في محطات التحلية أو كارثة طبيعية».

وبالعودة للموضوع أوضح لؤي مسلم، أنه تم تكليف الشركة بمعالجة تجمعات المياه في 18 موقعا في محافظة جدة وشكلت نحو 100 مليون ريال كميزانية لهذا المشروع.

وأضاف «تم الانتهاء من دراسة عدد خمسة مواقع وأخذ تصاميمها وستطرح للمناقصة على أن يتم البدء في العمل فعليا بعد نحو شهرين، حيث تم تقسيم المشروع إلى ثلاث مراحل، الأولى منها في أحياء السنابل والأجاويد وجوهرة المعارض، والثانية في أحياء أبرق الرغامة وحي قويزة وكيلو 14 ومخطط المتبولي وكيلو 11، بينما تتضمن المرحلة الرابعة مخطط الحرمين وأحياء السامر والأجواد والواحة، إضافة إلى حيي بريمان الشعبي والشرقي.

وأضاف مسلم «عملت الشركة على إطلاق مبادرة الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة، وذلك عن طريق استثمارها للأغراض الصناعية والتجارية والزراعية، حيث تم توقيع عدة اتفاقيات مع القطاع الخاص، بما يزيد على الأربعة مليارات ريال».

وكان المهندس عبد الله بن عبد الرحمن الحصين، وزير المياه والكهرباء، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن المشكلة في المياه الجوفية تكون من الصرف الصحي لعدم وجود شبكة واستبعاد أن تكون مياه جوفية نظيفة وهي من التسريبات الأنابيب، ولا بد من القضاء عليها بالجهد والمال، وتوعد في الوقت ذاته بمحاسبة المتسببين في تصريف مياه إلى الأحياء بتطبيق عقوبات رادعه متى ما تم اكتشاف ذلك.

وقال وزير المياه والكهرباء «لن يتم بناء أي مخطط جديد إلا بعد استيفاء اشتراط شبكات الصرف الصحي وفق ما نص عليه قرار من مجلس الوزراء والمتضمن اكتمال شبكات المياه والكهرباء والصرف والهاتف»، مشيرا إلى أن وجود بنية الصرف الصحي في جدة ليس ترفا، بل ضرورة ملحة، خصوصا أنها بوابة الحرمين ويسكنها 3 ملايين نسمة، فالمشروع بالغ الأهمية»، موضحا أنه يستفيد من المياه المعالجة في المتنزهات والأراضي الرطبة التي طورتها الأمانة بمساحات هائلة في شرق جدة ستأخذ النصيب الأكبر.

وكشف مصدر مسؤول في أمانة محافظة جدة لـ«الشرق الأوسط» عن بلوغ إجمالي أطوال الشبكات المنفذة لتخفيض المياه السطحية – الجوفية إلى نحو 261 كم، وبقدرة تصريفية للمياه تصل لأكثر من 448 ألف م3 في اليوم، وذلك في عدة مناطق متفرقة بالمحافظة. وقال المصدر الذي فضل حجب اسمه، إن الأمانة تقوم حاليا بطرح باقي مراحل مشروع الشبكة، حيث تم الانتهاء من أعمال التصميم للشبكة البالغة أطوالها نحو 170 كم وبقدرة تصريف تصل إلى نحو 430 ألف م3 في اليوم. وفي هذا الصدد، أوضحت الأمانة عبر مركزها الإعلامي، أن مدينة جدة سوف تظل تعاني من ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وأن الحل الجذري لمشكلة الطفح المائي في الأحياء بشكل عام سيكون مع الانتهاء من مشاريع الشبكة الرئيسية للصرف الصحي في المحافظة، لافتة إلى أن المياه الجوفية في جدة هي نتاج طبيعي وليست مشكلة دائمة.

وحول تنفيذ شبكات تخفيف منسوب المياه الجوفية في مناطق دون أخرى، بينت الأمانة أن تنفيذ تلك المشاريع يتم بناء على أن موقع المناطق ينبغي توفر شرطين فيها، هما: أن يكون منسوب المياه الجوفية فيها مرتفعا، بالإضافة إلى وقوعها بالقرب من مناطق تصريف المياه، سواء كانت عن طريق البحر أو بوجود خطوط للتصريف.

وأكدت الأمانة تحذيرها العام الماضي قرابة 3079 مبنى بقطع المياه عنها، بسبب تسرب المياه منها، مبينة أن مشاريع تصريف المياه السطحية والجوفية تهدف إلى إيجاد الحلول المناسبة للتخلص من المياه المتجمعة في الشوارع والأحياء الداخلية، باستعمال أنابيب من البلاستيك وأنابيب من الخرسانة المسلحة، مغلفة بالقماش المسامي «جيوتيكستايل» لمنع دخول الأتربة وضمان التخلص من المياه المتسربة من باطن الأرض.

وكانت التقارير الأخيرة لكارثة جدة الثانية والصادرة من إمارة منطقة مكة المكرمة كشفت عن تأثر نحو 7702 عقار جراء الأمطار الأخيرة، وأن منسوب مياه الأمطار لهذا العام فاق أمطار الكارثة السابقة وتجاوز في بعض المواقع 120 ملليمترا.

وعلق هنا الدكتور زهير بن عبد الحفيظ نواب، رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، على تأثير المياه الجوفية على بنية المدينة بقوله: «تؤثر مياه الأمطار على ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وبالتالي كلما ارتفع منسوبها زاد تأثيرها على قواعد المباني والمنشآت، وكذلك على التمديدات الأرضية، التي تشكل البنية التحتية للمدينة، خصوصا إذا ما استمر تعرضها للمياه الجوفية لمدة طويلة».

وأردف: «كما تتعرض الجدران إلى التآكل في المنشآت التي تتعرض للرطوبة لفترة طويلة، وتتكون عليها الأملاح، خصوصا في الأدوار السفلية منها، كما تتعرض الأجزاء الحديدية منها للصدأ والتآكل، كما يمكن أن يتسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية في حدوث تكهفات تؤثر على العقارات والمنشآت».

وأضاف نواب: «نحن نشاهد، بعد هطول أمطار غزيرة، كيف أن تجمع كمية من هذه المياه على الطرق لعدة أيام يؤدي إلى تلف الطبقة الإسفلتية، وإلى تشوه الأرض من تحتها الأمر، الذي يؤدي إلى تكون الكثير من الحفر والمطبات التي تعوق حركة السير».

وبين رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية أن ارتفاع منسوب المياه الجوفية يعتبر من أهم العوامل التي تساعد على حدوث ظاهرة تميع وإسالة التربة في حالة حدوث زلازل - لا قدر الله - وقد يؤدي هذا إلى انهيار كامل للمباني، حيث تفقد بموجبها التربة قوتها وصلابتها بشكل كبير، نتيجة لتعرضها لإجهاد، يتولد من الاهتزازات الناتجة عن حدوث زلزال أو أي مصادر أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى أن تتصرف التربة مثل السائل.

واستطرد نواب: «غالبا ما تلاحظ هذه الظاهرة في التربة الرملية المشبعة بالمياه، ونتيجة للإجهاد المتولد عن الموجات الزلزالية فإن الضغط المتولد عن وجود الماء بين حبيبات التربة يزداد فجأة، مما يؤدي إلى فقدان التربة تماسكها وتصبح مثل السائل، مما يؤدي إلى تكون شقوق كبيرة في الأرض ودفن بعض من الأجزاء السفلية من المباني والمنشآت في الأرض». وأوضح الدكتور نواب أن طبيعة التربة في أي مدينة لا بد أنها تختلف باختلاف درجة تشبعها بالماء. فعندما تكون التربة صلدة وقليلة المسام وعلى درجة عالية من الصلابة وخالية من وجود السوائل فهي تربة ذات مواصفات هندسية جيدة، أما إذا كانت التربة مشبعة بالمياه الجوفية لفترة طويلة فإن خواصها الهندسية تتغير وتصبح تربة ضعيفة، وبالتالي فإن المباني التي تقام عليها ستكون عرضة للكثير من المخاطر في حال تعرضها إلى عوامل أخرى تعمل على اهتزازها.