هجوم يميني على رئيسة المحكمة العليا بعد اتهامها وزراء بمحاولة تدميرها

محاضر في جامعة بئر السبع: القدس الشرقية لم تحرر بل احتلت.. ومجلس التعليم يرد قرار إغلاق كليته كلها

رئيسة محكمة العدل الاسرائيلية العليا، دوريت بنيش
TT

بلغت الهجمة اليمينية على حرية التعبير في إسرائيل ذروة جديدة، هذا الأسبوع، عندما أوصى مجلس التعليم العالي برئاسة وزير المعارف، جدعون ساعر، بإغلاق كلية العلوم السياسية في جامعة بئر السبع بسبب «التطرف اليساري» فيها. وتبين من دراسة التقرير الذي اعتمده المجلس أن أحد الأسباب للإغلاق يتعلق بتصريحات يدلي بها المحاضرون اليساريون ضد سياسة الحكومة. ومنها قول أحدهم إن ما يقال في إسرائيل من أن الجيش الإسرائيلي قام بتحرير القدس الشرقية في حرب 1967 هو غير صحيح، وإن الحقيقة هي أن الجيش احتل المدينة من العرب.

وكان مجلس التعليم العالي قد وافق على اقتراح الوزير ساعر، فأقام لجنة تحقيق خارجية للبحث في شكاوى كثيرة تصل إليه من طلاب جامعيين يقولون إن «المحاضرين في كلية العلوم السياسية في هذه الجامعة يتبنون مواقف يسارية متطرفة ضد سياسة الحكومة، ويدافعون بشكل أعمى عن الفلسطينيين ويعتبرونهم ضحايا للجرائم الإسرائيلية، ويحرضون ضد اليمين الحاكم ويقوضون شريعة الحكومة والكنيست (البرلمان الإسرائيلي)». ولكي يبدو الأمر شرعيا، طرح الوزير فكرة إجراء تحقيق في كليات العلوم السياسية في الجامعات السبع الرئيسية في إسرائيل.

وتم ضم خبراء من ألمانيا وبريطانيا إلى لجنة التحقيق لكي تبدو نزيهة. ولكن محاضرة جامعية من أعضاء هذه اللجنة، فضحت قصتها من خلال مقابلة مع صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أول من أمس، فقالت إن رئيس اللجنة حاول العمل بنزاهة ولكن بقية الأعضاء بغالبيتهم الساحقة جاءوا بمواقف مسبقة وبغرض سياسي يميني واضح.

وانتقدت هذه اللجنة، بغالبية الأصوات، عمل جميع كليات العلوم السياسية في جميع الجامعات، بحجة «شدة الخطاب السياسي اليساري فيها». ولكنها ركزت بشكل خاص على جامعة بئر السبع باعتبارها «الأكثر خطورة في التطرف». وأوصت بإغلاق كلية العلوم السياسية «إذا لم تحدث تغييرا جذريا في نهجها وتوقف هذا الخطاب المتطرف».

وصدم محاضرو الجامعات الإسرائيلية من هذا التطور، وتوجه بعضهم إلى دول أوروبا والولايات المتحدة طالبين مساعدة في الضغط على الحكومة إسرائيلية أن توقف هذه الهجمة. وقال أحدهم: «لقد ابتلينا بقادة سياسيين لا يعرفون أبدا ما هي الجامعة. فنحن منبر للحريات. وفي كلية السياسة بالذات تعتبر الحرية ركنا أساسيا. وفي العالم كله اليوم معروف أن كليات العلوم السياسية يسارية وليبرالية، مثلما هو معروف أن كليات الاقتصاد تؤيد النهج الرأسمالي وكليات الأمن والعسكرة تؤيد التوجه المحافظ». وتوقع هذا المحاضر ألا تقتصر الهجمة على الجامعات على إغلاق هذه الكلية وأن تتبعها خطوات أخرى في تضييق الخناق على معارضي الحكومة. وجاءت هذه الخطوة في الوقت الذي تواصل فيه حكومة اليمين المتطرف إجراءاتها لسن قوانين عنصرية معادية للمواطنين العرب (فلسطينيي 48) ولقوى اليسار وللجمعيات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وتقييد حرية الصحافة ومحاصرة محكمة العدل العليا وشحنه بقضاة من معسكر اليمين وغيرها.

وهاجمت رئيسة محكمة العدل العليا، دوريت بنيش، هذه السياسة، الليلة قبل الماضية، بحدة وبشكل غير مسبوق. فقالت إن «هناك مجموعة من الوزراء والنواب والسياسيين يعملون بشكل منهجي منذ عدة سنوات، لتوجيه ضربة قاسية للجهاز القضائي عموما ولمحكمة العدل العليا بشكل خاص، بهدف تقييد صلاحياتها ومنعها من حماية الأسس الديمقراطية للدولة». وقالت بنيش، إن هؤلاء يديرون حملة تضليل منظمة ضد القضاء، تصل إلى حد التحريض الدموي عليه وتسميم أجواء الجمهور ضده.

وأعربت بنيش عن فرحتها بأن الجمهور لم ينجر بعد وراء هذه الحملة، حيث إنه ما زال يثق بالجهاز القضائي بنسبة عالية، وأكثر بكثير من ثقته بالسياسيين، ولكنها أضافت: «هذه الثقة ليست مضمونة، لأنهم يسممون الأجواء ويؤججون العداء ضدنا».

ورد قادة اليمين على هذا الانتقاد بهجوم كاسح، بلغ حد دعوتها إلى ترك منصبها والجلوس في البيت. وقال النائب زئيف ألكين، رئيس كتل ائتلاف الحاكم في الكنيست، إن بنيش لا تستوعب أن الديمقراطية تقول إن الكنيست هو الذي يسن القوانين وإن القضاء يصدر أحكامه على أساسها. وأضاف أن من يحرض هي السيدة بنيش: «تحرض الجمهور ضد أعضاء الكنيست الذين انتخبهم الشعب وتتعامل معنا بفوقية».