بالعمران ومحركات الديزل.. مكيون يكسرون الظلام في مخططات ولي العهد

20 ألف قطعة في مكة نفضت عنها الغبار واستعدت للتنمية

إزالة 6 آلاف عقار خلف أزمة سكن حقيقية في مكة المكرمة («الشرق الأوسط»)
TT

دفع عدم فسح مخططات جديدة في العاصمة المقدسة مواطنين نحو الإصرار على البناء في مخططات لم تكتمل مقومات الحياة بها، مؤكدين أنهم لن يمدوا رقابهم لسيف العقارات الملتهبة في جميع أحياء مكة المكرمة.

مخططات ولي العهد التي ما برحت بين شد وجذب، يعاني ملاكها من تعرض العقار لفخ الإشاعات والارتفاع والهبوط، موضحين أن الوقت قد حان لإطلاق التيار الكهربائي والإفراج عن أزمة سكن حقيقية خلفتها إزالة 6 آلاف عقار في مكة تولد عن ذلك إيجارات مرتفعة لم تشهدها العاصمة المقدسة من قبل.

وقام مواطنون برمي جميع الأعذار التي تعوق المضي قدما في بناء مساكنهم في مخططات ولي العهد، معتبرين أنها أعذار واهية وبيروقراطية مقيتة، تدفع المواطنين نحن السكن الإجباري حتى ولو كان في مجرى السيول.

عبد الله الجابري، أحد أصحاب تلك المساكن، قال إنه تقدم بطلب قبل 3 سنوات لإيصال الكهرباء لعمارته ووعده المسؤولون في الشركة بأن إيصال التيار سيتحقق في أقل من عامين ولا يزال منذ تلك الفترة يراجع الشركة أحيانا وسط مطالبات كثيرة لمعرفة الأسباب الحقيقية خلف عدم إيصال التيار الكهربائي ومعالجة الوضع المتفاقم للأهالي الذين يعانون من فحش أسعار العقارات في مكة.

أما فهد اليوسفي فواصل امتعاضه الشديد نتيجة ما سماه بالأرقام الخيالية التي نتجت عنها الإيجارات، وأن الطريق الوحيد هو فسح مخططات جديدة وإيصال جميع الخدمات، وزاد: «قبل 6 سنوات اشتريت قطعة أرض وقمت ببنائها وبعد اكتمال البناء والتأثيث نقلت أسرتي واستعنت بماطور كهرباء لتوليد الطاقة المنزلية، وأكد المسؤولون أن هذا لن يدوم أكثر من عام، ولكن المفاجأة أن السنوات مرت سريعة وشركة الكهرباء في كل عام تجدد الوعود بأعذار مختلفة».

وقال الذبياني: ينبغي على المسؤولين في شركة الكهرباء سرعة إيصال التيار الكهربائي لمخطط ولي العهد فالكثير من الأسر ترغب في السكن في المخطط ولكن عدم وجود الكهرباء أدى لعزوف السكان والوقوع فريسة للإيجارات المرتفعة حتى أن مبانيهم صارت مهجورة، وآخرون قرروا عدم البناء حتى يصل التيار للمخطط.

10 سنوات من المتابعة والحصاد المر لأهالي منطقة مكة المكرمة ورغم ذلك لم تصلها الخدمات خاصة الكهرباء رغم أنها تشهد حاليا حركة عمرانية كبيرة تتمثل في إقامة منازل ومساجد، إلا أنها رغم تكاملها وارتفاع القيمة السوقية التي تم الشراء بها، ما انفكت وهي بعيدة كل البعد عن تفكير شركة الكهرباء التي تركت الوضع معلقا من دون تقديم أي خدمات تريح الراغبين في التملك والسكن في العاصمة المقدسة.

من جانبه، جدد الدكتور أسامة البار، أمين عام العاصمة المقدسة، القائمين من الجهات الأخرى بالحفاظ على هذا المخطط الحيوي والمهم لأهالي مكة والذي سيستضيف عددا كبيرا من السكان الذين أزيلت عقاراتهم لصالح مشروعات التوسعات والتطوير التي تشهدها مكة الأعوام القادمة.

وطلب مواطنون من الجهات المسؤولة تعجيل وتيرة إنهاء الخدمات الأساسية لمخططات ولي العهد، التي تعتبر منفذا وحيدا لمكة المكرمة، التي تعاني بدورها ضائقة إسكانية، فرضتها عمليات الهدم والإزالة التي طالت المنطقة المركزية المجاورة للمسجد الحرام.

وتبقى 20 ألف قطعة أرض سكنية جاهزة للإسكان «معلقة»، تنتظر التيار الكهربائي يسري داخلها، منذ سنوات طويلة، في وقت صرح فيه مصدر مسؤول في شركة الكهرباء بأن الخطط والدراسات تم تسليمها لأمانة العاصمة المقدسة وقال: «نأمل أن يتم معالجة الأمر في أسرع وقت ممكن، هناك عقبات فنية ومالية، ونحن ماضون قدما في حلها»، الأمر الذي حدا بكثير من المواطنين للسكن القصري عن طريق تشغيل محركات الكهرباء التي تعبأ بمادة «الديزل»، ولا تكفي للإنارة باستثناء سويعات قليلة، فضلا عن حجم الأضرار البيئية التي تنتج من جراء إفرازات كربونية تنطلق من خراطيم تلك المحركات.

من جهته، يقول عطا الله الحجاجي، خبير عقاري في مكة المكرمة: «مخططات ولي العهد شهدت تجاذبا واسعا، وتعتبر من الناحية العقارية بوابة ديناميكية، دفعت بالكثير من الأسر المكية نحو السكن فيها، نظير موقعها الاستراتيجي الذي تحظى به، كونها تقع في أواخر مكة وأقرب الأحياء إلى محافظة جدة، مما أكسبها ميزة فعالة للبعد عن الاختناقات السكانية، والقرب من جدة». وأضاف الحجاجي: «إن مكة المكرمة تواجه معضلة إسكانية تتمثل في عدم فسح مخططات جديدة حيال جغرافيتها المعقدة، ومخاوف الجهات الرسمية التي طرأت على الساحة العقارية مؤخرا، من جراء مخاطر السيول التي تهدد بدورها الكثير من المخططات السكنية في مكة، الأمر الذي أصدرت بموجبه تلك الجهات الرسمية قرارا بتحديد عدد من المخططات التي تهددها مياه السيول».

إلى ذلك، تأمل جهات رقابية ذات صلة بتسريع وتيرة نقل محطات شركة الكهرباء لتثبيتها في مخططات ولي العهد «1، 2، 3»، لتكون المنطقة الأساسية التي تنطلق منها كابلات التمديدات الكهربائية للحركة العمرانية المتوقعة خلال السنوات المقبلة.

وتضع الجهات الحكومية حلولا ناجعة وتدريجية للأحياء العشوائية، مثل: «شارع المنصور، والرصيفة والهنداوية، وحي الزهارين»، الذي يعتبر المدخل الرسمي للقادمين من مدينة جدة.

ويعلق سعد بن علي، أحد السكان المحليين في مكة، بالقول: «الإشكالية التي تكمن بها مخططات ولي العهد هي جوهر الحياة الاعتيادية من ماء وكهرباء وصرف صحي، ومدارس للبنين والبنات، وسفلتة وإنارة، وغيرها من الخدمات الأساسية التي تكفل لهم وتسمح بالإسكان في تلك المخططات».

وأضاف: «المطالبة بسكن وعقار يليق بدخل المواطن العادي لا تتأتى إلا لفسح مخططات جديدة من الناحيتين الشمالية الغربية والغربية الجنوبية، وهي تعتبر بساطا ممتدا قد يمكن ميزان الأسعار من الاعتدال بعد أن وصل إلى حد لا يعقل من الارتفاعات الجنونية التي ضربت تلك المخططات من قبل تجار الأراضي، وهو ما دفع إلى هجرة عكسية، نتيجة عدم قدرة متوسطي الدخل وقليله على مجاراة حمى الإيجارات الملتهبة».