لبنان: تململ «عوني» من مواقف حزب الله وحالة عدم الانسجام داخل الحكومة

أسود لـ«الشرق الأوسط»: قاعدتنا الشعبية تسأل عما قدمه الحلفاء لنا.. والخلاف معهم حول مفهوم الدولة ودورها

TT

على الرغم من دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في ذكرى عاشوراء الثلاثاء الفائت، إلى «تفعيل العمل الحكومي»، مؤكدا «صوابية» مطالب تكتل التغيير والإصلاح، الذي يرأسه حليفه النائب ميشال عون، و«وجوب استجابة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لهذه المطالب»، فإن المواقف «العونية» الصادرة في اليومين الأخيرين تحديدا عكست تململا واضحا من اصطفاف حزب الله الوزاري في بعض الملفات، لا سيما ملف تصحيح الأجور، إلى جانب باقي الفرقاء في الحكومة، تاركا حليفه المسيحي وحيدا.

وبينما كان العماد عون من أشد حلفاء حزب الله المعارضين لتمويل المحكمة الدولية، وذهب أبعد منه في مواقف كثيرة، فإن حزب الله لم يبادل عون هذا الالتزام، وهو ما يبدو بوضوح من خلال مقاربته ملفات كثيرة، من المعارك «المالية» التي يضطلع بها النائب إبراهيم كنعان في مجلس النواب في ما يتعلق بالحسابات والموازنات السابقة، مرورا بملف التعيينات الإدارية والقضائية، وصولا إلى ملف تصحيح الأجور، حيث عارضت مكونات الحكومة كلها مشروعا تقدم به وزير العمل شربل نحاس، المحسوب على عون، وتم تبني المشروع الذي اقترحه الرئيس ميقاتي.

وعلمت «الشرق الأوسط» في هذا السياق أنه «بعد حالة الامتعاض والانتقاد الصريح الذي تم التعبير عنه على لسان كل من وزير العمل شربل نحاس والقيادي في تيار عون ناجي حايك، واللذين أطلا تباعا عبر قناة الـ(أو تي في) الناطقة باسم تيار عون، تلقى نواب في التيار الوطني الحر رسائل إيجابية من قبل حزب الله، أعادت التأكيد على متانة العلاقة بين الطرفين».

وفي سياق متصل، أوضح النائب في كتلة عون، زياد أسود، لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يخفى أن ثمة أجواء تململ داخل التيار وأسئلة تطرح عن مغزى التناقض الحاصل في مواقف الحلفاء وعدم الانسجام بين الطروحات». ورأى أن «هذا التناقض الحاصل داخل الصف الواحد ليس غريبا لأننا لم نكن شركاء في السلطة وفي بناء دولة الطائف التي بنيت أصلا على مصالح ومخالفات وتسويات». وقال «في الوقت الذي نسعى فيه إلى إطلاق أفكار جديدة للخروج بحلول للمشكلات المتمادية منذ سنوات، يسعى الفرقاء الآخرون لإيجاد تسويات وحلول جزئية قصيرة المدى». ورأى أن «حل المسائل الخلافية كالكهرباء يتم بمخالفة الدستور، وتصحيح الأجور بخلق مشكلة في سياسة الدولة من دون إطلاق رؤية اقتصادية جديدة».

وأشار أسود إلى أن «الخلاف قائم بشكل رئيس حول مفهوم الدولة ودورها»، وقال «الظروف الإقليمية تدفع البعض إلى سلم أولويات مختلف عما نريده نحن»، مؤكدا «اننا نعتبر أن استمرار الحكومة بهذا الشكل سيؤدي إلى عدم استقرار الدولة، لأن الرئيس ميقاتي لم يأت ليكون صورة عن غيره، ونحن لم ندخل الحكومة لنشكل امتدادا لسياسات أخرى».

ولم يخف أسود أن «الوضع يحتاج لوعي كبير، إذ إنه ثمة أسئلة توجه لنا من قاعدتنا الشعبية انطلاقا من اعتبارها أننا قدمنا لحزب الله أكثر مما قدمه لنا ويجب إعادة النظر في تحالفنا لأنه في أبسط الأمور لا تفاهم ولا تلاق». وشدد على أن «المشكلة القائمة ليست مع الحلفاء بقدر ما هي مع (الترويكا) التي يشكلها كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان وميقاتي والنائب وليد جنبلاط، وهذه (الترويكا) هي أكثر ما يؤذي فكرة الانتقال من اللادولة إلى الدولة».

وأعرب أسود عن اعتقاده أنه «لا أحد يريد أن يرى طرفا مسيحيا قويا على طاولة القرار، والكل يفتش عن أدوار ولا يرغب في وجود مسيحي قوي في الدولة»، مشددا على أن ما «لن يحققه التيار لن يحققه أي طرف مسيحي في 8 أو 14 آذار».

وكان حزب الله بعد أن أيد مشروع ميقاتي في الحكومة، أعلن في الوقت عينه تأييده لمشروع نحاس الذي يتطلب «مزيدا من النقاش»، في موازاة تأكيد «التعبئة التربوية» في حزب الله تأييدها للقرار الصادر عن هيئة التنسيق النقابية، والقاضي بالإضراب والتظاهر، الثلاثاء المقبل، تأييدا لمطالب المعلمين والعمال المحقة، ودعما للتحرك الرافض لطريقة معالجة مجلس الوزراء لمسألة الأجور والأزمة المعيشية.

وبعد دعوة نحاس وزراء حركة أمل وحزب الله إلى إعادة النظر في موقفهم وموقعهم، على خلفية تصويتهم لمشروع ميقاتي، برز موقف لافت أمس للقيادي العوني ناجي حايك، الذي اعتبر أن «ما حصل داخل جلسة مجلس الوزراء شيء كبير جدا وبمثابة طعنة في الظهر لنا وهذا لا نعتبره تحالفا»، وقال «هذا الكلام أضعه عند السيد نصر الله، الذي أعلن في خطاب عاشوراء أنه مع مطالب التيار المحقة لكنه في الواقع لم يفعل ذلك». وكشف أن «هذا التحالف (مع حزب الله) لن يبقى كما هو بعد اليوم وستكون له ضوابط، لا سيما بعد مسألة مصفاة الزهراني وما رافقها من تداعيات ومشروع الوزير نحاس في الحكومة».

ولفت حايك إلى «اننا لم نصل إلى مرحلة قلب التحالفات، ولكن التوازن الثنائي الشيعي لا يعني أن يدفع ثمنه المسيحيون». وأضاف «لا نخاف من اتخاذ المواقف الوطنية والتي تصب في مصلحة الحلفاء، ولكن إذا تبين أن ما يتخذه الحلفاء من مواقف هو اصطفاف مذهبي وطائفي، فسيكونون قد كرسوا فيدرالية الطوائف، وساعتئذ يتفق العماد عون مع كل المسيحيين طائفيا، ولذلك مطلوب توضيح سريع من حزب الله وحركة أمل حول ما جرى».