هل نعرفها حقا؟

عبد الرزاق أبو داود

TT

لاحظنا خلال متابعة وقراءات ممتدة أن بعضنا لا يعون المقاصد المبتغاة للرياضة. وجدير أن يتفق خبراء الرياضة على أن هدفها الرئيسي يتجسد في «صناعة» شباب سوي، يسهم في تطوير بلاده، عبر استيعابهم للأنظمة والقيم الحميدة والقوة، والشجاعة والعمل الجماعي. ولما كان «إجماع» الرياضيين على ذلك قائما على حقائق علمية، فإن تعريفهم لخصائص «الرياضي السوي» غير جامع، فاختلفت آراؤهم حول هذا المفهوم. وإذا كان هذا الاختلاف لا يبتعد كثيرا عن مقاصد الرياضية المتمثلة في إيجاد شباب قادرين على خدمة أوطانهم. وتتلخص أهداف الرياضة في: تطوير القدرات البدنية بصورة مستمرة ليتمكن الرياضيون من القيام بواجباتهم، من خلال استخدام هذه القدرات إيجابيا، والمحافظة عليها عبر الرعاية الشاملة والتحصيل العلمي والتدريب المنتظم، وحل الإشكاليات الاجتماعية، وتطوير القدرات الفكرية باستخدام الأنشطة الرياضية لزيادة قدرات الفكرية الإيجابية بالاطلاع على المعلومات والمعارف الرياضة وثقافاتها، واكتساب خبرات تراكمية رياضية.

كما أن تطوير القدرات البدنية يسهم في تقوية القدرات الحركية، فالتدريب الرياضي يسهم في تطوير قدرات الإنسان على المشي والجري، مما يسهم في زيادة لياقته الصحية والذهنية. ويعتبر تطوير القدرات والخصائص القيادية من أهم جوانب الممارسة الرياضية لدى الشباب، ويظهر ذلك جليا في قدرة بعضهم في التأثير على غيرهم وتنظيمهم وقيادتهم. ويعد ملء أوقات الفراغ أحد أهم أهداف الرياضة، بحيث يجد الشباب فرصا متاحة للترويح البريء، مما يسهم في زيادة الحيوية البدنية والذهنية والنفسية. ويعلم الإلمام بقواعد الصحة العامة الناس أن الممارسة الرياضية تمنح ممارسيها فرصا عديدة للتعرف على بعض الأساسيات العلمية والعملية الصحية، وخاصة فيما يتعلق بوظائف ومكونات أعضاء الجسد البشري واستخدامها، وبالتالي الابتعاد عن الممارسات الخطرة. ويعد منح المتميزين فرصا لتحقيق البطولات أمل كل رياضي بالتفوق في المنافسات، الأمر الذي يتطلب كثيرا من التدريب والصبر والانتظام والسيطرة على القدرات الذاتية والنفسية، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال المثابرة والممارسة الرياضية المنتظمة، وتطوير الذات تحت متابعة إدارية وفنية قادرة تضع الصالح العام قبل الأجندات الخاصة!

ويرى بعض الخبراء أن الإنسان يولد ولديه نزعات وراثية تختزن العنف والسلوكيات الأنانية، ويعتقد آخرون أنه إذا كان صحيحا فإن الممارسات الرياضة الجادة، القائمة على معرفة ميدانية، تساعد على تطوير القدرات الاجتماعية والأخلاقية والعلمية الشابة، وهو ما لا يتوفر فيما يسمى بالدورات التدريبية القصيرة غير الجادة. وتسهم الممارسة الرياضية القائمة على العلم والخبرة في تجنيب الشباب الرياضي الكثير من الصعوبات، وتطوير قدراتهم الاجتماعية والأخلاقية والعلمية. تلك في نظرنا بعض أهم الأهداف التي يجب أن تسعى الرياضية العصرية إلى تحقيقها، ونحن على يقين من أن بعضا من الرياضيين وغيرهم من المتابعين قد لا يدركون الصورة الحقيقة المتكاملة للرياضة وأهدافها، ويعتبر معظمهم أن الرياضة إن هي إلا مجرد السعي للحصول على البطولات لا أكثر.