رئيس «الحزب الدستوري» المصري: علاقة الإخوان بالجيش عسل يعقبه بصل.. والبرلمان المقبل بلا صلاحيات

قناوي تحدث لـ «الشرق الأوسط» عن مقابلاته مع مبارك وحذر من «القتل البطيء» للثورة

ممدوح قناوي
TT

في شقته المتواضعة المزينة بلوحات الفن التشكيلي في ضاحية الزمالك الراقية، يتذكر ممدوح قناوي رئيس الحزب الدستوري الاجتماعي الحر في مصر اللقاءات الثلاثة التي جمعته بالرئيس السابق حسني مبارك، الذي نافسه في انتخابات الرئاسة عام 2005، وكيف رد عليه مبارك بغضب قبيل سقوط نظامه بأيام قليلة. وكان قناوي، وهو عضو برلماني لثلاثة عقود، يأمل في نظام حكم جديد يكون الشعب فيه هو السيد، لكنه حذر في مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط»، مما سماه «القتل البطيء» لثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أسقطت حكم مبارك، متحدثا عن صفقة بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين، لكنه توقع أن ينتهي «شهر العسل» بينهما إلى «بصل»، مثلما انتهى الأمر بينهما على 1954 حين تم شن حرب على الإخوان عقب اتهامهم بتدبير محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

ويقول قناوي إن البرلمان المقبل، وبغض النظر عمن سيحظى بالأغلبية فيه، لن تكون له صلاحيات، وإن السلطة ستظل في يد الجيش الذي «يريد تطبيق التجربة التركية الأتاتوركية (هيمنة الجيش على الحكم) لا الأردوغانية (هيمنة البرلمان على الحكم)». وتابع أن الجيش لديه إمكانيات كبيرة «لدرجة أنه أقرض الحكومة والبنك المركزي أموالا.. في هذه الفترة أرى أن الجيش يخشى من الإسلاميين».

وفاز الإسلاميون، الذين كان نشاطهم محظورا في سنوات حكم مبارك، بأغلبية المقاعد في المرحلة الأولى من الانتخابات المقرر أن تنتهي بشكل كامل لمجلسي البرلمان (الشعب والشورى) في مطلع مارس (آذار) المقبل. وبدأ صوت الإسلاميين يعلو مطالبين بتشكيل الحكومة على الرغم من أن الجيش يقول إن هذا من اختصاصه.

ويضيف قناوي: «لم يكن البرلمان على مدى الستين سنة الماضية موقعا للتأثير في القرار التنفيذي ولا التشريعي.. هو مجرد آلة في يد السلطة الغاشمة.. وهذا الوضع سيستمر بشكل مختلف، ولذلك أعتقد أنه سيحدث نوع من الصراع بين القيادة العسكرية والبرلمان المقبل.. أرى أن البرلمان الجديد سيولد محكوما عليه بالإعدام، أي محكوما عليه بعدم الدستورية». ويهيمن الجيش على السلطة في مصر منذ نحو ستة عقود، حيث حكمها أربعة رؤساء مقبلين من القوات المسلحة كان مبارك آخرهم. ويسمي قناوي هذه المرحلة بالجمهورية الأولى التي تم خلالها تجريب نظم مختلفة من الحكم اقتصاديا وسياسيا، قائلا إن مصر اليوم تمر بمنحنى الجمهورية الثانية الآخذة في التشكل، وإن المصريين بدأوا منذ ثورة 25 يناير الماضي يبحثون عن طريقة مختلفة للحكم، وهذه «كانت فرصة جماعة الإخوان.. تستطيع أن تقول إن الشعب كان يستجير من الرمضاء بالنار التي عانى منها، خاصة في الثلاثين سنة الأخيرة»، لكن.. «ستظل القوات المسلحة موجودة في السلطة بشكل أو بآخر، حتى لو لم يوضع هذا كنص في الدستور».

ويقول قناوي، الذي ينافس حزبه في الانتخابات الجارية على 66 مقعدا، إن ما يقلق حاليا هو استمرار الإسلاميين في الدعوة لاستعادة الخلافة، وتقسيم العالم إلى «دار الكفر ودار الإسلام»، و«الحاكمية» التي تحرم على البشر التشريع (لدنياهم)، مفسرا ظهور التيار الديني على السطح السياسي إلى ممارسات النظام السابق الذي تسبب في «تفتيت وتسطيح الإنسان المصري، حتى أكل السلبي منه الإيجابي فسقط التعليم والأخلاق والاستنارة مع سقوط الفترة الليبرالية كلها من المسرح إلى السينما».

وشارك قناوي في المناقشات الساخنة التي جرت بين المعارضة ونظام مبارك في أيامه الأخيرة، حيث أجبرته احتجاجات التحرير المليونية التي استمرت 18 يوما على التخلي عن الحكم وتكليفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد.

ويقول رئيس الحزب الدستوري الاجتماعي الحر إن الجيش «عمل انقلابا عاجلا وانقلابا آجلا».. ويوضح أن الانقلاب العاجل هو استرداده للسلطة التي كان يجري التخطيط لتسليمها لجمال مبارك نجل الرئيس السابق. والانقلاب الآجل - في رأي قناوي - هو «القتل البطيء لثورة 25 يناير من خلال الانتخابات والصفقة مع جماعة الإخوان»، لكن في كل مرة يدخل فيها الإخوان صفقة «شهر عسل» مع نظام الحكم، منذ يوليو 1952، ينتهي بينهما المطاف إلى «شهر بصل».

ويقول قناوي إنه بعد نحو ست سنوات من مشاركته في أول انتخابات رئاسية من بين أكثر من مرشح في تاريخ مصر، أمام مبارك عام 2005، فإنه يرى أن تلك التجربة تسببت في «فتح طاقة نور بعد حكم فرعوني استمر 5 آلاف سنة»، على الرغم مما وصفت به تلك الانتخابات بأنها تمثيلية. ويضيف قناوي: «في البداية ترددت حتى لا يقال عني إنني مرشح كومبارس، ولم أتقدم بأوراق الترشح إلا في اللحظة الأخيرة».

ويضيف قناوي أنه على الرغم من شنه حملة دعائية ضد نظام مبارك أثناء انتخابات الرئاسة، فإن الرئاسة وافقت على إعادة تعيينه في مجلس الشورى، وفي 2007 التقى بمبارك في حفل للشرطة، فشكره على تجديد الثقة فيه.. «فأطبق على أصابعي وضغط عليها بمودة كبيرة، واستدار ليكون في مواجهة المدعوين»، مضيفا أن مبارك قال لهم: «بيني وبين قناوي عِشرة 25 سنة»، لكن أحد المسؤولين علق أمام الرئيس قائلا إنني مشاغب، فرددت وقلت «إن الرئيس يعلم أنني ولدت مشاغبا وأموت مشاغبا».

أما المرة الثانية التي تحدث فيها قناوي مع الرئيس السابق، فكانت قبل نحو عام، حين أعلن قناوي نفسه عن استعداد حزبه لتبني ترشيح الدكتور محمد البرادعي لمنافسة مبارك في انتخابات الرئاسة التي كان مفترضا أن تتم في 2010. وكان اللقاء مع مبارك في حفل تكريم منتخب مصر القومي لفوزه بكأس أفريقيا.

وفي هذا اليوم يتذكر قناوي قائلا: «بعد التصوير تقدمنا نحو البوفيه المفتوح، فاقتربت من مبارك وقلت له: مبروك لك ولمصر يا ريس.. لكن باقي شيء، وهو أن يكون هناك إنجاز في السياسة مثل الإنجاز في الكرة»، ويضيف قناوي أن «الرئيس غضب غضبة لم أعهدها عليه من قبل، وضربني على صدري بظاهر يده، وقال لي يا شيخ بلا سياسة بلا زفت. أنت عايز تخرب علينا».