اليمنية توكل كرمان تتسلم «نوبل للسلام» مع ليبيريتين

كرمان تأخذ على المجتمع الدولي عدم دعم الثورة اليمنية كبقية ثورات الربيع العربي

توكل كرمان خلال تسلم جائزة «نوبل للسلام» (إ.ب.أ)
TT

تسلمت الناشطة اليمنية ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح عصر السبت جائزة نوبل للسلام مع الرئيسة الليبيرية إيلين جونسون سيرليف ومواطنتها ليما غبوي في احتفال أقيم في أوسلو، وكان مناسبة لتكريم النساء اللاتي «يحملن نصف السماء». وقال رئيس جائزة نوبل ثوربيورن ياغلاند قبل تسليمهن الجائزة، «إنكن تمثلن واحدة من أهم القوى المحركة للتغيير في عالم اليوم: النضال من أجل حقوق الإنسان بصورة عامة ونضال النساء من أجل المساواة والسلام بشكل خاص». وأضاف «إنكن تعطين معنى للمثل الصيني القائل بأن النساء يحملن نصف السماء». وهي المرة الأولى في تاريخ نوبل التي تمنح فيها جائزة نوبل للسلام إلى ثلاث نساء. وتسلمت الفائزات جوائزهن وسط تصفيق حار من الحضور الذي كانت على رأسه العائلة المالكة النرويجية. وقال ياغلاند في كلمته «لا يمكن لأي ديكتاتور أن يبقى بمنأى عن رياح التاريخ. إن هذه الرياح هي التي دفعت الألمان إلى تسلق جدار برلين وهدمه، وهي نفسها التي تهب اليوم في العالم العربي».

وتابع «إن هذه المعركة من أجل الحريات هي التي دفعت الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الحاكم منذ 33 سنة، إلى الموافقة على التخلي عن منصبه في فبراير (شباط) المقبل، والدور الآن على الرئيس السوري بشار الأسد». وأضاف ياغلاند «لقد فشل الرئيس صالح في مقاومة مطالب شعبه في مجال الحرية وحقوق الإنسان، والأمر سيان بالنسبة إلى الرئيس الأسد في سوريا، الذي لن ينجح في ذلك أيضا».

من جهتها، تعتبر توكل كرمان المرأة العربية الأولى التي تتلقى جائزة نوبل للسلام، وهي شاركت بفاعلية في الثورة اليمنية واعتقلت لفترة قصيرة في آخر يناير (كانون الثاني) بسبب نشاطها الفاعل في مظاهرات المعارضة.

وأعربت الناشطة اليمنية والفائزة بجائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، السبت، عن أسفها للامبالاة المجتمع الدولي إزاء ما يحصل في اليمن، مقارنة بالاهتمام ببقية ثورات الربيع العربي. وقالت كرمان في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية بعد تسلمها جائزة نوبل للسلام في أوسلو «قد يكون المجتمع الدولي قد بدأ يغير موقفه، إلا أن ذلك ليس كافيا». وأضافت هذه الصحافية البالغة الثانية والثلاثين من العمر «حتى الآن لم يقم المجتمع الدولي بمصادرة أموال علي عبد الله صالح، كما لم يلاحقه أمام المحكمة الجنائية الدولية، ولا أنشأ لجنة تحقيق كما هو وارد في القرار 2014».

وكان مجلس الأمن اعتمد هذا القرار بالإجماع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وهو يندد بانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن ويطالب بتنحي الرئيس اليمني الحاكم منذ نحو 33 عاما. وترفض توكل كرمان بشكل قاطع أي تدخل عسكري في اليمن على غرار ما حصل في ليبيا.

وقالت بهذا الصدد «أنا لست مع الحلول العسكرية. إن الناس تستطيع تحقيق أهدافها بالسبل السلمية. لا يمكن أن ننتصر على الديكتاتورية إلا بالطرق السلمية». وتعتبر توكل كرمان السيدة العربية الأولى التي تفوز بجائزة نوبل وهي عضو في حزب الإصلاح الإسلامي وهي من أبرز محركي انتفاضة الشبان اليمنيين ضد نظام صالح. وهي تنشط منذ مارس (آذار) الماضي في ساحة التغيير معقل الحركة الاحتجاجية اليمنية في صنعاء في الدعوة إلى إسقاط نظام صالح، وتعيش في خيمة نصبت في هذه الساحة مع زوجها، بعد أن تعرضت للمضايقات في منزلها من قبل قوات الأمن اليمنية. وقالت «لا يوجد مكان أفضل من خيمتي»، مؤكدة أنها «لن تتركها إلا بعد أن يكون اليمن قد أنشأ مؤسسات تضمن حقوق الإنسان والديمقراطية»، وأوضحت أنها ستتقاسم البدل المادي لجائزة نوبل مع مواطنيها اليمنيين. وتبلغ قيمة الجائزة نحو مليون يورو ستتقاسمها مع الرئيسة الليبيرية إيلين جونسون سيرليف والليبرالية ليما غبويي. وكان الرئيس اليمني وافق تحت ضغط الشارع الشهر الماضي على التخلي عن منصبه ابتداء من فبراير 2012 مقابل التمتع بحصانة تحول دون ملاحقته قضائيا. ويتزامن حصولها على جائزة نوبل مع تسلم حكومة وفاق وطني مقاليد السلطة في اليمن. وقالت توكل كرمان في كلمتها بعد تسلمها الجائزة «لا يجب أن تكون هناك حصانة للقتلة الذي يسرقون قوت الشعب». وأضافت «بأسف وحزن، أقول إن الثورة اليمنية لم تستفد من الدعم أو الانتباه الذي أعطاه المجتمع الدولي لبقية الثورات في المنطقة»، داعية «العالم الديمقراطي الذي يشير كثيرا إلى قيم الديمقراطية يجب ألا يبقى مكتوف الأيدي أمام ما يحصل في اليمن وسوريا». وأكدت كرمان أنها واثقة بأن المظاهرات المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد ستتواصل. وقالت «لا شيء يمكن أن يوقفهم»، مضيفة «إن السلام هو الذي يسقط الأنظمة ويبني الدول. لا بد من النضال والنضال حتى النصر». وتنتمي كرمان إلى حزب الإصلاح الإسلامي اليمني إلا أنها معروفة بوقوفها ضد التيار السلفي. وحرصت على التقليل من أهمية المخاوف على الديمقراطية بعد تقدم الإسلاميين في العديد من الدول التي أسقطت الثورات الشعبية أنظمتها هذا العام مثل تونس ومصر. وقالت «لا تخافوا من الأديان. إن الإسلام والمسيحية واليهودية تحترم الديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد، وهي قيم نقاتل من أجلها». وخلصت إلى القول «المشكلة هي لدى البعض الذين لا يفهمون ما جاء به دينهم». وسلمت جوائز نوبل للآداب والكيمياء والفيزياء والطب والعلوم الاقتصادية إلى الفائزين بها خلال الحفل نفسه.