قوات الأمن الجزائرية تمنع عائلات المفقودين من تنظيم مظاهرة بالعاصمة

ملف ضحايا الاختفاءات القسرية يثير جدلا على خلفية قانون جديد

TT

منعت قوات الأمن الجزائرية أمس، أسر ما يسمى بـ«ضحايا الاختفاءات القسرية» من تنظيم مظاهرة أمام مبنى البريد المركزي للاحتجاج على قانون الجمعيات الجديد، الذي يمنعها من تأسيس جمعية. ويصدق البرلمان بعد غد (الثلاثاء) على القانون، المدرج ضمن حزمة «الإصلاحات السياسية».

وانتشر رجال الأمن منذ الصباح الباكر في محاور الطرق المؤدية إلى البريد المركزي، ولوحظ وجودهم بكثافة بعين المكان بغرض التصدي لمحاولة تنظيم مظاهرة، نادت إليها «جمعية عائلات ضحايا الاختفاءات القسرية». وظهر أن أفراد الأمن كانوا أكثر عددا من المحتجين، الذين يتشكلون في معظمهم من أمهات مسنات فقدن أبناءهن أثناء فترة الصراع الدامي بين قوات الأمن والجماعات الإرهابية.

وقالت فاطمة يوس، رئيسة إحدى الجمعيات المطالبة بـ«الحقيقة والقصاص» في موضوع الاختفاءات القسرية، في بيان وزع على الصحافة، إن عددا كبيرا من الجمعيات في الجزائر ترفض قانون الجمعيات الجديد «لأنه يضع قيودا أمام حرية النشاط الجمعوي بحكم أنه يفرض نظام الترخيص بديلا لنظام التصريح بالتأسيس». بمعنى أن القانون الجديد يلزم الأشخاص الذين يريدون تأسيس جمعية، بامتلاك رخصة من وزارة الداخلية حتى يمكنهم النشاط في الميدان. بينما المعمول به حاليا، هو مجرد إخطار السلطات بإنشاء جمعية. وترى فاطمة يوس، أن «القيود الجديدة» وضعت بشكل خاص ضد عائلات المفقودين لمنعها من النشاط بطريقة قانونية. وقالت إن الداخلية «معروفة بأنها لا تمنح التراخيص للأحزاب والجمعيات التي لا تتفق مع طروحات السلطة».

يشار إلى أن عائلات المفقودين، ظهرت إلى العيان عام 1998 ولقيت رعاية من حزبين معارضين هما «جبهة القوى الاشتراكية» و«حزب العمال». ويقول هؤلاء إن أكثر من 15 ألف شخص، ينتمي أغلبهم للتيار الإسلامي، اعتقلتهم قوات الأمن في غمرة الاقتتال مع الجماعات الإسلامية المسلحة، واقتادتهم إلى مراكز اعتقال غير معروفة. ولم يظهر عنهم أي خبر إلى اليوم، مما يدفع ذويهم إلى اتهام مصالح الأمن بتصفيتهم بسبب انتمائهم السياسي.

أما السلطات فترفض هذا الاتهام على أساس عدم وجود أدلة على قتلهم. وتقول الرواية الرسمية إن المفقودين إما متعاطفون مع الجماعات المسلحة، التحقوا بها في الجبال فقتلوا خلال مواجهات مع الجيش، وإما أنهم تعرضوا للتصفية داخل صفوف المجموعات الإرهابية. وهذه الرواية غير مقنعة بالنسبة لأهالي المفقودين، الذين يهددون باللجوء إلى القضاء الدولي لمتابعة السلطات.

وقال فاروق قسنطيني رئيس «اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان»، التابعة للرئاسة في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن السلطات «اتخذت إجراءات مهمة في إطار طي الأزمة الأمنية، أكبر المستفيدين منها هم ذوو المفقودين.. لكن قطاعا منهم رفض هذه الإجراءات بدعوى أنه يريد الحقيقة حول مصير المفقودين والقصاص ممن تسببوا في اختفائهم. إن هذا المنطق لن يفيدهم في شيء لأنه لن يعيد إليهم أبناءهم، وقد بلغتهم أنا بذلك».

واقترحت الحكومة عام 2006 على عائلات المفقودين، تعويضات مادية في شكل مبالغ تصرف لهم شهريا، بموجب استفتاء على «ميثاق السلم والمصالحة» جرى في خريف 2005. ووافق قطاع منهم على التعويض، فيما رفض قطاع آخر، وتسبب تباين الموقف في حدوث شرخ داخل الجمعيات.