بيوكانن لسان الجيش الأميركي في العراق.. آخر من ينسحب نهاية العام ويتمنى العودة كسائح

أقر بارتكاب الأميركيين أخطاء

الجنرال جيفري بيوكانن
TT

فاجأ الجنرال جيفري بيوكانن مجموعة من الصحافيين العراقيين الذين يمثلون وسائل إعلام مختلفة، من بينها «الشرق الأوسط»، عندما التفت نحو مترجمه الخاص الذي ارتبك بترجمة عبارات لبيوكانن طلب إعادتها أكثر من مرة بعد أن قال له بلهجة عراقية خالصة «أبو درب».. وتعني هذه العبارة باللهجة العراقية الشخص المنحرف لكنها غالبا ما تقال تحببا. لم يتعلم بيوكانن اللغة العربية تماما لكنه ظل يحتفظ بعبارات وكلمات تعلمها، مثلما يقول، خلال خدمته الطويلة في العراق منذ أن كان ضابطا برتبة صغيرة حتى تدرج إلى رتبة جنرال، يحتل الآن منصب المتحدث الرسمي باسم الجيش الأميركي.

وعند سؤاله فيما إذا كان هو من سيكون الجندي الأخير الذي سوف ينسحب من العراق، قال بيوكانن مبتسما.. هو الآن «واحد من سبعة آلاف جندي ما زالوا في العراق وسيغادرون نهاية العام». الأمر لا يتعلق هذه المرة بشهرزاد.. فمن سوف يدركه الصباح فجر الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل هو شهريار الجيش الأميركي بيوكانن الذي سيتوقف عن قول أي كلام سواء كان مباحا أو غير مباح.

عن تجربته الطويلة في العراق يقول إنه «كان في مرات عديدة يكون مشاركا في مداهمات ليلية مع القوات العراقية لمطاردة الإرهابيين أو الجماعات المسلحة، وكثيرا ما كان الأميركي الوحيد في البيت أو المكان المشمول بالمداهمة وتحت حماية عراقية خالصة». ولذلك فإنه يخالجه «شعور خاص بالارتياح» للعراقيين الذين سيظل محتفظا بعلاقات أخوة مع الكثير منهم عندما يذهب إلى بلاده. بيوكانن تمنى أن يعود إلى العراق لكن «بصفة سائح» لأنه أحب «هذه البلاد وشعر بنوع من الانتماء إليها». حتى الأخطاء التي ارتكبها الأميركان في العراق والتي اعترف بيوكانن بأنها كانت كثيرة، إلا أنها ناتجة من وجهة نظره «عن الاختلاف في وجهات النظر»، مضيفا «إننا كأميركان حاولنا أن نفهم أكثر وأن نتعلم الثقافة العراقية». واعتبر أن «الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي بين البشر»، مشيرا إلى أن «الفرق بيننا وبينكم أننا نكتب من اليسار إلى اليمين وأنتم تكتبون من اليمين إلى اليسار». الأمر يبدو له في غاية البساطة حتى إنه أقر بأن ابنه الذي يخدم الآن في أفغانستان تعلم الكثير في العراق.

بيوكانن أقر أيضا باختلاف الثقافات والحضارات، مشيرا إلى أن ثقافته أميركية لكنه حاول أن «يفهم أكثر في العراق وعن العراق ومن خلال الآخرين بناء على وجهة نظرهم». كان بين كل عدة جمل إنجليزية يحرص على النطق بكلمة عربية مثل «شكرا».. «شلونكم زينين».. «أنا جاهز».. «السلام عليكم».

نهاية هذا العام سيسدل الستار على الوجود الأميركي العسكري في العراق، لكن مبنى السفارة الأميركية لدى العراق الواقع في المنطقة الخضراء والذي كانت قد بنته شركة كويتية لا يوحي بأن لهذا الوجود نهاية وشيكة، لا سيما مع بقاء نحو 15 ألف عامل وموظف ودبلوماسي في هذا المبنى الشاهق والمحصن حتى من الصواريخ. بيوكانن لم يقل ما إذا كان سيواصل مهماته مع الجيش الأميركي في بلدان أخرى أملا في الحصول على نجمة أخرى إضافية مثل ما حصل عليها في العراق، أو سينتقل إلى عمل آخر، أو ربما الانهماك في تعلم العربية التي يبدو أنه شغف ببعض مفرداتها الأكثر شعبية في العراق.