د. يحيى اليحيى: بنك الخليج كاد يتسبب في آثار سلبية كـ«ليمان براذرز» للقطاع المصرفي بالمنطقة

الرئيس التنفيذي لبنك الخليج أكد لـ «الشرق الأوسط» توسع البنك في قطاع التجزئة بدول المجلس

د. يحي اليحي
TT

قد لا يعلم الجميع أن بنك الخليج الدولي كان من الممكن أن يحدث تأثيرا سلبيا في القطاع البنكي الخليجي، كالذي أحدثه بنك ليمان براذارز في القطاع المالي الأميركي والعالمي، إلا أن سياسة الشركاء الذين تعاملوا مع وضع البنك ساهمت في إنقاذه بشكل كبير من تأثيرات الأزمة المالية العالمية بحسب الدكتور يحيى اليحيى الرئيس التنفيذي لبنك الخليج الدولي.

وقال اليحيى في حوار مع «الشرق الأوسط» إن البنك استطاع الخروج من الأزمة بسبب ما تم اتباعه من تعزيز البنك بمعادلة أثمرت عن وصول البنك إلى بر الأمان، كاشفا في نفس الوقت عن تطلعات البنك للدخول لقطاع التجزئة في دول الخليج وتعزيزه في هذا القطاع من خلال سياسة التركيز.

وتوقع الرئيس التنفيذي لبنك الخليج الدولي والذي يقع مقره الرئيسي العاصمة البحرينية المنامة، وذلك في أول حوار صحافي له بعد تسلمه قيادة البنك، أن يكون أداء بنك الخليج متضاعفا، بحيث يكون العائد على حقوق المساهمين بزيادة 6 في المائة حاليا، وسيزيد ليصل إلى 15 في المائة في عام 2017.

* في الوقت الذي يعيش فيه بنك الخليج عددا من التحولات هل يمكن أن يحقق أرباحا خلال الفترة المقبلة؟

- الربحية في البنوك تأتي من عدة مصادر؛ المصدر الأول هو الفوائد على رأس المال لدى البنك عندما يستثمر، والمصدر الثاني وهو منقسم إلى قسمين، أولا الودائع التي ليس عليها فوائد المصدر وثانيا هامش الفوائد وهي الفرق بين تكلفة التمويل والعائد من الإقراض والمصدر الثالث والأساسي وهو الرسوم والعمولات هذه هي المصادر الأساسية التي تؤثر في أرباح البنوك، ويؤثر فيها مصدر رابع سلبيا وهو مخصصات القروض المتعثرة، فالبنك كل ما كان لديه رسوم وعمولات أكثر لا بد له أن يخفض مخصصات الإقراض حيث لا بد من أن تقرض جهات مليئة تستطيع أن ترد الدين وهذه هي سياسة الإقراض، أما الفوائد على رأس المال والودائع فهذه سياسة الاستثمار وتعني كيفية استثمار البنك في رأسماله وعوائده في أصول ذات عوائد جيدة وهوامش الفوائد تعني كيف يمكنك تقليل تكلفة الإقراض بأقل ما يمكن وتزيد العائد منها فإذا استطعت التحكم في هذه المعادلة تكون قد حققت الهدف المنشود ومحصلة هذا تكون سياسة الإقراض والاستثمار على أفضل أحوالهما، المشكلات تأتي عندما يحدث خلل في تلك العناصر.

* كيف كان وضع بنك الخليج الدولي قبل الأزمة؟

- بنك الخليج الدولي قبل الأزمة المالية كانت لديه أفضل مخصصات الإقراض لعملاء كبار ومليئين ماليا، ولكن هذه الشريحة ينافسه فيها بقية البنوك الأخرى، فالمنافسة كانت مرتفعة ولذلك هوامش الفوائد قليلة جدا، الإشكالية الأخرى في بنك الخليج الدولي تكلفة التمويل أعلى من غيره لأنه لا يملك ودائع في قطاع التجزئة، وبالتالي ليس له هذه القواعد التي تمثل أكثر من 50 في المائة من عملاء البنوك، ولذلك تبنت البنوك سياسة الاستثمار في أصول ذات عوائد كبيرة لتحسين وضعيته وفي ذلك الوقت كانت الاستثمارات آمنة لأن كل أو معظم شركات التصنيف كانت تصنف الكثير من هذه الأصول على أنها آمنة، والسبب أنه بعد الأزمة لم تكن بهذا المستوى من الأعمال، فمعظمها متوسطة الأجل، أما طويلة الأجل فكانت للأسف موجهة للقروض، وعند حدوث الأزمة المالية، وانخفاض أسعار كثير من الأدوات الاستثمارية لدى البنك، أصبح من الضروري إعداد مخصصات إقراض أكثر للبنك حيث إن كثيرا من الأصول المقيمة بحسب السياسة المحاسبية التي لا بد للبنك اتباعها كانت تقيم بقيمتها السوقية، وتقيّد عند النتائج وللأسف كان بالإمكان أن تكون هذه الاستثمارات تستهلك تقريبا كامل رأسمال البنك.

* وكيف استطعتم إنقاذ البنك من تلك التداعيات؟

- قبل الأزمة المالية كان لدى البنك قروض طويلة الأجل بهوامش قليلة ممولة بقروض من السوق، وفي ذاك الوقت كانت تكلفة التمويل قليلة وكانت أيضا لديه محفظة استثمار كبيرة في أصول عالمية، وعند حدوث الأزمة المالية العالمية في 2008، فإن القروض ثابتة لا يمكنه التصرف فيها، وذلك لأن عوائدها ثابتة أما تكلفة التمويل فزادت وتضاعفت عدة مرات، وبالتالي انخفضت قيمة محفظة استثمار البنك بشكل كبير جدا وهذا الانخفاض كان بإمكانه أن يؤدي لتأكل رأسمال البنك، نتيجة لهذه الأحداث، وكان البنك على وشك الإفلاس وكانت الإفلاس ستترتب عليه مضاعفات بالنسبة للقطاع المصرفي في الخليج، ولو تتذكر انهيار ليمان براذرز كان له الأثر المصرفي الذي تركه في القطاع المالي الأميركي والعالمي وكان بشكل عام انهيار بنك الخليج الدولي سيسبب مشكلات ومضاعفات مشابهة في القطاع المالي الخليجي، وبما أن ملاك البنك من حكومات خليجية يهمها أن تمنع أي مضاعفات للقطاع المالي في الخليج، وطبعا في ذلك الوقت كل المساهمين كانوا متفقين على ضرورة إنقاذ البنك، كان التساؤل كيف يمكن إنقاذ البنك، إما بزيادة رأس المال، بمعنى آخر أنك تسمح بانخفاض القيمة السوقية للمحفظة الاستثمارية بأن تأكل رأس المال، وتضع محلها رأسمالا جديدا، ولكن المشكلة أننا حلحلنا في مشكلات البنك بخضم الأزمة المالية نفسها ويعني أنك عندما تضع رأسمالا جديدا يجب ألا يتأكل وفي نفس الوقت تنخفض القيمة السوقية، وهذه مشكلة لم تكن تواجه بنك الخليج الدولي لوحده بل كانت تواجه معظم المصارف العالمية، التي وجدت نفسها في الموقف نفسه، خاصة في أميركا وأوروبا حيث إن كل البنوك التي تعمل في الأصول الاستثمارية العالمية والتي تسمى بالأصول المركبة والتي خلقت المشكلة في الأساس، ولذلك جرى الحديث في الغرب عن أفكار البنك الجيد والبنك السيئ وهي أنك تأخذ الأصول التي يوجد بها مشكلات وتضعها على جنب وتضع الأصول النظيفة الخالية من الإشكاليات في موضع البنك الجيد لتحميها من آثار الأزمة المالية، ذلك أن البنوك التي تملك إشكاليات بعض الأصول تضعها على جنب وتعمل لها ترتيبا معينا كأن تضع لها أصولا استثمارية معينة بترتيب معين، وتخلق لهذه الأصول شركة استثمارية معينة، الشركاء في بنك الخليج فكروا في ذلك الوقت أن هذا البنك يمكن إعادة ترتيبه بشكل أنسب من أن تزيد رأس المال حتى تتفادى مسألة الزيادات المتكررة، حيث أخذوا الأصول الاستثمارية الموجودة في البنك قيمتها الدفترية مثلا كانت (أ) ولكن قيمتها السوقية مثلا (ب)، حيث تم احتساب الفرق وهذا يعني الخسارة غير أنها خسارة دفترية ليست حقيقية ولكن الخسارة الحقيقية تكون لو كان البيع بسعر (ب) وهنا قرر الشركاء إنشاء وحدة استثمارية منفصلة حيث تشتري كل هذه الأصول من البنك بسعر (ج) وهذا يعني أن هذا الفرق لن يؤثر على تأكل رأس المال، وبالتالي سيبقي رأس المال كما هو، ومن ثم يدير الشركاء هذه المحفظة بطريقتهم ولكن الشركاء الذين سيشترون هذه المحفظة سينظر لهم كأنهم شركاء ضخوا رأسمالا جديدا في البنك، وكانت السعودية قادرة لأن لها إمكانات مادية، بالإضافة إلى اهتمامها بالقطاع المصرفي الخليجي والتي تشكل منه بنوكها معظم القطاع، حيث تشعر السعودية بالمسؤولية نحو القطاع المصرفي الخليجي وبالتالي فإن السعودية تعتبر أكبر القطاعات المصرفية في الخليج وبالتالي يكون لها نصيب في الحماية ولذلك بادرت بإنقاذ البنك لحماية القطاع المصرفي في الخليج والذي بدوره يعني حماية القطاع المصرفي السعودي، وعلى ضوء ذلك تم إنقاذ البنك أو على الأقل إنهاء أثر الأزمة الذي كان في طريقه إلى المحفظة الاستثمارية للبنك، وكان التساؤل ما هي الخطوة التالية، بالطبع لأن السعودية ذات الثقل الأكبر في البنك أصبحت حصتها نحو 97 في المائة لأنها صاحبة المبادرة وبمجرد إنهاء عملية إنقاذ البنك تم تشكيل مجلس إدارة جديد له والذي استعرض بدوره عوامل القوة ومواضع الضعف التي واجهها البنك والتي من شأنها المساهمة في تبلور استراتيجية جديدة.

* ما هي النتائج التي خرجت بها دراسة عوامل القوة والضعف لإيجاد استراتيجية جديدة؟

- من عوامل القوى للبنك وجوده الجيد في كل دول مجلس التعاون الخليجي، كما يملك علاقات جيدة مع كبار العملاء في هذه الدول، ثانيا له وجود ممتاز على المستوى العالمي، ثالثا يتميز البنك بامتلاك مهارات وإمكانات في جوانب من العمل المصرفي، ونقاط الضعف التي كان يواجهها البنك هي عملية التمويل وذلك لارتباطه بما يحدث في السوق سلبا أو إيجابا، والاعتماد أكثر على الإقراض، وبالتالي على هوامش الفوائد، مما يجعل الرسوم والعمولات قليلة جدا، حيث ليس له ودائع عملاء تخفف تكلفة التمويل عليه، ولأن نستفيد من مواضع القوة والضعف لدى البنك وبعد دراسة مستفيضة لمتغيرات السوق أو تلك التي نتوقع حدوثها وقت الأزمة بسبب الأزمة المالية، أدت إلى قناعة لدى مجلس الإدارة لابتكار تطوير من شأنه صناعة نموذج عمل للبنك محكمة، يراعى فيه كل تلك العناصر في القوة والضعف من قطاع الجملة إلى قطاع التجزئة، وبالتالي لا بد من تطوير إمكانات البنك، وبالنسبة للشركات لا بد من تطوير العمل فيها حتى تتوسع في الخدمات التي تقدمها لقطاع الأعمال، بحيث أنها تزيد في رسوم العمولات ومن ثم الخروج من التمويل والقروض طويلة الأجل مع ضرورة معالجة سياسات الاستثمار بحسب المتغيرات، وبالتالي يتحول البنك من بنك يتعامل بالجملة إلى بنك يتعامل في قطاع التجزئة بشقيه للأفراد والشركات مع الاستمرار في قطاع الجملة.

* ما هي الاستراتيجية الجديدة لبنك الخليج الدولي؟

- توسيع خدمات ورقعة البنك سيكون في كل دول مجلس التعاون الخليجي وسنبدأ بالسعودية أولا لأن سوقها تمثل أكثر من 50 في المائة من السوق الخليجية ككل، حيث يتميز بمنافسة عالية جدا، ويتضمن تجارب لدخول بنوك مثل بنكي الإنماء والبلاد، واللذان دخلا السوق وواجها وما زالا يواجهان بعض الصعوبات في تكوين حصة خاصة لهم في السوق، نحن طبعا عملنا على دراسة التجارب للبنكين ووضع السوق بشكل عام وحددنا استراتيجية دخول السوق، بحيث ندخل بمنتجات تميزنا عن البنوك الأخرى وقررنا أن نستهدف شرائح معينة من العملاء، والسر الذي يؤهل استراتيجيتنا لأن تنجح للدخول في السوق هو التركيز أولا على منتجات مميزة وثانيا على عملاء من مستوى معين، لن أبوح بكيفية نجاح استراتجيتنا لأنها ستكون سر نجاحنا.

* ما الذي تتوقعه من الاستراتيجية الجديدة؟

- نحن نتوقع أن نوعا من عمل هذه الاستراتيجية فعلناه هو أننا طورنا نموذجا ماليا لأداء البنك بعد تنفيذه للاستراتيجية لتستمر على مدى السبع سنين المقبلة ومن خلالها نتوقع أن يكون أداء البنك متضاعفا، بحيث يكون العائد على حقوق المساهمين بزيادة 6 في المائة حاليا، وستزيد لتصل إلى 15 في المائة في عام 2017، ونحن عندنا الآن لدينا 3 فروع بالسعودية عبارة عن مجموعة شركات، وأول فرع سيكون للتجزئة وسينطلق في منتصف العام المقبل بعد يوليو (تموز) 2012.

* ما هي توقعاتك عن نتائج البنك للفترة القادمة؟

- خلال 2011 نتوقع أرباح البنك تكون مضاهية لعام 2010 مع أنه محفظة قروض البنك ستنزل نحو 15 في المائة وهذا معناه أن العوائد من الفوائد ستكون أقل وسيعوضها بزيادة الرسوم والعمولات، وبدأنا نرى أن الاستراتيجية تتنفذ مع أن الأرباح لم تزد، ولكن بدأنا نخفض من الاعتماد على هوامش الفوائد وهي خطوة للأمام في تحقيق الاستراتيجية، وستنخفض المخصصات وكذلك سياسة الاستثمار بحيث نجني عوائد أكثر، وبالتالي سنبدأ بمشاهدة نتائج الاستراتيجية

* بعض القطاعات تشتكي من قلة تمويل البنوك كقطاع المقاولات، هل للبنك أي خطة للمساهمة في ذلك؟

- أي بنك يضع لنفسه حدودا لكل قطاع في التمويل، كقطاع الصناعة، وقطاع المقاولات، وغيرها، وهو في ذلك لن يستطيع أن يتعداها لأنه يريد أن يوزع المخاطر، ومعظم البنوك نتيجة للسياسة المالية والتي زادت من الاستثمار في البنية التحتية أيضا لتحفيز الاقتصاد السعودي في ظل الأزمة المالية أوجدت الدولة مشاريع كبيرة جدا، والتي في حال جمعت تلك المشاريع مع ما يقابله من شركات مقاولات التي تحتاج إلى تمويل من البنوك، ستلاحظ أن كل بنك وصل للحد الأعلى الذي لا يستطيع بعده أن يضيف للتمويل للمقاول، وبالنسبة لبنك الخليج الدولي في مجال تمويل قطاع المقاولات فإنه يساعده كثيرا في تجميع الرسوم والعمولات، وليس هو إقراضا مباشرا بقدر ما هو فتح اعتمادات وخطابات ضمان لا تستهلك رأس المال ولكن تساهم في تطوير الرسوم والعمولات، ونحن استطعنا أن ندخل في هذا المجال لأجل سد الفجوة في التمويل حيث استطعنا التوسع فيها، وبالنسبة للعقارات أنشأنا صندوقا استثماريا للتطوير للمساهمة في تطوير مستوى المطورين العقاريين وهذا الصندوق سيتعامل مع المطورين أصحاب المشاريع الجاهزة بحيث تستوفي الشروط بمعنى أنه إذا استوفى هذا المشروع الشروط الدنيا حينها يمكن لهذا الصندوق الدخول في شراكة مع المطور في تطوير المشروع.

* هل سيكون لديكم أي خطط موجهة لقطاع للأفراد؟

- بالتأكيد سيكون هذا جزءا من النشاط في مجال التجزئة، أيضا كجزء من استراتجيتنا لا بد لنا أن يكون لنا دور في مساهمة تطوير أسواق الدين، إذ إنها بعد الأزمة المالية وبعد المتطلبات التي تفرض على البنوك ستحدّ من قدرة البنوك للتمويل طويل الأجل، وبالتالي المساهمة في مشاريع البنية التحتية وفي المشاريع الصناعية والعقارية وغيرها من المشاريع التي تحتاج إلى تمويلات طويلة الأجل، وطبعا البنوك لا تستطيع أن تسد فجوة الدين ما لم تساهم أسواق الدين في ذلك، وأسواق الدين بالضبط تعني إصدار سندات وصكوك ذات أجل ومن ضمنها أسلوب تمويل العقارات للأفراد، بمعنى أن البنوك وجهات التمويل المختلفة تمول الأفراد لأن يشتري فيللا سكنية على مدى 15 عاما، والإشكالية في ذلك وكما رأينا في الصندوق العقاري أنه بعد فترة الكل يصل إلى حدود الإقراض سواء البنوك أو شركات التقسيط، وغيرها، وهنا يأتي دور أسواق الدين، حيث تشتري الجهات التي تعمل في قطاع الدين محفظة القروض هذه من البنوك أو مؤسسات الإقراض، وتعمل على توريقها ليخلقوا منها أداة مبنية على أصول حقيقية تباع في السوق؛ في أسواق الدين المحلية، ونسعى نحن في بنك الخليج لتطوير إمكاناتنا كوسطاء في هذه العملية.

* ولكن هذه تتطلب آلية وتشريعات معينة؟

- لا شك في ذلك ولكن هناك مجال مع أن البنية التحتية لأسواق الدين ضعيفة، إذ لا بد من بنائها حتى تلعب دورا حيويا في ذلك، وإلا فكيف تقوى هذه الأسواق، مثلا بإنشاء مؤسسات تصنيف ائتماني بأن تستمر جهات حكومية في إصدار سندات الدين الحكومية على أسس تخلق أساسا للتسعير، بحيث تستطيع أن تسعر مقارنة بأسعار السندات الحكومية، وفي ذلك تحتاج إلى تنظيم إجراءات الإفلاس وإجراءات عدم القدرة على إصدار السندات بحيث تكون هناك معالجة في حالة عدم القدرة على التسديد، كما يحتاج إلى إنشاء بنية تطور بشكل أفضل مما هي عليه في الوقت الحالي.

* لكن لا بد في هذه الحالة أن ترتبط بالإجراءات التي تساهم في بناء الاقتصاد الوطني؟

- بالطبع، ولا بد من معرفة أن أدوات السوق هي أكثر مستوى لكفاءة التمويل فهي أكثر كفاءة من التمويل الحكومي وأي جهات ممولة أخرى، وبالتالي كلما يكون هناك أدوات في السوق وكلما يكون هناك بنية تحتية للسوق قوية كلما كانت كفاءة هذا التمويل بالشكل الذي ينعكس على كفاء الاقتصاد الكلي بشكل جيد.

* بمعنى أنه ليس كما هو حاصل في القطاع العقاري والتي هي بعيدة عن حالة الاقتصاد في حالة البناء أو في حالة الانهيار؟

- بالضبط.

* وماذا عن الاكتتابات؟

- الاكتتابات وجميع أعمال الوساطة في السوق تؤدي إلى زيادة الرسوم والعمولات لأنها لا تتطلب رأسمالا ولا تتطلب استخدام أموال المودعين بل دائما تساهم في زيادة الرسوم والعمولات وتحسين الربحية بشكل عام.

* هل توجد أي خطط لطرح أولي؟

- لا توجد حاليا خطة موافق عليها من مجلس الإدارة أو من جهات رقابية، ولكن موضوع تخصيص البنك موضوع قديم جدا ومنذ تأسيسه، في الوقت الحالي هناك إمكانات متاحة، أنه بعدما يتوسع البنك في أعماله في دول الخليج، يمكن أن تتحول الفروع ونشاط البنك إلى شركة محلية في كل دولة، وكمثال في السعودية تجمع فروع البنك وأعماله في كيان واحد لأجل أن يكون فعالا ويمكن طرحه للاكتتاب العام في كل بلد خليجي على حدة، وهذه الفكرة موجودة ومطروحة ولكن لم يتخذ قرار بشأنها حتى الآن، غير أن ذلك هو التوجه الطبيعي والمنطقي.

* ماذا عن تسريح الموظفين والذي تم قبل فترة خلال العام الجاري؟

- ما يتعلق بتسريح الموظفين، يعتبر هذا جزءا من الهيكلة وإعادتها، وعندما حاول البنك معالجة الاختلالات التي حدثت، تم إعادة النظر في سياسة الاستثمار وكذلك الأصول تم بيعها للشركاء، وبالتالي الموظفون الذي كانوا يعملون عليها لم تعد هناك حاجة إليهم، مما كان طبيعيا حيث إنه من المعروف أن تخفيف الأعمال يعني ضرورة تخفيف التكاليف أيضا فكان التسريح شيئا طبيعيا ولم يكن تعسفيا أو تعمدا لفصل موظف، في الوقت الحالي لدينا استراتيجية جديدة، وهي أننا نريد أن نوظف، وبالتالي أتوقع أن يتضاعف عدد موظفي البنك إلى أربعة أضعاف خلال خمس سنوات، نحن سرحنا 120 موظفا، ولكن خلال الخمس سنوات القادمة قد نوظف أكثر من 1500 شخص.

* وماذا عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟

- المنشآت الصغيرة والمتوسطة هي من أهم جوانب العمل المصرفي، وذلك لسببين الأول منها بسبب أن الأغلبية العظمى من النشاط الاقتصادي يتركز على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث إن أكثر نسبة توظيف في الاقتصاد في هذه المنشآت، ولذلك عندما يتم التوسع فيها يزيد بدوره التوظيف ويزيد النشاط الاقتصادي، وهذا ينعكس على الاقتصاد الكلي، الجانب الآخر بالنسبة لدعم البنوك للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يعتبر أكثر ربحية من أي قطاع آخر، ولذلك يهم البنك أن يكون له نشاط في هذا القطاع، ولكن العمل في هذا القطاع يحتاج إلى مهارات ويحتاج إلى إمكانات وخبرات ومعارف لا تتوفر حاليا، ولأنه كما قلنا سابقا إن البنك لديه تجربة طويلة جدا في دول الخليج وإنه يتعامل مع كبار العملاء أو قل الشركات الكبيرة والتي يختلف التعامل معها اختلافا كبيرا عن الشركات الصغيرة والمتوسطة، طبعا تغير سياسة البنك في الإقراض من ناحية، ودخوله في قطاع التجزئة من جانب آخر من شأنه أن يؤهل البنك تدريجيا ليبدأ بتفهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة أكثر، ويبدأ في التوسع في علاقاته معها بشكل أكثير، وهذه تبنى على المدى الطويل على مدى خمس أو سبع سنين، وذلك لأن كيفية تعرف البنك على المنشآت الصغيرة والمتوسطة تبدأ عن طريق التعامل مع المالك مثلا أو المعمدين عن الشركات كأن يفتح حسابا للفرد صاحب المنشأة، وبالتالي يتعرف البنك على النشاط والدخل وما عنده وما ليس عنده بشكل تفصيلي، ومن ثم يبدأ يتعرف على شركة الفرد بشكل مباشر وهذا يحتاج بالطبع لوقت.

* كيف ترى مستقبل الاقتصاد الخليجي؟

- مستقبل الاقتصاد الخليجي، لا شك أن الأزمة المالية الأخيرة أثبتت نجاعة السياسة المالية وسياسة النقد التابعة لدول الخليج، وخاصة السعودية، ويجب على دول المجلس تبني سياسات حصيفة وحكيمة بأساسيات عدم المجازفة أو حدود الرقابة، وبالتالي فإنه قياسا على التجربة السابقة نتوقع الاستمرار بمستقبل أفضل لاقتصادات خالية من مجازفة ومخاطرة، طبعا الأزمة المالية الحالية هي أزمة ما تزال مستمرة وتفاعلاتها مستمرة، وقد تكون أسوا من السابقة، وبالتالي انعكاساتها على الاقتصادات العالمية قد تكون بشكل أكبر بالذات المشكلات التي تواجهها أوروبا في الوقت الحاضر قد تقود إلى مضاعفة الأزمة، وذلك بانتقالها من القطاع المالي والتي كانت متركزة فيه إلى القطاع الاقتصادي بشكل عام ولا يزال هناك تشاؤم.