جامعتان سعوديتان تدحضان مزاعم شراء التفوق في التصنيفات العالمية

على أثر تقرير صحافي لمجلة «ساينس» الأميركية.. وتلميح برفع دعوى قضائية

الجامعات السعودية أضحت تنافس العديد من الجامعات العالمية في التصنيفات الدولية («الشرق الأوسط»)
TT

دحضت جامعة الملك عبد العزيز بجدة (غرب السعودية) المزاعم التي أطلقتها مجلة «ساينس ماجزين» الأميركية، بشأن دفع الجامعة مبالغ مالية لباحثين عالميين، وذلك لغرض الحصول على تحسين تصنيف مركز الجامعة في قائمة الجامعات عالميا، واعتبرت الجامعة أن تقرير المجلة تطرق إلى ذلك بشكل عام من دون دلائل أو إثباتات أو ما يوثق ما ذكر فيه.

وقال الدكتور عدنان بن حمزة محمد زاهد وكيل جامعة الملك عبد العزيز للدراسات العليا والبحث العلمي: «إن الجامعة سعت بالفعل إلى التعاقد مع عدد كبير من الأساتذة المتميزين للعمل فيها بنظام التفرغ الجزئي، وهذا حق مشروع للجامعة ومطبق في كثير من الجامعات العالمية المتقدمة، وقد أوصت بذلك الهيئة الاستشارية الدولية للجامعة، وإن الهدف من هذا الاستقطاب هو الاستفادة من الخبرات الدولية في دفع عجلة البحث العلمي في الجامعة».

وأكد زاهد على أن استقطاب العلماء المتميزين من مختلف الجامعات والمراكز البحثية العالمية جزء من استراتيجية الجامعة البحثية، مؤكدا على أن تشكيل مجموعات بحثية من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة بالمشاركة مع أساتذة عالميين يأتي في هذا الإطار.

وأوضح أن جامعته لا تهدف من التعاقد مع الأساتذة المتميزين إلى رفع ترتيبها في التصنيف الجامعي، وإلا كانت بدأت ذلك منذ عدة سنوات، موضحا أن حرصها على الاستقطاب هو لتطوير البحث العلمي المحلي، وهذا ما كان ليتم إلا بعد استكمال البنية التحتية البحثية، وهذا ما كانت تهتم به الجامعة في السنوات القليلة السابقة بحسب وصفه.

وكانت مجلة «ساينس ماجزين» الأميركية ذكرت في تقرير صحافي لها أن جامعتي الملك سعود والملك عبد العزيز، عرضتا رواتب كبيرة للباحثين مقابل أن تضاف أسماء الجامعتين في قائمة انتمائهم الأكاديمي، لتضاف أسماء الجامعتين بالتالي في الأبحاث التي يقوم بها هؤلاء الباحثون، مشيرة إلى أنه فقط يجب على الباحثين الوجود في السعودية لمدة أسبوع أو اثنين في العام.

وشدد وكيل جامعة الملك عبد العزيز للدراسات العليا والبحث العلمي، على أن مجلة «ساينس» لم تتصل رسميا بالجامعة كما ورد في المجلة، مؤكدا على أن النشر العلمي لجامعة الملك عبد العزيز من 400 إلى 550 خلال السنة السابقة، لافتا إلى أن هذا قبل أن يبدأ التعاقد مع الأساتذة المتميزين، وهذه زيادة طبيعية في معدل النشر العلمي في الجامعة، مما يعني أن عملية النشر العلمي ليست هدفا بحد ذاتها وإنما هو البحث العلمي.

وبين زاهد أن هناك أكثر من 50 مشروعا بحثيا تم تقديمها إلى عمادة البحث العلمي في الجامعة ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية يشارك فيها العلماء المتميزون الذين استقطبتهم الجامعة، بالإضافة إلى مشاريع منتجات صناعية يتوقع أن تنبثق عن التعاون الدولي.

إلى ذلك، أشارت المجلة إلى أن أحد الباحثين تلقى رسالة إلكترونية على بريده من جهة تدعي أنها جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وتعرض عليه مبلغا ماليا يصل إلى 72 ألف دولار في السنة، وذلك مقابل وضع اسم الجامعة ضمن قائمته الأكاديمية والبحوث التي يقوم بها وليس عليه العمل في الجامعة بدوام كامل، إنما يكتفي بالوجود في الجامعة لمدة أسبوع أو اثنين على الأكثر في العام.

وأشار زاهد إلى أن جامعة الملك عبد العزيز عملت الكثير من الإعداد العلمي لاستقطابهم للعمل بنظام التفرغ الجزئي، موضحا أن العديد منهم يزورون الجامعة في فترات متقطعة ويتم التواصل المستمر معهم عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، لافتا إلى أن ذلك ما أكدته مقالة مجلة «ساينس» أن أحد العلماء المتميزين، وهو عالم في الفلك من كندا، حين تلقى دعوة من جامعة الملك عبد العزيز للعمل معها بنظام التفرغ الجزئي فإنه تردد في البداية، لكنه عندما تحقق من جدية الجامعة ورغبتها في الاستفادة العلمية من خبراته فإنه وافق على المشاركة في عضوية مجموعة بحثية من الجامعة وتقدم مع أعضاء المجموعة بمشروع بحثي ما زال ينتظر القرار للحصول على الدعم المالي لتنفيذه.

ولمح زاهد إلى أن مشروعه كان عبارة عن إنشاء تليسكوب سيتم وضعه في منطقة القطب الشمالي حيث سيساهم معه أعضاء من هيئة التدريس في الجامعة.

وزاد وكيل جامعة الملك عبد العزيز للدراسات العليا والبحث العلمي: «تم إنشاء وحدة متخصصة لاستقطاب الأساتذة المتميزين ومتابعة عملهم بحيث لا يتم التعاقد مع أي من العلماء المتميزين إلا بعد زيارته للجامعة ومقابلة المتخصصين لتبادل الأفكار ثم تتم دراسة جدوى التعاقد معه».

وبين زاهد أن باتاتشارجي، كاتب المقال بمجلة «ساينس»، استنتج النتيجة بشكل خاطئ وأعطى حكمه على برنامج جامعة الملك عبد العزيز حول دعوة العلماء المتميزين للجامعة، لافتا إلى تقدير جامعة الملك عبد العزيز لإشارته إلى المنافع والملاحظات الإيجابية الأخرى لهذا البرنامج مثل عمل مقابلة مع الأساتذة الزائرين نيل روبرتسون من جامعة أوهايو الحكومية في أميركا، ورأي كارلبرج من جامعة تورونتو في كندا، وجين من جامعة أوهايو في أميركا.

وأبان زاهد أن جامعة الملك عبد العزيز تقوم بعمل استثمار استراتيجي من كل النواحي، موضحا أنها تفكر جيدا للاستثمار مستقبلا بالسعودية، لافتا إلى ما قامت به الولايات المتحدة الأميركية، التي استقطبت ألبرت آينشتاين براتب ضخم جدا، وكذلك استقطابها لعلماء كثيرين من أصحاب القدرات الفائقة في الستينات والسبعينات وحتى اليوم، ولمح إلى أن الجامعات تتبع نفس الإجراءات لجلب أناس للعمل بنظام التفرغ الكامل أو الجزئي.

وكشف زاهد عن أن جامعة الملك عبد العزيز بدأت برنامجا مماثلا في مارس (آذار) 2010 الماضي، في الرياضيات وبموجبه فإن عدة علماء رياضيات مرموقين زاروها وأعطوا دورات مكثفة حول المواضيع الساخنة للأبحاث الحالية، وتعاونوا في كتابة أوراق علمية وبدأوا في كتابة كتابين، أحدهما للعلماء الباحثين والثاني لطلبة الماجستير، مشيرا إلى أن هذا البرنامج تم تمديده ليشمل كل الاختصاصات بدعوة أساتذة زائرين متميزين للمشاركة في المشاريع البحثية.

وشدد زاهد على أن جامعته تؤكد حرصها على تطوير البحث العلمي داخل الجامعة بهدف خدمة الوطن، مشيرا إلى أنها لا تهدف إلى السعي خلف تصنيفات أو فرقعات إعلامية زائفة، لافتا إلى أن تاريخ الجامعة وحاضرها يشهد بذلك، داعيا في ختام تصريحه إلى دعوة من يرغب في الاتصال بوحدة استقطاب العلماء المتميزين بالجامعة لترتيب مقابلات مع الأساتذة والمتعاونين من السعوديين للتأكد مما ذكر.

من جانب آخر، قال الدكتور علي الغامدي وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي «لا نعلم النيات التي تأتي خلف مثل هذه التقارير، التي تسيء للمملكة بشكل عام وللتعليم العالي بشكل خاص، ويجب ألا نلتفت إليها ولا نعطيها أكبر من حجمها».

وأضاف الغامدي قائلا: «من حق الجامعات أن تستقطب الممارسة العلمية من مختلف جامعات العالم، والاستفادة منها كمرجعية»، مشيرا إلى أن التعليم العالي في المملكة شهد في الفترة الأخيرة تطورا كبيرا، «ومن الطبيعي أن يكون لكل إنجاز بعض التحديات مثل هذه التقارير».

وتمنى الغامدي أن يكون التقرير عادلا في طرح مثل هذا الأمر، معتبرا أن التقرير غاب عنه الدعم اللامحدود للتعليم العالي من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، سواء في التوسع الأفقي في أعداد الجامعات أو أعمال البحث العلمي، وكذلك الحوافز التي أقرها مجلس الوزراء قبل أربعة أعوام.

وأوضح الغامدي أن التقرير مأخوذ مما كتبه بعض أبناء الجامعة في الصحف المحلية، وقال: «ولو لاحظ البعض.. أن ما كتب في التقرير مشابه بالنص لما كتبه بعض أبناء الجامعة في الصحف المحلية، وهي مزاعم لا تعكس الحقيقة».

وعن رفع شكوى ضد المجلة التي أصدرت التقرير، قال وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي: «ليس من اختصاص الجامعة رفع شكوى ضد المجلة، لكونها ليست الجامعة الوحيدة المتضررة، فالأمر يعود إلى وزارة التعليم العالي».

يشار إلى أن مجلة «ساينس ماجزين» الأميركية ذكرت أن عددا كبيرا من الباحثين في أكثر من 60 تخصصا علميا قبلوا عروض جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وهي ذات الطريقة التي رفعت بها جامعة الملك سعود بالرياض تصنيفها العالمي، وفقا لما ذكرته المجلة.

وأضافت المجلة أن الأكاديميين الذين قبلوا بعروض جامعة الملك عبد العزيز يمثلون عددا كبيرا من أعضاء هيئة التدريس في نخبة من الجامعات الأميركية وكندا وأوروبا وآسيا وأستراليا، وبعضهم تقاعدوا مؤخرا من الجهات التي عملوا لها في بلدانهم وتغيرت انتماءاتهم لوضع اسم جامعة الملك عبد العزيز في بحوثهم العلمية.