عبد الحميد جمعة: التوازن بين الفن والجماهيرية مطلوب

«الشرق الأوسط» في مهرجان دبي السينمائي الدولي 4

TT

بعد افتتاح دورة هذا العام من مهرجان دبي السينمائي الدولي بالجزء الرابع من فيلم «مهمة: مستحيلة» تلقى المهرجان استفسارات تتساءل عما إذا كان عرض هذا الفيلم الذي حضره صانعوه ونجمه توم كروز، سيكون دلالة على أن المهرجان الإماراتي الأول سيتحول من مهرجان يهتم بفن السينما إلى مهرجان تجاري وإعلامي في النطاق الأول. يقول رئيس مهرجان دبي السينمائي الدولي عبد الحميد جمعة: «منذ زيارتي الأولى لمهرجان (كان) قبل عدة سنوات سمعت هذا القول يتردد ومفاده أن مهرجان (كان) بات يميل إلى التجارة أكثر من ميله إلى الفن. والآن هناك من يقول ذلك لمجرد افتتاحنا بفيلم تجاري كبير. لكن الحقيقة هي أن هذا التوازن مطلوب لذاته ولن نتخلى عنه. ومن يدري، ربما لا نجد فيلما هوليووديا كبيرا في العام المقبل فنعرض فيلما مستقلا أو صغيرا بالمقارنة».

في يومه الرابع يطرح المهرجان هذا التوازن بفاعلية كبيرة. نعم هناك أفلام أميركية، وهناك افتتاح لواحد من أكبر إنتاجات هوليوود الأخيرة، لكن هذا لا يلغي أن معظم المعروض هو كما يتوقعه الآتون إلى هذا المهرجان: عدد كبير (171 فيلما) من الأعمال ذات الاهتمامات الفنية التي تكشف عن المواهب عربية أو أفريقية أو آسيوية أو أوروبية أو أميركية.

في الواقع، الجمع بين الأفلام الجماهيرية (على قلتها) والأفلام الفنية (التي تشكل نحو 95 في المائة مما هو معروض) ليس فعلا صعبا بحد ذاته. المهرجان استوى في هذا العام كالمكان الذي يفضل السينمائيون العرب وغير العرب الالتقاء عنده والمناسبة الأكثر تعبيرا عن السينما العربية. هذا ليس للقول إن المهرجانات الكبيرة الأخرى فشلت في تقديم سينمات عربية أو أنها ليست مقصدا بدورها، لكن الواضح أن «دبي» لا يزال، رغم المنافسة، الأكبر بينها جميعا على صعيد الاستقطاب وعلى صعيد نواح معينة في التنظيم (هناك ما يؤخذ عليه لكن ليس بالنحو المسيء)، وعلى صعيد التعبير عن واقع السينما العربية من خلال الكم الكبير من الأفلام التي يوفرها من لبنان ومصر وتونس والمغرب والمنطقة الخليجية بأسرها وسواها.

كيف، وهو السؤال الثاني لعبد الحميد جمعة، يستطيع مهرجان دبي ضمان كل هذا العدد الوفير من الأفلام، وهو كامن في نهاية سلسلة من المهرجانات الكبيرة؟

«هذا يتم بفضل فريقنا من المبرمجين الذين يبذلون الكثير من الجهد لضمان اشتراك الأفلام الجيدة. يدهشني هذا البذل الذي أراه بينهم. كذلك يعود إلى إدارة مسعود أمر الله آل علي، مدير المهرجان الفني. نحن لا نقول لأحد إن عليك أن تعرض فيلمك عندنا. طبعا نحب لو اختارنا، لكن هناك مهرجانات أخرى في المنطقة وكلها تسبقنا في مواعيدها، والمخرج أو المنتج حر في اختيار المهرجان الذي يريد وحر في العودة إلينا متى أراد. هذا أمر راجع إليه وحده.ما علينا القيام به هو أن نكون في أفضل حالاتنا وتأمين أقصى ما نستطيع من عناصر تساعد السينمائيين والسينما العربية عموما على انتهاز هذه المناسبة الناجحة». إنه بذل في مكانه ما يستطيع المرء أن يلحظه ويعايش نتائجه، لكن الصورة من الداخل - تلك التي تبدأ قبل تسعة أشهر من كل دورة جديدة - هي التي ترتسم بوضوح إذا ما أراد المرء الإمعان في كيف استطاع المهرجان في ثمانية أعوام أن ينجز كل ما أنجزه إلى اليوم، وهو كثير.