دفاع عن الاحتراف.. دفاع عن اللاعبين

محمود تراوري

TT

دقق للحظة في عيني أي لاعب، خاصة من اللاعبين «السوبر ستار» - وهم محدودون تقريبا في الملاعب السعودية - سترى بعيدا عن الجانب الحسي من حيث علامات صحة الأبدان، شيئا من القلق وكثيرا من الحيرة التي تصل حد الخوف أحيانا عند بعضهم. عينين مكتظتين بكل هذا، مرفقا بأسئلة ملتبسة عن الواقع، والمستقبل.

بت أخيرا أضبطني متلبسا بانحياز شديد العاطفة ناحية اللاعبين، الواقعين تحت ضغط نفسي هائل، غالبا ما يغشى نجوم المجتمع أو من يسميهم علم الإعلام «قادة الرأي».

يتعرض اللاعبون لضغط شنيع من الرأي العام، ربما لا يتوازى أبدا مع طاقاتهم الذهنية وتكوينهم الوجداني، في ظل ظروف اجتماعية لا تتيح نموا سليما - في الغالب - لوجدان الفرد وآليات تفكيره، مما يمكنه من السيطرة على انفعالاته، لتسير به نحو حياة نبيلة.

من حالة تؤمن بتعبيرية تلقائية بسيطة - على مستوى الخطاب - إلى منبر فضائي مفتوح ومباشر، مكشوف، يتطلب حضورا ذهنيا مصحوبا بطاقة كلامية هي بالضرورة نتاج المكون الاجتماعي للاعب، بكل تفاصيله.

نقسو على لاعبينا حين يخطئون، ونعنفهم بآلية مدرسية في كل مرة، ونبدو حالمين، دون أن نفكر مرة في تأمل الظاهرة بوعي صارم يوصلنا لجذور المشكلة، فنعالجها منهجيا، لتختفي أو على الأقل تبقى في حيز صغير وفي مستويات متدنية. ربما تكون واقعة حسين عبد الغني الأخيرة، خير مثال يمكن أن نطبق عليه معاني السطور أعلاه.

وأنا لا أريد التورط بالقول إنني أتعاطف معه الآن، ذلك أنه فرد في مجتمع كبير، «عود من حزمة» بحسب المثل.

قدر ما أتعاطى مع الواقعة من زاويتي. أنها انفجار مدوي لأشياء ضاغطة على أعصابه وتفكيره، يختلط فيها الذاتي - كونه آخر من تبقى تقريبا من جيل رحل في مصائر متناقضة غالبية أفراده - مما يشعره بالغربة في الميادين، والموضوعي وهو المتعلق بوضعية فريقه الذي يفترض أن ينهي فيه حياته الكروية كلاعب وكلاهما في القمة. الأشياء الضاغطة أكبر من قدرة اللاعب على الاحتمال، إذا ما تذكرنا أنه بشر مثلنا، وليس آلة ترفيه وتسلية تنفس عنا احتقاناتنا وتمنحنا بهجة صغيرة عابرة.

تجربة مر بها نجوم مشاهير لعل أقربهم للذاكرة ياسر القحطاني ومحمد نور وإبراهيم ونايف هزازي وعبده عطيف وأسامة هوساوي وغيرهم.

وطالما أننا نعيش عصر الاحتراف، علينا أن نصحبه بما لن يكتمل الاحتراف دونه مثل راتب تقاعدي من التأمينات الاجتماعية، وجمعية محترفين، تعرف كيف تحافظ على حقوق المحترفين بعد أن يكونوا قد عرفوا جيدا واجباتهم، وأدركوا متطلبات المهنة.

حينها يمكن أن تخف قسوتنا أو تقل طرحا، تجاه لاعبين ربما تحرروا من شيء من الضغوط، فينضبطون أكثر. ويكونون بشرا حقيقيين وجميلين أيضا.