80 ألفا من فلسطينيي 48 يتظاهرون احتجاجا على مخطط لـ«نكبة» في النقب

حكومة نتنياهو تخطط لمصادرة نصف مليون دونم من أراضيهم

مئات البدو ممن شاركوا في المظاهرة أمام مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية يؤدون الصلاة في القدس (إ.ب.أ)
TT

تظاهر نحو 80 ألفا من المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، أمس، أمام مكتب رئيس الحكومة، احتجاجا على مخطط يقضي بمصادرة نحو 500 ألف دونم من الأراضي العربية في النقب، وتهجير نحو 40 ألف مواطن من هذه الأراضي. وقد رفع المتظاهرون شعارات وأطلقوا هتافات تنادي بوقف سياسة الاضطهاد الحكومية، وتناشد العالم التدخل لرفع الجور عنهم وإلغاء المخطط المذكور، والمعروف باسم «مخطط برافر».

كانت الحكومة تعقد جلستها العادية خلال المظاهرة، وتستعد لبحث مشروع قانون يلغي الأذان في المساجد في إسرائيل، فأقام المتظاهرون صلاة الظهر وأسمعوا الأذان عبر مكبرات الصوت ليصل إلى آذان الوزراء، علما بأن أكثريتهم الساحقة قررت رفض مشروع القانون وعدم طرحه على جدول أبحاث الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).

كان المخطط الحكومي الإسرائيلي قد اشتمل على مشروع يهدف إلى مصادرة الأرض العربية في النقب، بهدف إقامة مستوطنات يهودية عليها، وكذلك قواعد للجيش الإسرائيلي ومناطق للتدريب. ووصفه د. ثابت أبو راس، مدير مركز «عدالة» القانوني في النقب، بأنه «نكبة أخرى لهذه الشريحة من الشعب الفلسطيني». وقال إنه بعد أكثر من سنتين ونصف السنة من الاستعدادات والنقاشات في الدوائر الحكومية، توصلت «لجنة برافر»، إلى ضرورة سلب حقوق ملكية عرب النقب في أراضيهم. هذه الخطة لو صادقت عليها الحكومة مع التعديلات الأخيرة، تنص على التهام نحو 500 ألف دونم من أصل 600 ألف دونم من أراضي عرب النقب التي ترفض الحكومة تسجيل ملكيتهم لها. وتنوي حكومة إسرائيل سن قانون خاص في الكنيست لتمرير هذه الخطة العنصرية، لتجعل من سكان القرى غير المعترف بها مخالفين للقانون بمجرد سكنهم على أراضيهم. وللمقارنة فإن كل ما يملكه المواطنون العرب في الجليل والمثلث بملكية خاصة لا يزيد على 650 ألف دونم. أي أن الحديث يدور عن مصادرة أراض تساوي أكثر من 75% مما يملكه فلسطينيو 48، أي «نكبة صغرى» يجب عمل المستحيل من أجل تجنبها. وأشار إلى أن رجال الجهاز العسكري الإسرائيلي، هم الذين يديرون هذا المخطط؛ حيث إن إيهود برافر، رئيس اللجنة الحكومية التي أعدت المخطط، هو من جهاز المخابرات، ووظيفته الأخيرة كانت نائب رئيس مجلس الأمن القومي. أما الجنرال يعقوب عميدرور، رئيس مجلس الأمن القومي الحالي، الذي يتولى مسؤولية المشروع من طرف الحكومة، فهو من أدخل التعديلات الأخيرة على الخطة وجعلها أكثر سوءا، بضغط من وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، وأحزاب اليمين المتطرف. مقابل ذلك وعلى الأرض، يترأس السلطة لتوطين عرب النقب ضابط الشرطة المتقاعد، إيهود بخار. الأنكى من ذلك أن الحكومة الإسرائيلية تنوي تعيين الجنرال دورون ألموغ إياه (الذي لا يستطيع دخول بريطانيا بسبب اتهامه بجرائم حرب) مسؤولا من قبل الحكومة عن تنفيذ المخطط. وهذا دليل – يضيف أبو راس – على أن الحكومة الإسرائيلية تتعامل مع عرب النقب وكأنهم مشكلة أمنية وبحاجة لجنرالات لحلها وليست مسألة مدنية.

ويوضح أبو راس أن وراء هذه الخطة برنامجا ليس فقط لإخلاء المناطق الخصبة الواسعة شمال غربي النقب من سكانها العرب، بل أيضا لهدم قرى غير معترف بها محاذية للخط الأخضر مثل: أم الحيران وعتير وسعوة وتل عراد، هدفه إبعاد عرب النقب عن المناطق الحدودية مع قطاع غزة وجبال الخليل وبالتالي منع التواصل الديمغرافي الموهوم بين شقي الدولة الفلسطينية العتيدة.

كانت مظاهرة الأمس أمام مقر الحكومة الإسرائيلية جزءا من معركة شاملة تخوضها الجماهير الفلسطينية في إسرائيل بوحدة صف تامة؛ حيث شارك فيها قادة جميع الأحزاب العربية الوطنية. وترافقت مع إضراب عام للمدارس والمحال التجارية. وقد تطرق الخطباء في المظاهرة إلى ضرورة رفع مستوى هذه المعركة إلى المستوى الدولي في حال فشل الجهود لإلغاء خطة الحكومة محليا. وأجمعوا على الاستعداد لمواصلة النضال الموحد في هذه القضية. وقال رئيس حزب التجمع، واصل طه: إن المشاركة في المظاهرة فاقت كل التوقعات، وحقق الإضراب نجاحا باهرا. وأشار إلى أن هذا النجاح يحمل رسالتين، أولا لحكومة إسرائيل بأن شعبنا موحد خلف قضية النقب، والرسالة الثانية هي لمن راهنوا على الفشل فخذلهم شعبنا بهبته للدفاع عن قضيته. وأضاف موجها حديثه لرئيس الحكومة الإسرائيلية: سجل في مفكرتك، اليوم هو أحد أيام نضالات فلسطينيي الداخل، النقب ليس وحيدا وقضيته بالنسبة لنا قضية وطنية من الدرجة الأولى. وأضاف طه أن الديمقراطية الإسرائيلية هي بالنسبة للمواطنين العرب نظام «أبرتهايد»، ولا يعترف هذا النظام العنصري بقرى عمرها أكثر منه. من جانبه، أكد رئيس لجنة المتابعة، محمد زيدان، أن فلسطينيي الداخل لن يفرطوا بأرضهم. في حين أكد باقي المتحدثين أن النضال سيتواصل حتى هزيمة مخطط «برافر».

وقد رد الناطق بلسان رئيس الحكومة، أوفير غندلمان، على هذه المظاهرة قائلا: «إن الخطة لتسوية سكن البدو في النقب تهدف إلى دمج المواطنين البدو في وتيرة التطور التي سيشهدها النقب خلال السنوات القريبة، وأيضا إلى زيادة نسبتهم في هذا التطوير المنشود. وتعرض الخطة تسوية عادلة لقضيتي الأراضي وتخطيط الإسكان، من خلال إجراء الحوار وبقاء معظم السكان في مسكنهم الحالي أو بالقرب منه. وتشمل الخطة استثمارات غير مسبوقة في التطور والنمو الاقتصاديين، وهي تعتمد على تقرير لجنة غولدبرغ التي أصغت إلى آراء المئات من البدو، والتي عينت بدويين عضوين فيها. علاوة على ذلك، بدأت الحكومة في إطار هذه الخطة بعملية إصغاء إلى السكان البدو وجمع ملاحظاتهم، وذلك من خلال لجنة يترأسها الوزير بني بغين الذي تم تكليفه لهذه المهمة من قبل رئيس الوزراء نتنياهو.