الصدر يحمل بشدة على المالكي بعد زيارته واشنطن ويتهمه بالخضوع

انتقد بشدة زيارة رئيس الوزراء للجندي المجهول الأميركي.. واعتبر أن شعبيته ستتراجع

مقتدى الصدر
TT

لم يفسد الخلاف (حول سوريا) بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي يزور واشنطن حاليا لـ«الود قضية» بين الطرفين، لا سيما على صعيد البدء بمسار جديد للعلاقة بين بغداد وواشنطن، التي تنهي نهاية هذا العام احتلالها العسكري للعراق بانسحاب آخر جنودها منه، متعهدة بالبقاء قريبة من العراق لجهة محاولة أي جهة التفكير باحتوائه أو الاعتداء عليه في أكثر من إشارة إلى إيران.

كبار المسؤولين الأميركيين في العراق، العسكريين والمدنيين، قطعوا، خلال الفترة القليلة المتبقية من وجودهم في العراق، الشك باليقين على صعيد استمرار التزام واشنطن حيال بغداد على كل المستويات.

المالكي، من جانبه، الذي قيل إنه ذهب إلى واشنطن مستأجرا طائرة إماراتية بدلا من طائرته الرئاسية التي كانت قد أهدتها إيران له، ذهب بعيدا خلال مؤتمره الصحافي المشترك مع أوباما بشكر الولايات المتحدة على ما قدمته للعراق خلال السنوات التسع الماضية. كما أن المالكي قام بوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي الأميركي المجهول الكائن في مقبرة الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في العراق، الأمر الذي يمكن أن يضاعف من غضب بعض القوى السياسية في العراق، وفي المقدمة منها التيار الصدري الذي حمل زعيمه مقتدى الصدر بشدة على المالكي بسبب قيامه بهذه الزيارة.

واعتبر الصدر، في بيان له، ردا على استفسار من أتباعه بشأن هذه الزيارة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «في ذهابه (المالكي) خضوع وضعف سياسي، خصوصا في خضم الضغوط الأميركية ضد الحكومة العراقية لإعطاء الحصانة لمن سيبقى منهم بغير حق في الأراضي العراقية، وستتراجع شعبيته في العراق؛ لأن أغلب الشعب لا يحبذ ذلك»، معتبرا أن «في ذهابه تقليدا أعمى لمن قبله أو من هو من أقرانه».

ومضى الصدر في أول هجوم شديد اللهجة ضد المالكي قائلا إنه «بالإضافة لذلك فإن الزيارة على الصعيد الديني مخالفة لأمر الدين والعقيدة، بل وتشويه لها، فما من مسلم شيعي يرضى الذهاب لراعية الظلم والإرهاب بل الاستكبار العالمي والاستعمار الظالم بعينه». ولم يكتفِ الصدر بذلك، بل إنه وضع المالكي في مواجهة مباشرة مع المرجعية الشيعية العليا قائلا: «إن فيها مخالفة واضحة للمرجعية الدينية بكل جهاتها وأفكارها وتوجهاتها». ودعا الصدر حزب الدعوة، الذي يقوده المالكي، إلى «استهجان الزيارة، واستنكارها على أقل تقدير للحفاظ على سمعتهم العقائدية؛ لأن فيها مخالفة لأسس حزبه ومنطلقاته».

كما اعتبرها «مخالفة للدماء التي سالت على أرض الوطن بسبب الاحتلال وجنوده، ومخالفة للخط العام الرافض للاحتلال، سواء في ذلك المقاومون عسكريا أو سياسيا أو حتى إعلاميا واجتماعيا، ومخالفة لشريكه (الظاهري) الوحيد في العملية السياسية». غير أن الصدر لم يحدد من هو المقصود بـ«الشريك الظاهري» للمالكي، علما بأن الصدريين كانوا هم من رجَّح كفة المالكي عند اشتداد المنافسات لتشكيل الوزارة، التي انحصرت بين إياد علاوي، زعيم القائمة العراقية التي حصلت على أعلى الأصوات في انتخابات مارس (آذار) 2010، وعادل عبد المهدي (القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي) وإبراهيم الجعفري (رئيس تيار الإصلاح).

ومضى الصدر في الهجوم على المالكي قائلا إن زيارته مخالفة أيضا «لمشاعر المسلمين وبعض الدول الصديقة، ومنها لبنان وسوريا وإيران وباكستان وأفغانستان، ولما يعانونه بسبب الوجود الأميركي أو تدخلاتهم البغيضة، بل وحتى جميع دول المعارضة والمقاومة والممانعة». وفي الختام توجه الصدر بنصيحة أخيرة للمالكي قائلا: «وأنصحه أخيرا وبعد ذهابه، بزيارة الجالية العراقية، وعدم زيارة موتاهم ومقابرهم، أعني الجيش الأميركي، وزيارة دول أخرى غير أميركا مساوية لها أو تكاد، كذلك الاعتذار للثكالى والمعتقلين والأسرى والجرحى والمتضررين والمحرومين بسبب دولة الشر أميركا».

لكن المالكي، من جهته، خيب آمال شريكه الفعلي في التحالف الوطني زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عندما حمل بمشاركة مضيفه أوباما إكليلا من الزهور ليضعه على قبر الجندي المجهول الأميركي في المقبرة التي تضم رفات القتلى من الجيش الأميركي في العراق، وهي إشارة رمزية ذات دلالة مهمة وبدت مقصودة من قبل الجانب الأميركي في هذا الظرف بالذات.

كانت الولايات المتحدة قد أعلنت، عشية قيام رئيس الحكومة العراقية بزيارة إليها، أنها وافقت على مضاعفة عدد الطائرات من طراز «إف 16» المقرر بيعها إلى العراق. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تومي فيتور: إن إدارة البيت الأبيض أبلغت، أول من أمس، الكونغرس عزمها بيع 18 طائرة «إف 16» إلى العراق كدفعة ثانية من الطائرات، مبينا أن «هذه الصفقة تعكس التقدم الذي حققه العراق في ضمان أمنه وتصميمه على حماية سيادته واستقلاله».