صالونات تصفيف الشعر تنتعش في بغداد وتنافس بيوتات الجمال اللبنانية

سلعة الجمال باتت مطلوبة بعد من سنوات العنف الطائفي

أحد محلات الكوافير التي انتشرت في العاصمة العراقية («الشرق الأوسط»)
TT

تعترف الكوافيرة الشابة رونزا مراد بأنها اعتمدت أول الأمر على شهرة والدها حلاق الفنانين الأشهر في بغداد كريم مراد في الحصول على زبائن مهمين، خصوصا بعد أن منع النظام السابق الرجال من ممارسة مهنة تصفيف الشعر في الصالونات النسائية، لكنها اليوم صارت من أشهر الحلاقات المتخصصات بفنون الجمال والعناية بالبشرة وتقديم كل ما تطلبه الفتيات العراقيات من طرق حديثة عبر محلها الأنيق وسط شارع المنصور أحد أرقى شوارع العاصمة بغداد. رونزا لم تتعد عامها السابع والعشرين لكنها حرصت على إدارة محلها المميز بديكوراته الأنيقة بنفسها ومساعدة ثلاث عاملات وزوجها الذي يأخذ حصته بعدالة كما يقول في جذب الزبونات. تقول رونزا لـ«الشرق الأوسط»: إن «ممارسة مهنة تصفيف الشعر لم تكن يسيرة أول الأمر بعد أن غلب العنف الطائفي البلاد في سنوات 2006 - 2008 وصار بصعوبة بمكان أن تسير الفتاة لوحدها في الشارع لا أن تدخل محلا للحلاقة». وتتابع قائلة «نقلنا عملنا أنا وإخوتي إلى السليمانية في إقليم كردستان ونجحنا هناك بإقامة مجمع متكامل لكل ما تحتاجه المرأة العصرية. وعندما تحسنت الأوضاع الأمنية في بغداد مطلع 2009 افتتحنا محلنا في نادي الصيد العراقي، وبعدها انتقلت هنا لأمارس عملي وحدي بمساعدة زوجي».

وعن إقبال النساء على محال اليوم قالت رونزا «النساء اليوم أكثر اهتماما ببشرتهن وجمالهن خصوصا بعد أعوام من الحروب والتشدد والعنف الطائفي، إضافة إلى ارتفاع مدخولات النساء العاملات في السلك الحكومي ما بعد سقوط النظام السابق وانتشار القنوات الفضائية التي تروج عبر برامجها ووجوهها الفنية والإعلامية لأحدث طرق الجمال والعناية بالبشرة». ومضت تقول «نسعى لتقديم كل ما تقدمه بيوتات الجمال المشهورة في لبنان وبقية دول المنطقة العربية ونمتاز بأسعارنا المناسبة» مشيرة إلى أن عملها «مرتبط باستقرار الأوضاع الأمنية، وكذلك على الحالة الاقتصادية للمنطقة وتوجهاتها الدينية، فنحن لا ننجح مثلا لو نقلنا محلنا إلى منطقة متشددة دينيا سواء كانت شيعية أم سنية». وعن أهم ما تطلبه الفتيات اليوم قالت رونزا «تأتينا طلبات كثيرة لتركيب الشعر الاصطناعي وتمليس الشعر بمادة الكيراتين، إضافة إلى علاجات العناية بالجسم وتقليم الأظافر، ونفخ الوجنات، وحقن الوجه بمادة البوتكس على يد طبيبة اختصاص» وتستطرد رونزا لتقول «كثيرا ما تزورني فنانات أو مذيعات شابات يطلبن عمل التسريحة الجاهزة (الباروكة) التي شاع استخدامها تبعا لاعتدال أسعارها وجمالها».

إحدى الزبونات واسمها مريم محمد (17 عاما) طلبت من صاحبة الصالون خلال وجودنا أن تعمل لها تسريحة غريبة صارت مفضلة لدى بنات «الايمو» اليوم وهي عبارة عن قصة قصيرة من جهة وطويلة من جهة أخرى، وعن ذلك علقت رونزا بأن طلبات غريبة تحاكي الموضات العالمية تطلبها شابات اليوم خصوصا من الجامعيات اللواتي يطلبن أحيانا رسومات (وشوما) غريبة أو تعليق خرزة على الحاجب والأنف وغيرها».

ولا تخفي الحلاقة أم سيف صاحبة صالون «حواء» في منطقة شارع فلسطين ببغداد خلال حديثها معنا عن أسفها لامتهان غير المختصات المهنة بالاعتماد على المستحضرات الكيماوية الجاهزة في حين أن بعض تلك الخلطات تكون خطيرة لدى استخدامها الخاطئ وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعايات التي يظهرها التلفاز تصور بعض المستحضرات على أنها وصفات سحرية وسهلة الاستخدام في حين أنها بعيدة عن أعين الرقابة أحيانا». وعن الفرق بين عملها بين الأمس واليوم قالت «أمس كان عملنا مقتصرا على صبغ وقص الشعر الآن تطور الأمر إلى ما يشبه تغيير وجه المرأة تماما بعمليات الفلر والبوتكس والتاتو وتركيب الشعر وغيرها من عمليات صرنا نقدمها هنا تبعا لطلبات الزبونات». وتتابع قائلة «تأتينا طلبات من المحافظات وكثيرات من المحجبات من النجف أيضا للعناية بشعرهن وعمل التاتو (رسم الشفاه والحاجب) بسبب أن المحافظة التي يعشن فيها لا تسمح لصالونات الحلاقة بتقديم تلك العمليات كونها تصطدم بتحذيرات دينية متشددة».

في حين لجأت الحلاقة أم تضامن في منطقة باب الشيخ (إحدى المناطق الشعبية في بغداد) إلى أسلوب المراوغة في عملها فبعد أن عمدت إلى إغلاق محلها أكثر من مرة بسبب ضغوطات المتشددين لأسباب دينية تقول إنها عاودت فتحه كونه مصدر رزقها الوحيد وتحت إلحاح نساء المنطقة بوضع لافتة على باب المحل مكتوب عليها «نستقبل المحجبات ونمتنع عن عمل التاتو والوشم». وتصف أم تضامن عملها لـ«الشرق الأوسط» بأنه «محكوم بعادات وظروف المنطقة من الناحية الدينية وكذلك الحالة الاجتماعية له». ولم تخف مخاوفها التي كانت تنتابها وابنتها العاملة معها بعد تلقيهما أكثر من مرة لتهديدات بالقتل وحرق محلها في فترة العنف الطائفي لكن هذه المخاوف قلت الآن بشدة بفضل تحسن الوضع الأمني.